الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ مفتي عام المملكة العربية السعودية
س:
هل الشخص عندما يتزوج فتاة يكون ذلك مكتوبا عند الله من قبل
؟
ج: ما يجري في الكون كله قد علمه الله وشاءه وكتبه فهو سبحانه يعلم ما كان وما يكون، وما لم يكن ولو كان كيف يكون، لا يعزب عن علمه شيء، ولا يجري في كونه شيء إلا بمشيئته وتقديره، فله سبحانه القدرة التامة والمشيئة النافذة، وقد كتب سبحانه مقادير الخلائق قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه:«كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة قال: وعرشه على الماء (1)» أخرجه مسلم. وفي حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه الذي حدث به وهو في مرض موته: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن أول ما خلق الله القلم فقال له اكتب فجرى بما هو كائن إلى الأبد " أخرجه الترمذي والإمام أحمد في مسنده وزاد: " يا بني إن مت ولست على ذلك دخلت النار (2)»
(1) صحيح مسلم القدر (2653)، سنن الترمذي القدر (2156)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 169).
(2)
سنن الترمذي القدر (2155).
وهذا التقدير هو التقدير العام المكتوب في اللوح المحفوظ، وهناك تقدير عمري يكتبه الله على عبده وهو في بطن أمه، يكتب عليه ما قدر له، وهذا جاء في حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق: «إن أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يوما، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث إليه ملكا بأربع كلمات فيكتب عمله وأجله ورزقه وشقي أو سعيد، ثم ينفخ فيه الروح (1)» . . . " الحديث. أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما.
وهناك التقدير السنوي الذي جاء في قوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ} (2){فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} (3)، وهي ليلة القدر ينزل فيها ما قدر الله في تلك السنة كلها.
وهناك التقدير اليومي يقول الله سبحانه وتعالى: {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} (4).
وبهذا تعلم أن أمر زواجك من تلك الفتاة أو غيرها، بل ما هو أعظم من أمر الزواج أو أحقر كل ذلك قد علمه الله وقدره وشاءه وكتبه، ومن تدبر هذا زاد إيمانه بربه وعلم عظيم إحاطته سبحانه وعلمه، يقول جل وعلا:
(1) صحيح البخاري أحاديث الأنبياء (3332)، صحيح مسلم القدر (2643)، سنن الترمذي القدر (2137)، سنن أبو داود السنة (4708)، سنن ابن ماجه المقدمة (76)، مسند أحمد بن حنبل (1/ 414).
(2)
سورة الدخان الآية 3
(3)
سورة الدخان الآية 4
(4)
سورة الرحمن الآية 29
فكونك تتزوج بهذه أو تلك كل ذلك بقدر الله سبحانه، وقدره سابق ولا بد أن يقع، يقول أبو الدرداء رضي الله عنه:«إن الرزق يطلب العبد أكثر مما يطلبه أجله» أخرجه البيهقي في الشعب ورجح وقفه هو والدارقطني. والله تعالى أعلم.
(1) سورة يونس الآية 61
س: نحن عائلة كاملة مبتلاة بالجن رغم قراءة القرآن. فماذا نفعل؟
ج: أولا: عليكم التحصن بالإيمان بالله وقوة اليقين به سبحانه، وانصراف القلب بكليته لربه والانطراح بين يديه والإلحاح بالدعاء عليه والاستعاذة به من شر كل ذي شر، والإكثار من الذكر والدعاء وتلاوة القرآن عن تدبر ويقين. فإن من فعل هذا زال عنه ما يجد بإذن الله، فإن الجن خلق من خلق الله تحت ملكه وتدبيره سبحانه، والله تعالى يقول:{وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} (1)، فالمؤمن بالله الموقن به الموحد له، والمؤمن بهذا الكتاب وبأنه نافع من أدواء القلوب والأبدان هذا هو الذي ينتفع به، وبحسب قوة الإيمان واليقين يكون الانتفاع، فإن الشفاء لا بد فيه من زوال المانع وتوفر السبب، والسبب هو هذا دوام ذكر الله وتلاوة كتابه، لكن المانع وهو كون القلب لاه
(1) سورة الإسراء الآية 82
مشغول، أو ضعيف الإيمان. فهذا يكون تأثره قليل؛ لضعفه هو، وإلا فكلام الله فيه الهدى والنور والشفاء لما في الصدور، وإذا كان الجبل الضخم لو نزل عليه كلام الله لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله فكيف بالمخلوق الضعيف؟!
وقد ذكر بعض المحققين أن كلام الله والأذكار الشرعية سلاح لدفع الشر ولرفعه إذا وقع، لكن السلاح بقوة الضارب به، فمتى توفرت القوة كان التأثير، والقوة هنا المقصود بها قوة القلب والجنان، قوة الإيمان مع المحافظة على فرائض الله والاستمرار في طاعة الله.
والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي، لن يزال معك من الله حافظ ولا يقربك شيطان حتى تصبح (1)» أخرجه البخاري، ويقول صلى الله عليه وسلم: "، «الآيتان من آخر سورة البقرة من قرأها في ليلة كفتاه (2)» متفق عليه.
وفي صحيح مسلم من حديث أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «اقرءوا الزهراوين البقرة وسورة آل عمران فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو كأنهما غيايتان أو كأنهما فرقان من طير صواف تحاجان عن أصحابهما. اقرءوا سورة البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا تستطيعها البطلة (3)» والبطلة: السحرة. ويقول صلى الله عليه وسلم: «لا تجعلوا بيوتكم قبورا إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة (4)» أخرجه مسلم.
(1) صحيح البخاري فضائل القرآن (5010)، صحيح مسلم صلاة المسافرين وقصرها (807)، سنن الترمذي فضائل القرآن (2881)، سنن أبو داود الصلاة (1397)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1369)، مسند أحمد بن حنبل (4/ 121)، سنن الدارمي الصلاة (1487).
(2)
صحيح البخاري المغازي (4008)، صحيح مسلم صلاة المسافرين وقصرها (807)، سنن الترمذي فضائل القرآن (2881)، سنن أبو داود الصلاة (1397)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1369)، مسند أحمد بن حنبل (4/ 121)، سنن الدارمي الصلاة (1487).
(3)
صحيح مسلم صلاة المسافرين وقصرها (804)، مسند أحمد بن حنبل (5/ 249).
(4)
صحيح مسلم صلاة المسافرين وقصرها (780)، سنن الترمذي فضائل القرآن (2877)، سنن أبو داود المناسك (2042)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 337).
ولا شك أن ما أصابكم ابتلاء من الله، فالواجب عليكم الصبر، وتفقدوا أنفسكم فإن كنتم مقصرين في الطاعات فاحرصوا على الإتيان بها وإتمامها على الوجه الذي شرعه الله، وإن كنتم ممن أسرف على نفسه بالمعاصي فالبدار البدار بالتوبة النصوح عل الله أن يغفر ما مضى، وإن كان المنزل يحوي شيئا من المنكرات كالدش والصور الخليعة ونحو ذلك، فعليكم التخلص منها وإتلافها، ثم مع هذا كله الزموا ذكر الله وتلاوة القرآن والرقية الشرعية عن إيمان صادق ويقين جازم، وسيزول عنكم ما بكم بإذن الله تعالى، أسأل الله أن يزيل عنكم البأس، ويصرف عنكم ما حل بكم إنه سبحانه ولي ذلك والقادر عليه.
س: عقدت على امرأة وعمرها الآن ثلاث وعشرون وتقول: إنها عندما كان عمرها 14 عاما اعتمرت مع أهلها وضاعت منهم ثم التقت بهم في آخر العمرة ولا تذكر هل سعت وقصرت شعرها أم لا، ولم تعتمر بعد ذلك إلى الآن، فما الحكم؟
ج: إذا كانت هذه المرأة قد بلغت في ذلك الوقت، فإنها بفعلها هذا قد أخطأت، وهي إلى الآن على إحرامها، فالواجب عليها أن تذهب وتعيد العمرة ثم إذا انتهت من العمرة، تعيد أنت العقد عليها - أعني عقد النكاح - لأن العقد الأول فاسد؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«لا ينكح المحرم ولا ينكح ولا يخطب (1)» رواه مسلم وأصحاب السنن وأحمد، فتأتي لأبي المرأة أو وليها فيقول لك: زوجتك ابنتي فلانة. وتقول أنت: قبلت
(1) صحيح مسلم النكاح (1409)، سنن الترمذي الحج (840)، سنن النسائي النكاح (3276)، سنن أبو داود المناسك (1841)، سنن ابن ماجه النكاح (1966)، مسند أحمد بن حنبل (1/ 64)، موطأ مالك الحج (780)، سنن الدارمي المناسك (1823).
مع حضور الشاهدين، وبهذا يتم العقد صحيحا. وإن كنت قد دخلت بها وحصل بينكما جماع فيجب عليها مع إكمال عمرتها الأولى قضاء عمرة مكانها والفدية، وهي كبش يذبح بالحرم ويوزع على فقراء الحرم.
س: أنا امرأة استدنت من امرأة أخرى دينا حيث اشترت لي أغراضا بمبلغ عشرين ألف ريال على أن أردها لها على دفعات لمدة سنتين بزيادة ألفي ريال عن كل سنة. ثم قال لي أولادي: إن هذا ربا، ولا يجوز إعطاء الزيادة لهذه المرأة، فهل هذا صحيح؟
ج: ما دامت هذه المرأة قد اشترت هذه السلع لك بهذا المبلغ المذكور على أن تسددي ثمنها مؤجلا على دفعات، فإن هذا بمنزلة الدين، فالواجب أن تسددي لها بقدر ما دفعت لك فقط بغير زيادة؛ لأن الزيادة تكون ربا، لا يجوز لك دفعه إليها، ولا يجوز لها أخذه منك، يقول الله سبحانه وتعالى:{وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} (1)، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول:«كل ربا الجاهلية موضوع (2)» .
أما مسألة بيع التقسيط فصورتها مختلفة، وهي: أن تمتلك السلعة لنفسها ثم تبيعها عليك، وتقول: هي حالة بكذا ومؤجلة بكذا، فإن هذه المعاملة جائزة وإن زادت عن رأس مال السلعة؛ لأنها من البيع الذي أحله الله. والله تعالى أعلم.
(1) سورة البقرة الآية 275
(2)
سنن الترمذي كتاب تفسير القرآن (3087)، سنن ابن ماجه المناسك (3055).