الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لأصحابه: إذا كانت لكم حاجة فتعالوا إلى قبري واستغيثوا بي لا في محياه ولا في مماته، كما جرى مثل هذا لكثير من المتأخرين. ولا طمع الشيطان أن يأتي أحدهم ويقول: أنا من رجال الغيب أو من الأوتاد الأربعة أو السبعة أو الأربعين. أو يقول: أنت منهم. إذ كان هذا عندهم من الباطل الذي لا حقيقة له. ولا طمع الشيطان أن يأتي أحدهم فيقول: أنا رسول الله أو يخاطبه عند القبر، كما وقع لكثير ممن بعدهم عند قبره وقبر غيره، وعند القبور كما يقع كثير من ذلك للمشركين وأهل الكتاب يرون بعد الموت من يعظمونه من رهبانهم " (1).
(1) مجموع الفتاوى لابن تيمية، ص 390، 391، ج 27.
زيارة القبور وأنواعها:
لما دخل الخلل في المسلمين بعد العصر الذهبي وهو عصر الصحابة والتابعين اختلط الحابل بالنابل وانعكست الموازين وتغيرت المفاهيم وتشابهت الأمور عند كثير من الناس؛ لجهلهم بعقيدتهم الصحيحة السليمة؛ لذا فقد اجتهد العلماء عبر القرون في بيان الحق من الباطل على ضوء الكتاب والسنة، فوضعوا ضوابط لتمييز المشروع من غير المشروع ومعرفة السنة من البدعة حتى لا يلتبس الأمر على الناس. فرأى العلماء - من خلال الواقع الذي يسير عليه العوام لما دخل النقص فيهم - أن زيارة القبور حسب ما يفعله الناس ويسيرون عليه ثلاثة أنواع: زيارة شرعية،
وزيارة بدعية، وزيارة شركية.
قال الشيخ عبد الله بن بليهد - رئيس القضاة في زمانه - في الخطاب الذي ألقاه في الاجتماع الذي عقد بين علماء نجد وعلماء مكة المكرمة، قال رحمه الله: واعلموا أن زيارة القبور على ثلاثة أنواع: شرعية، وبدعية، وشركية. ثم عرفها وفصلها
1 -
الزيارة الشرعية:
هي التي القصد منها تذكر الآخرة والدعاء للميت واتباع السنة.
2 -
الزيارة البدعية:
التي القصد منها عبادة الله عند القبور كما يفعله كثير من الناس؛ لظنهم أن للعبادة عندها مزية على العبادة في المساجد التي هي أحب البقاع إلى الله، وقد صح عن النبي صلى الله عليه في عدة أحاديث النهي عن الصلاة عند القبور واتخاذها مساجد.
3 -
الزيارة الشركية:
هي التي القصد منها تعظيم القبور ودعاؤها، أو الذبح لها، أو النذر لها، أو غير ذلك من العبادات التي لا تصلح إلا لله. فهذا حقيقة الشرك والأدلة عليه كثيرة جدا وقد تقدم بعضها؛ ولكن لغلبة الجهل وخفاء العلم وبعد العهد بإرشاد النبوة التبس الأمر على أكثر الناس وخفي عليهم ما هو في غاية الوضوح؛
لضعف البصائر وغلبة العوائد، كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه:" إنما تنقض عرى الإسلام عروة عروة إذا نشأ في الإسلام من لا يعرف الجاهلية " فإن من لم يعرف الشرك وما ذمه القرآن وعابه وقع فيه وهو لا يدري " (1) اهـ.
أقوال العلماء في المسألة:
قال الشيخ عبد الله بن محمد التميمي رحمه الله: والنبي صلى الله عليه وسلم أمر بزيارة القبور؛ لأنها تذكر الآخرة، وأمر الزائر أن يدعو لأهل القبور ونهاه أن يقول هجرا، فهذه الزيارة التي أذن الله بها لأمته وعلمه إياها، وهل تجد فيها شيئا مما يعتمده أهل الشرك والبدع، أم تجدها مضادة لما هم عليه من كل وجه؟ وما أحسن ما قال الإمام مالك: لن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها. ولكن كلما ضعف تمسك الأمم بعهود أنبيائهم عوضوا عن ذلك بما أحدثوه من البدع والشرك. . . إلى أن قال: وبالجملة فالميت قد انقطع عمله فهو محتاج إلى من يدعو له ولهذا شرع في الصلاة عليه من الدعاء ما لم يشرع مثله للحي. ومقصود الصلاة على الميت الاستغفار له والدعاء له، وكان صلى الله عليه وسلم يقف على القبر بعد الدفن فيقول:«سلوا له التثبيت فإنه الآن يسأل (2)» .
(1) رسالة البيان المفيد فيما اتفق عليه علماء مكة ونجد في عقائد التوحيد ص 13، 14، وص 31، 32.
(2)
سنن أبو داود الجنائز (3221).