الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
آراء الإمام ابن ماجه الأصولية
من خلال تراجم أبواب سننه
للدكتور سعد بن ناصر بن عبد العزيز الشثري (1)
المقدمة:
الحمد لله الذي تفضل على هذه الأمة بحفظ دينها، وصلاح أمرها، ورفعة شأنها، نحمده سبحانه، هيأ لهذه الأمة علماء يعلمون جاهلها ويرشدون ضالها، فله الحمد سبحانه أولا وآخرا، وظاهرا وباطنا، هو الحق لا يستحق العبادة أحد سواه، ولا يحتاج أحد من الخلق إلى واسطة في خطاب ربه ودعائه، وأشهد أن سيدنا وحبيبنا محمدا عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وأمينه على وحيه، اتباعه سبب لمحبة الله، وطاعته سبب لدخول جنة الخلد، فصلى الله على هذا النبي الكريم، وعلى آله وأصحابه وأتباعه الهداة الأبرار والسادة الأطهار، وسلم تسليما كثيرا، أما بعد:
فإن الله تعالى بفضله هيأ لهذه الأمة من يحفظ لها دينها، فنقلوا كتاب الله نقلا متواترا لا مجال للتشكيك فيه، ونقلوا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وميزوا صحيحها من غيره،
(1) الأستاذ المساعد بكلية الشريعة بالرياض جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
وصنفت المؤلفات في السنن والأحاديث، ومن أبرز هذه المؤلفات الكتب الستة: صحيح البخاري ومسلم، وسنن أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه، ومن هنا اهتم علماء الأمة بهذه الكتب، وصنفوا حولها المصنفات في الكلام عن معانيها وشروحها وأحكامها ورجالها واختصاراتها وزوائدها وصحيحها، إلا أنه لم يتصد أحد من المؤلفين للحديث عن القواعد الأصولية التي قررها هؤلاء الأئمة، أو طبقوها على الأحكام الشرعية في عناوين الأبواب التي يسميها العلماء بـ (التراجم)، ومن هنا ظهرت فكرة هذا البحث.
فرغبت أن أتناول تراجم الإمام ابن ماجه بالدراسة؛ لأستخرج منها القواعد والآراء الأصولية التي سار عليها الإمام في استخراج أحكام تراجمه.
وتراجم الإمام ابن ماجه على أنواع:
النوع الأول: ما ليس له علاقة مباشرة بالأحكام الشرعية، ومن أمثلة ذلك:(باب في بدء الإيمان)(1)، و (باب في القدر)(2). ومن ذلك أيضا أبواب الفضائل (3).
النوع الثاني: التراجم التي تساق على جهة الاستفهام والسؤال، مثل قوله: (باب الرجل يستيقظ من منامه هل يدخل
(1) السنن 1/ 22
(2)
السنن 1/ 29
(3)
السنن 1/ 36 - 73
يده في الإناء قبل أن يغسلها؟) (1)، و (باب الأرض يصيبها البول كيف تغسل؟)(2)، و (باب في الحائض كيف تغتسل؟)(3)، و (باب أين يجوز بناء المساجد؟)(4).
النوع الثالث: التراجم التي يفهم الحكم منها عند قرنها بما وضع تحتها مثل: (باب من سن سنة حسنة)(5)، و (باب تغطية الإناء)(6)، و (باب الاستنجاء بالحجارة)(7)، و (باب ما يقول الرجل إذا دخل الخلاء)(8)، و (باب الوضوء بالنبيذ)(9).
النوع الرابع: التراجم التي صرحت بالحكم منسوبا لقائل، سواء كان هذا القائل معروفا أو ليس بمعروف، مثل قوله:(باب من كره أن يوطأ عقباه)(10)، و (باب من دلك يده بالأرض بعد الاستنجاء)(11)، و (باب من كان لا يرفع يديه في القنوت)(12).
(1) السنن 1/ 138
(2)
السنن 1/ 175
(3)
السنن 1/ 210
(4)
السنن 1/ 245
(5)
السنن 1/ 74
(6)
السنن 1/ 129
(7)
السنن 1/ 114
(8)
السنن 1/ 108
(9)
السنن 1/ 135
(10)
السنن 1/ 89
(11)
السنن 1/ 128
(12)
السنن 1/ 373
النوع الخامس: التراجم التي صرح المؤلف فيها بالحكم من غير نسبته إلى قائل، مثل قوله:(باب كراهية البول في المغتسل)(1)، و (باب كراهة مس الذكر باليمنى)(2)، و (باب كراهية الخلع للمرأة)(3)، و (باب الرخصة في الصلاة بمكة في كل وقت)(4).
والنوع الأول لا علاقة له باستخراج الأحكام الشرعية، ومن ثم فهو خارج عن موضوع هذا البحث.
والأنواع من الثاني إلى الرابع لم يصرح فيها الإمام ابن ماجه بالحكم منسوبا لنفسه، ومن ثم لم تدخل في هذا البحث، وإني لآمل أن يهيئ الله لها باحثا يستخرج بواسطتها القواعد الأصولية التي بنى عليها العلامة ابن ماجه هذه التراجم.
فهذا البحث اقتصرت فيه على التراجم التي وجد الحكم فيها صريحا من غير نسبة لقائل، بحيث يتأكد الباحث أن ابن ماجه يرى هذه الأحكام، وتوصل إليها باجتهاده، وهذه التراجم منها ما يتعلق بالمسائل الأصولية مباشرة بحيث يقرر فيها حكما أصوليا مثل كلامه في قاعدة القياس، ومنها ما يقرر فيه حكما فقهيا مبنيا على دليله، فيأتي الباحث فيوضح القاعدة الأصولية التي استخرج بواسطتها هذا الحكم من هذا الدليل.
(1) السنن 1/ 11
(2)
السنن 1/ 113
(3)
السنن 1/ 662
(4)
السنن 1/ 394
وقد رتبت هذا البحث من: مقدمة، وفصلين، وخاتمة. وهذه المقدمة فيها أهمية الموضوع وحدوده وخطة البحث ومنهجه.
الفصل الأول: آراء ابن ماجه في مباحث الأحكام والأدلة:
وفيه ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: مدلول لفظ الكراهة.
المبحث الثاني: مدلول لفظ الرخصة.
المبحث الثالث: حجية القياس.
الفصل الثاني: آراء ابن ماجه في دلالات الألفاظ:
وفيه ستة مباحث:
المبحث الأول: تخصيص العام بعلة الحكم.
المبحث الثاني: مفاد صيغة الأمر.
المبحث الثالث: مفاد صيغة النهي.
المبحث الرابع: دلالة صيغة لا تفعل على النهي.
المبحث الخامس: استفادة النهي من ترتيب العقوبة على الفعل.
المبحث السادس: استفادة النهي بوصف ظرف بنقيضه.
الخاتمة: وفيها خلاصة البحث وأهم نتائجه وتوصياته.
أما منهج البحث: فقد ذكرت أولا رأي الإمام ابن ماجه في المسألة الفقهية، ثم ذكرت الدليل الذي اعتمد عليه، ومن ثم استنبطت القاعدة الأصولية التي استخرج بواسطتها هذا الحكم من هذا الدليل.