الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من المعاني منها التحريم (1)، وقد ورد ذلك في القرآن الكريم، فإن الله ذكر شيئا من المحرمات في سورة الإسراء، ثم قال:{كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا} (2).
وإن كان المشهور عند الأصوليين إطلاق لفظ الكراهة على النهي غير الجازم (3).
والحنفية يقسمون المكروه إلى قسمين:
أولهما: المكروه تنزيها، وهو ما نهي عنه نهيا غير جازم.
وثانيهما: المكروه تحريما وهو ما نهي عنه نهيا جازما بدليل ظني (4).
وإذا أطلقوا لفظ الكراهة انصرف هذا اللفظ عندهم غالبا إلى المكروه تحريما (5).
(1) روضة الناظر 1/ 206، البحر المحيط 1/ 296، التقرير والتحبير 2/ 143.
(2)
سورة الإسراء الآية 38
(3)
تقريب الوصول ص 100، البحر المحيط 1/ 296، شرح الكوكب المنير 1/ 413.
(4)
تيسير التحرير 1/ 53، فواتح الرحموت 588.
(5)
الحكم التكليفي ص: 221
المبحث الثاني: مدلول لفظ الرخصة:
عبر الإمام ابن ماجه بلفظ الرخصة في عدد من المواضع من تراجم أبواب السنن، وبدراسة هذه المواطن يجد الباحث أنه
يطلق لفظ الرخصة على معان مختلفة:
المعنى الأول: يشمل الصور التي وجدت فيها علة التحريم لكن استثنيت هذه الصور بدليل خاص بها، أو بتعبير آخر:(المسائل التي ورد النص بالإباحة فيها مع وجود معنى فيها أنتج التحريم في غير هذه المسألة). ومن أمثلة ذلك: قوله: (باب الرخصة في ذلك - يعني استقبال القبلة عند قضاء الحاجة- في الكنيف)(1)، فاستقبال القبلة في الكنيف عند قضاء الحاجة يوجد فيه المعنى الذي ثبت التحريم له، وهو كونه مستقبلا القبلة عند البول والغائط الذي تكلم عنه المؤلف في باب آخر، حيث قال:(باب النهي عن استقبال القبلة بالغائط والبول)(2)، ولكن المؤلف استثنى من ذلك حال الكنيف؛ لورود الدليل بالإباحة فيه، وسماه رخصة.
ومن أمثلة ذلك: قول ابن ماجه: (باب ما جاء في الرخصة في الصلاة بمكة في كل وقت)(3)، فجعل إباحة الصلاة في أوقات النهي لمن كان بمكة رخصة بعد أن قرر النهي عن الصلاة في تلك الأوقات، حيث قال:(باب ما جاء في الساعات التي تكره فيها الصلاة)(4).
(1) سنن ابن ماجه ص116 كتاب الطهارة باب رقم 18
(2)
سنن ابن ماجه ص115 كتاب الطهارة باب رقم 17
(3)
سنن ابن ماجه ص398 كتاب إقامة الصلاة باب رقم 149
(4)
سنن ابن ماجه ص396 كتاب إقامة الصلاة باب رقم 148
ومن أمثلة ذلك أيضا: تسميته أكل المحرم للصيد الذي لم يصد من أجله رخصة حيث قال: (باب الرخصة في ذلك إذا لم يصد له)(1)، بعد تقريره النهي عن الصيد للمحرم في قوله:(باب ما ينهى عن المحرم من الصيد)(2).
ومن أمثلة ذلك أيضا:: قوله: (باب ما رخص فيه من الرقى)(3) وأورد فيه حديث: «لا رقية إلا من عين أو حمة (4)» ، فالجميع فيه علة النهي وهو كونها رقية إلا أن النص ورد بإباحة ما كان للعين أو حمة مع وجود معنى التحريم فيها.
وإطلاق لفظ الرخصة على هذا المدلول، هو منهج الأصوليين ويعبرون عنه بقولهم:(استباحة المحظور مع قيام الحاظر).
(1) سنن ابن ماجه ص 1033 كتاب المناسك باب رقم 93.
(2)
سنن ابن ماجه ص1032 كتاب المناسك باب رقم 92
(3)
سنن ابن ماجه ص1161 كتاب الطب باب رقم 34
(4)
ورد من حديث الشعبي عن بريدة مرفوعا، أخرجه ابن ماجه برقم 3513، وأخرجه مسلم موقوفا على بريدة برقم 220، وذكر المزي في تحفة الأشراف 2/ 77 إلى أن المحفوظ: الشعبي عن عمران، وقد أخرجه كذلك أبو داود 3884، والترمذي 2057، وقد ورد بنحوه من حديث أنس، أخرجه مسلم 2196، وأبو داود 3889، والترمذي 2056 وحسنه.
والمعنى الثاني: يتعلق بالمسائل التي تعارضت فيها الأدلة منعا وإباحة، فهو يطلق لفظ الرخصة على أدلة الإباحة في هذه المسائل، ومن أمثلة ذلك: قوله: (باب الرخصة بفضل وضوء المرأة)(1)، ومن أمثلة ذلك أيضا: أنه لما عقد بابا بعنوان: (الوضوء من مس الذكر)(2)، قال بعده:(باب الرخصة في ذلك)(3)، وأورد فيه الأحاديث التي تدل على عدم إيجاب الوضوء من مس الذكر، وبعد هذا الباب مباشرة (باب الوضوء مما غيرت النار)(4)، أورد فيه أحاديث توجب ذلك، وبعده (باب الرخصة في ذلك)(5)، أورد فيه ابن ماجه أحاديث تدل على عدم وجوبه.
المعنى الثالث: ما فيه توسعة على المكلفين وإن لم يوجد فيه علة التحريم، وهذا المعنى استعمله المؤلف مرة واحدة، حيث قال:(باب الوضوء بسؤر الهرة والرخصة فيه)(6).
ومثل هذا لا يجعله الأصوليون من باب ما يسمى رخصة في الاصطلاح الأصولي، وإن صح إطلاق هذا اللفظ عليه من باب التجوز (7).
(1) سنن ابن ماجه ص 132كتاب الطهارة باب رقم 33
(2)
سنن ابن ماجه ص 161 كتاب الطهارة باب رقم 63
(3)
سنن ابن ماجه ص 163 كتاب الطهارة باب رقم 64
(4)
سنن ابن ماجه ص163 كتاب الطهارة باب رقم 65
(5)
سنن ابن ماجه ص164 كتاب الطهارة باب رقم 66
(6)
سنن ابن ماجه ص131 كتاب الطهارة باب رقم 32
(7)
المغني للخبازي 89، المستصفى 1/ 330، روضة الناظر 1/ 260