المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌زيارة القبور للنساء: - مجلة البحوث الإسلامية - جـ ٦٣

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المحتويات

- ‌ما ينبغي العناية به لمن أراد تلاوة القرآن وحفظه

- ‌الفتاوى

- ‌ أفاق النائم ووجد بللا

- ‌ مقدار وزن الدينار الواجب في بعض الكفارات

- ‌غسل المستحاضة

- ‌مدة النفاس

- ‌من فتاوى سماحة الشيخعبد العزيز بن عبد الله بن باز

- ‌الدعاء في الصلاة للوالدين

- ‌حكم رفع اليدين في الدعاء

- ‌حكم رفع الأيدي للدعاء بعد الصلاة

- ‌ السنة في تحريك السبابة عند التشهد

- ‌ الجهر بالذكر عقب الصلوات

- ‌المراد بدبر الصلاة

- ‌الأفضل قول اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك قبل السلام

- ‌حكم مسح الجبهة عن التراب بعد الصلاة

- ‌حكم المصافحة بعد صلاة الفريضة والنافلة

- ‌الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الفريضة والنافلة

- ‌الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مشروعة في التشهد الأول والأخير

- ‌التسبيح بعد الصلاة بين الجهر والإسرار

- ‌الإكثار من ذكر الله والاستغفار والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم سبب طمأنينة القلب

- ‌ هل الشخص عندما يتزوج فتاة يكون ذلك مكتوبا عند الله من قبل

- ‌ التحريق بالنار

- ‌ حضور الحفلات التي يحصل فيها منكرات ظاهرة

- ‌ إمام مسجد يسرع في الصلاة فلا ندرك أن نقول أذكار الركوع والسجود

- ‌ الالتفات في الصلاة

- ‌ حكم سجود التلاوة

- ‌ المفاخذة بين الزوجين

- ‌ متابعة الإمام في تكبيرة الإحرام

- ‌من فتاوى اللجنة الدائمةللبحوث العلمية والإفتاء

- ‌ يمس المصحف أو يصلي إذا نظر إلى عورته وهو متوضئ

- ‌ غسل بعض الأعضاء بالصابون بعد الوضوء

- ‌ هل يعد تقليم الأظافر من نواقض الوضوء

- ‌ النظر بشهوة أو بدون هل يفسد الوضوء

- ‌ استيقظ من نومه وشك في أنه قد احتلم

- ‌ امرأة تشك كثيرا في الليل أنها جنب بدون أن يمسها زوجها

- ‌ نزل الماء من المرأة بغير جماع أو احتلام

- ‌ هل للجنب أن ينام قبل الوضوء

- ‌ احتلم بعد صلاة الفجر

- ‌ اغتسل للجنابة ثم خرج منه مني بعد الغسل

- ‌ خروج سائل منوي عند مشاهدة امرأة بشهوة

- ‌ كيفية غسل الجنابة

- ‌ تأخير الغسل وصلاتك وقراءتك القرآن وأنت جنب

- ‌ أجد في نومي شيئا ينجسني كل ليلة فماذا أفعل

- ‌ تلامس عضوي التناسل ونزول المذي فقط

- ‌ يخرج مني مني بعض الأوقات عند التبرز ويكون الذكر غير منتصب

- ‌بحث في زيارة القبور وأحكامها

- ‌مقدمة:

- ‌زيارة القبور وأنواعها:

- ‌الأمور المبتدعة عند القبور أنواع:

- ‌الحكمة من زيارة القبور:

- ‌زيارة مقبرة البقيع ليلا:

- ‌أدلة تحريم اتخاذ القبور مساجد:

- ‌الحج للقبور كفر صريح:

- ‌رأي أبي الوفاء بن عقيل في عباد القبور:

- ‌حافظ إبراهيم يصف عباد القبور:

- ‌شد الرحال إلى القبور حرام شرعا:

- ‌تخصيص السفر إلى قبور الأنبياء والصالحين:

- ‌أعظم مكايد الشيطان لبني الإنسان:

- ‌انتقال أصنام قوم نوح إلى بلاد العرب:

- ‌المحظور فعله عند القبور:

- ‌أولا: البناء عليها وتجصيصها:

- ‌ثانيا: الجلوس على القبر:

- ‌ثالثا: الكتابة على القبر:

- ‌رابعا: اتخاذ القبور مساجد:

- ‌خامسا: الصلاة على القبور:

- ‌سادسا: شد الرحال إليها:

- ‌سابعا: تقديس المكان والبقعة:

- ‌ثامنا: اتخاذ القبور عيدا:

- ‌تاسعا: تسريج القبور وإنارتها:

- ‌عاشرا: الذبح عند القبور:

- ‌الحادي عشر: دعاء الأموات والاستغاثة بهم:

- ‌الثاني عشر: الغلو في الصالحين ذريعة الشرك:

- ‌الثالث عشر: الحج للقبور والمشاهد:

- ‌الرابع عشر: النذور للأضرحة وسدنة القبور

- ‌الخامس عشر: عباد القبور صرفوا حق الله لغيره:

- ‌أسباب تعظيم القبور والغلو فيها:

- ‌مقتطفات من أقوال الأئمة الأعلام:

- ‌زيارة القبور للنساء:

- ‌اعتقاد قتيبة بن سعيد البلخي

- ‌التمهيد:

- ‌المبحث الأول: نص الاعتقاد:

- ‌المبحث الثاني: إسناد الاعتقاد:

- ‌الإسناد الأول:

- ‌الإسناد الثاني:

- ‌الإسناد الثالث:

- ‌الإسناد الرابع:

- ‌المبحث الثالث: ذكر العلماء الذين نسبوا هذا الاعتقاد لقتيبة:

- ‌المبحث الرابع: موافقة هذا الاعتقاد لاعتقاد أهل السنة:

- ‌الخاتمة:

- ‌آراء الإمام ابن ماجه الأصوليةمن خلال تراجم أبواب سننه

- ‌المقدمة:

- ‌الفصل الأول:آراء الإمام ابن ماجه في مباحث الأحكام والأدلة:

- ‌المبحث الأول: مدلول لفظ الكراهة

- ‌المبحث الثاني: مدلول لفظ الرخصة:

- ‌المبحث الثالث: حجية القياس:

- ‌الفصل الثاني: آراء الإمام ابن ماجه في دلالات الألفاظ:

- ‌المبحث الأول: تخصيص العام بعلة الحكم المستنبطة

- ‌المبحث الثاني: مفاد صيغة الأمر:

- ‌المبحث الثالث: مفاد صيغة النهي:

- ‌المبحث الرابع: دلالة صيغة " لا تفعل " على النهي:

- ‌المبحث الخامس: استفادة النهي من ترتيب العقوبة على الفعل:

- ‌المبحث السادس: استفادة النهي عن فعل بوصف ظرف بنقيضه:

- ‌الخاتمة:

- ‌التمهيد في معنى الجناية وأقسامها، والجنين والأطوار التي يمر بها:

- ‌ أولا: معنى الجناية وأقسامها:

- ‌ معنى الجنين:

- ‌ الأطوار التي يمر بها الجنين:

- ‌المقصد الأول: في الجناية على الجنين وما يتعلق بها:

- ‌التمهيد: في العزل عن النساء:

- ‌المبحث الأول: الفعل المكون للجناية:

- ‌المبحث الثاني: حكم إجهاض الحمل

- ‌المطلب الأول: إجهاض حمل النكاح

- ‌المطلب الثاني: إجهاض حمل السفاح:

- ‌المبحث الثالث: الإجهاض الضروري وحالات إباحته

- ‌المبحث الرابع: نوع الجناية على الجنين:

- ‌المقصد الثاني: الآثار التي تترتب على فعل الجاني:

- ‌المبحث الثاني: انفصال الجنين عن أمه ميتا

- ‌المبحث الثالث: على من تجب الغرة:

- ‌المبحث الرابع: انفصال الجنين عن أمه حيا

- ‌المبحث الخامس: انفصال الجنين عن أمه حيا ثم يعيش أو يموت بسبب آخر:

- ‌المبحث السادس: انفصال بعض الجنين بالجناية عليه دون البعض الآخر:

- ‌المبحث السابع: موت الأم وانفصال جنينها بعد موتها أو عدم انفصاله:

- ‌المبحث الثامن: الكفارة للجناية على الجنين ومن تجب عليه:

- ‌المطلب الأول: الكفارة للجناية على الجنين:

- ‌المطلب الثاني: شروط من تجب عليه الكفارة:

- ‌المبحث التاسع: حرمان قاتل الجنين من الميراث:

- ‌المبحث العاشر: دية الجنين ولمن تكون:

- ‌تتمة: في انقضاء العدة بالسقط:

- ‌الخاتمة:

- ‌بحث في صيغ الظهار

- ‌المقدمة:

- ‌التمهيد

- ‌المطلب الأول: شرح مفردات التعريف اللغوية

- ‌المطلب الثاني: بيان حقيقة الظهار الشرعية:

- ‌المبحث الأول: حكمه، وأدلته:

- ‌المبحث الثاني: صيغ الظهار:

- ‌المطلب الأول: تشبيه الزوجة بظهر الأم:

- ‌المطلب الثاني: تشبيه الزوجة بظهر من تحرم عليه على التأبيد من أقاربه:

- ‌المطلب الثالث: تشبيه الزوجة بظهر من تحرم عليه على التأبيد سوى الأقارب:

- ‌المطلب الرابع: تشبيه الزوجة بظهر من تحرم عليه على التأقيت:

- ‌المطلب الخامس: تشبيه الزوجة بظهر ذكر:

- ‌المطلب السادس: تشبيه عضو من أعضاء الزوجة بظهر الأم أو بعضو من أعضائها:

- ‌المطلب السابع: تشبيه الزوجة بظهر بهيمة:

- ‌المطلب الثامن: تشبيه الزوجة بالأم بحذف لفظ الظهر:

- ‌المطلب التاسع: قول الزوج لزوجته: أنت كأمي، أو أنت أمي بحذف لفظ " علي " أو " عندي

- ‌المبحث الثالث: تشبيه الزوجة زوجها بظهر أبيها:

- ‌المطلب الأول: كونه ظهارا

- ‌المطلب الثاني: وجوب الكفارة:

- ‌المطلب الثالث: تمكين الزوجة زوجها من الاستمتاع:

- ‌المطلب الأول: أن يظاهر من نسائه بكلمات

- ‌المطلب الثاني: أن يظاهر من نسائه بكلمة واحدة:

- ‌المبحث الخامس: تكرار الظهار:

- ‌المطلب الأول: أن يكون قبل التكفير:

- ‌المطلب الثاني: أن يكون بعد التكفير:

- ‌الخاتمة:

- ‌حديث شريف

الفصل: ‌زيارة القبور للنساء:

دون الله، فهم يعظمون أولئك الموتى؛ لهوى أنفسهم، وقضاء وطرهم، لا حبا في الإيمان والمؤمنين؛ ولذلك تراهم ينتقلون من ميت لآخر إذا لم يجدوا حاجتهم قضيت عند الأول. وهكذا نرى السدنة إذا انتقلوا من وظيفة عند هذا الولي الذي كان في نظرهم كبيرا، أصبح الولي الذي انتقلوا عند قبره أعظم بركة وأكثر كرامات. فهؤلاء جميعا لا يتبعون إلا هوى أنفسهم، وهم كاذبون أعظم الكذب في دعواهم حب الأولياء والصالحين " (1).

وقال الشيخ عبد العزيز بن باز عند شرح الحديث: " وللمشركين سدرة يعكفون عندها، وينوطون بها أسلحتهم يقال: ذات أنواط "، قال رحمه الله:"كما يعكف اليوم عباد القبور عندها ويجاورون معتقدين أن لهم بذلك الزلفى والقربى، ويعتقد الجاهلون لهم ذلك، فيعاونونهم بالنذور لتلك القبور والصدقات؛ قربة لأولئك الموتى، وكل ذلك من الشرك الأكبر " اهـ (2).

(1) فتح المجيد، ص 141 هامش.

(2)

فتح المجيد، ص142

ص: 175

‌زيارة القبور للنساء:

قال ابن تيمية: "صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: «لعن الله زوارات القبور» ، رواه أحمد وابن ماجه والترمذي وصححه.

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم زوارات القبور والمتخذين عليها المساجد

ص: 175

والسرج»، رواه أهل السنن الأربعة، وأخرجه أبو حاتم في صحيحه.

وقال ابن تيمية: " وعلى هذا العمل في أظهر قولي أهل العلم " وهو المنع من زيارتهن ".

القول الثاني: السماح للنساء بزيارة القبور؛ للحديث: عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كنت نهيتكم عن زيارة القبور، ألا فزورها، فإنها ترقق القلب، وتدمع العين، وتذكر الآخرة، ولا تقولوا هجرا (1)» ، رواه أحمد والحاكم.

فأجاب ابن تيمية فقال: فإن قيل: فالنهي عن ذلك منسوخ، كما قال أهل القول الآخر - يعني بالجواز- قيل: هذا ليس بجيد؛ لأن قوله: «كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها (2)» ، هذا خطاب للرجال دون النساء، فإن اللفظ لفظ مذكر وهو مختص بالذكور. وقال: وقوله صلى الله عليه وسلم: «لعن الله زوارات القبور» خاص بالنساء دون الرجال، ألا تراه يقول:«لعن الله زوارات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج» ، سواء كانوا رجالا أو نساء لعنهم الله. وأما الذين يزورون القبور فإنما لعن النساء الزوارات دون الرجال " (3).

أقول: ولا شك أن هذا تخريج جيد من شيخ الإسلام ابن تيمية، فالنسخ لم يشمل النساء.

(1) صحيح مسلم الجنائز (977)، سنن الترمذي الجنائز (1054)، سنن النسائي الجنائز (2033)، سنن أبو داود الأشربة (3713).

(2)

مسند أحمد بن حنبل (1/ 145).

(3)

مجموع فتاوى ابن تيمية، ص 360، 361، ج 24.

ص: 176

قال ابن قدامة: اختلفت الرواية عن أحمد في زيارة النساء القبور، فروي عنه كراهتها؛ لما روت أم عطية، قالت:«نهينا عن زيارة القبور ولم يعزم علينا (1)» ، رواه مسلم. ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«لعن الله زوارات القبور» ، وقال: هذا خاص في النساء، والنهي المنسوخ كان عاما للرجال والنساء، ويحتمل أنه كان خاصا للرجال، فأقل أحواله الكراهة.

ثم قال ابن قدامة: ولأن المرأة قليلة الصبر، كثيرة الجزع، وفي زيارتها للقبر تهييج لحزنها، وتجديد لذكر مصابها، ولا يؤمن أن يفضي بها ذلك إلى فعل ما لا يجوز، بخلاف الرجل (2).

(1) صحيح البخاري الجنائز (1278).

(2)

المغني لابن قدامة، ص424، 425، ج2

ص: 177

المرأة ضعيفة تغلب عليها العاطفة:

ما أشار إليه ابن قدامة فهو عين الصواب، فالمرأة تغلب عليها العاطفة، فلا تصبر عند المصيبة، فيعتريها الجزع والهلع؛ لضعفها، فإذا ما وقفت على قبر المزار غالبا، تسخطت على أقدار الله بدون وعي، ومن غير مبالاة، وهذا هو الغالب في النساء، ولربما تكلمت بكلمة تسخط أو اعتراض على أقدار الله، فيكون في ذلك هلاكها، كما جاء في الحديث الصحيح، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«وإن العبد يتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالا يهوي بها في جهنم (1)» ، رواه البخاري.

(1) رياض الصالحين، رقم (1513)

ص: 177

فالشرع القويم لما منع المرأة من زيارة القبور كان ذلك رحمة بها، وحفظا لها، وسدا للذريعة المفضية إلى الهلاك.

والقرآن الكريم أشار إلى أن المرأة لا تملك نفسها غالبا في المستجدات بالنسبة لها، أو عند المصيبة، فقد قص علينا خبر " سارة " أم إسحاق لما بشر نبي الله إبراهيم عليه السلام: بإسحاق، قال تعالى:{فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ} (1)، قال القرطبي في تفسيره: أقبلت في صيحة وضجة، وقال ابن عباس: صكت وجهها لطمته. ولا شك أن هذا حال النساء عند المصيبة، فهي تمرط شعر رأسها، أو تشق ثيابها، أو تلطم وجهها مع صياحها وعويلها، وهذا نقص في النساء.

وبالمقابل موقف إبراهيم عليه السلام، لما بشرته الملائكة بإسحاق، قال:{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ} (2).

فالفارق كبير بين عقلية الرجال وعقلية النساء؛ ولهذا جعل الله شهادة المرأتين بشهادة رجل واحد، وأيضا لا تقبل شهادة المرأة في الحدود والقصاص والجنايات، وفي الزواج والطلاق.

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «مر النبي صلى الله عليه وسلم بامرأة تبكي عند قبر، فقال: اتقي الله واصبري.

(1) سورة الذاريات الآية 29

(2)

سورة إبراهيم الآية 39

ص: 178

فقالت: إليك عني فإنك لم تصب بمصيبتي - ولم تعرفه - فقيل لها: إنه رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأتت باب النبي صلى الله عليه وسلم فلم تجد عنده بوابين، فقالت: لم أعرفك.

فقال: إنما الصبر عند الصدمة الأولى (1)»، متفق عليه.

(1) رياض الصالحين، رقم (31)

ص: 179

رأي الإمام القرطبي في زيارة المرأة للقبور:

قال ابن حجر: قال القرطبي: "قوله صلى الله عليه وسلم: «لعن الله زوارات القبور»، هذا اللعن بالمكثراث من الزيارة لما تقضيه الصفة من المبالغة، ولعل السبب ما يفضي إليه ذلك من تضييع حق الزوج، والتبرج، وما ينشأ منهن من الصياح ونحو ذلك، فقد يقال: إذا أمن جميع ذلك فلا مانع من الإذن؛ لأن تذكر الموت يحتاج إليه الرجال والنساء "(1).

أقول: ما ذكره القرطبي فيه نظر، فليس النهي لئلا تضيع المرأة حق الزوج، فالأمر أهم من ذلك؛ لما يترتب على زيارة القبور للنساء من مفاسد لا حصر لها.

فإن الأدلة الشرعية على منع النساء من زيارة القبور كافية للاستدلال بها على الحرمة، وقد صرح بذلك شيخ الإسلام ابن تيمية وأشار، وكذلك ابن قدامة على الكراهة، والكراهة إذا أطلقت تفيد كراهة تحريم، وخصوصا النهي بصيغة اللعن، وهذا

(1) فتح الباري، ص149، ج3

ص: 179

وعيد شديد لمن خالف النهي.

وأما قوله: النهي للمكثرات من زيارة القبور لصيغة المبالغة في النهي. فقوله هذا مرجوح؛ لأنه تخصيص بدون مخصص، فالخطاب عام، وصيغة المبالغة لتأكيد الحرمة. ومثل ذلك قول تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (1)، فالآية المذكورة ليس لها مفهوم مخالفة، بحيث تبيح قليل الربا وتحرم كثيره، هذا لم يقل به عالم. فالآية أشارت إلى ما كانت عليه الجاهلية؛ كان الغريم - وهو الدائن - إذا جاء وقت سداد الدين، قال للمدين:" إما أن تقضي وإما أن تربي "، فإذا عجز عن السداد تضاعفت عليه الفائدة الربوية حتى تصبح أضعافا مضاعفة. فالربا كثيره وقليله حرام بإجماع علماء الإسلام.

وكذلك الحال في زيارة القبور للنساء، فالحديث ما حرم زيارة القبور على المكثرات من الزيارة، وأباح لغير المكثرات كما قاله القرطبي. فالحديث عام؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:«لعن الله زوارات القبور» ، فالحديث شمل الجميع المكثرات وغير المكثرات، وهذا هو الحق إن شاء الله. ومنعهن رحمة بهن.

(1) سورة آل عمران الآية 130

ص: 180

مدح العلماء وذم عباد القبور:

وللإمام الصنعاني قصيدة في مدح الشيخ محمد عبد الوهاب إمام الدعوة السلفية، وذم عباد القبور. وهذه مقتطفات منها، قال

ص: 180

الصنعاني في ديوانه المشهور: (1).

سلامي على نجد ومن حل في نجد

وإن كان تسليمي على البعد لا يجدي

لقد صدرت من سفح صنعا سقى الحيا

رباها وحياها بقهقهة الرعد

سرت من أسير ينشد الريح إن سرت

ألا يا صبا نجد متى هجت من نجد

يذكرني مسراك نجدا وأهله

لقد زادني مسراك وجدا على وجد

قفي واسألي عن عالم حل سوحها

به يهتدي من ضل عن منهج الرشد

محمد الهادي لسنة أحمد

فيا حبذا الهادي ويا حبذا المهدي

وقد جاءت الأخبار عنه بأنه

يعيد لنا الشرع الشريف بما يبدي

وينشر جهرا ما طوى كل جاهل

ومبتدع منه فوافق ما عندي

ويعمر أركان الشريعة هادما

مشاهد ضل الناس فيها عن الرشد

(1) ديوان الصنعاني، ص128 - 132

ص: 181

أعادوا بها معنى سواع ومثله

يعوق وود بئس ذلك من ود

وقد هتفوا عند الشدائد باسمها

كما يهتف المضطر بالواحد الفرد

وكم عقروا في سوحها من عقيرة

أهلت لغير الله جهرا على عمد

وكم طائف حول القبور مقبل

ومستلم الأركان منهن بالأيدي

وأسأل الله - جل وعلا - أن يرد المسلمين إلى دينهم، وأن يثبتنا على الحق المبين، فهو نعم المولى ونعم النصير، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

ص: 182