الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد يكون مراد الإمام ابن ماجه بهذا، المعنى الأول، وذلك أن سؤر الهرة فيه شيء من المعنى الذي في سؤر الكلب، ومع ذلك جاء الدليل بالوضوء من سؤر الهرة بخلاف الكلب؛ لأن ابن ماجه عقد الباب المتعلق بسؤر الهرة بعد الباب المتعلق بسؤر الكلب (1).
(1) سنن ابن ماجه ص130 كتاب الطهارة باب غسل الإناء من ولوغ الكلب.
المبحث الثالث: حجية القياس:
قد يفهم من كلام الإمام ابن ماجه القول بعدم حجية القياس، ويبدو ذلك جليا فيما يأتي:
أولا: أنه أورد في أحد تراجمه عبارة يفهم منها ذم الرأي والقياس، فقال:(باب اجتناب الرأي والقياس)(1).
ثانيا: أنه أورد في الباب السابق قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله لا يقبض العلم انتزاعا، ينتزعه من الناس، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، فإذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا (2)» . فكأنه يرى أن القياس والرأي ليسا من العلم في شيء.
أما جمهور الأصوليين فإنهم يرون حجية القياس.
(1) السنن 1/ 20
(2)
أخرجه ابن ماجه برقم 52، وأخرجه البخاري 07/ 73، ومسلم 2673 من حديث عبد الله بن عمرو
ويسوقون على ذلك أدلة عديدة (1).
وأجاب الجمهور على ما ذكره ابن ماجه من أدلة بأجوبة عديدة، ملخصها أن ما ورد في منع قول الإنسان بما رآه يعني فيما لا يرجع إلى أصل يقاس عليه، توفيقا بين ذلك وبين النصوص الورادة بحجية القياس (2).
والذي يظهر لي أن الإمام ابن ماجه لا يخالف الجمهور في ذلك، بل هو موافق لهم ويدل على ذلك أمور:
أولا: أن مما أورده الإمام من ذم الرأي إنما يراد به المقابل للنص، أو الرأي المجرد الصادر من غير المجتهد، كما في حديث:«اتخذ الناس رؤوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم (3)» . قال ابن حجر: " قوله: (باب ما يذكر من ذم الرأي) أي الفتوى بما يؤدي إليه النظر، وهو يصدق على ما يوافق النص وعلى ما يخالفه، والمذموم منه ما يوجد النص بخلافه، وأشار بقوله:(من) إلى أن بعض الفتوى بالرأي لا تذم، وهو إذا لم
(1) انظر: التفريق بين الأصول والفروع 2/ 159.
(2)
فتح الباري 13/ 291.
(3)
أخرجه ابن ماجه برقم 52، البخاري برقم 7307 من حديث عبد الله عمرو.