الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تلك الأوصافَ المجتمعة، ولا تميز لواحدٍ منها بعينه، فيتعينُ اعتبارُ مجموعها. واللَّه أعلم.
ولا يرِدُ على ما ذكره المؤلفُ القدحُ بعدمِ العكس، أي ملازمةُ المعلولِ للعلةِ في الانتفاء، كما لو قلتَ: قد ينتفي البولُ والغائطُ ولا ينتفي نقضُ الوضوء، لوجودِ علةٍ أخرى كالنومِ -مثلًا-، وكقولك: قد ينتفي رضاع الأختِ وزوجةِ الأخِ ولا ينتفي تحريمُ النكاحِ، لوجودِه بعلةٍ أخرى كالمصاهرةِ أو إرضاع مِنْ غير مَنْ ذُكِرَ = لأنَّ عدمَ العكس على القولِ بأنَّه قادحٌ محلُّه في الحكم المعلل بعلةٍ واحدةٍ دون المعللِ بعللٍ فلا يقدحُ فيه قولًا واحدًا.
قال في "المراقي":
وعدمُ العكسِ مع اتحادِ
…
يقدحُ دون النصِّ بالتمادِي
قال المؤلفُ
(1)
-رحمه اللَّه تعالى-:
(فصل
قال قوم: يجوز
إجراءُ القياس في الأسباب)
.
خلاصةُ ما ذكره المؤلفُ في هذا الفصلِ أنَّ الأصوليين اختلفوا في إجراء القياس في الأسباب، واختيارُ المؤلفِ جواز ذلك.
وحاصلُ كلامه فيه: أنْ يجعل الشارعُ وصفًا سببًا لحكمٍ، فيقاسُ
(1)
(3/ 920).
عليه وصفٌ آخرُ، فيحكمُ بكونه سببًا أيضًا.
فالنبيُّ صلى الله عليه وسلم جعل الغضبَ سببًا لمنع الحكم من القضاء، فيقاسُ على الغضب الجوعُ والحزنُ -مثلًا-، فتُجعل أسبابًا لمنع القضاء أيضًا.
واعلمْ أنَّ أكثر الأصوليين على منع القياسِ في الأسبابِ والشروطِ والموانع، وجعلوا المثالَ الذي ذكرناهُ ونحوَه من تنقيحِ المناطِ وهو مفهومُ الموافقة، والأكثرون على أنَّه ليس قياسًا كما تقدم، خلافًا للشافعيِّ وطائفة.
وعللوا بأنَّ القياسَ في الأسباب يُفضي إلى ما لا ينبغي، فلا يحسنُ قياسُ طلوع الشمسِ على غروبها في كونه سببًا لوجوب الصلاةِ -مثلًا-.
وعللوا منعه في الأسباب -أيضًا- بكونه يخرجها عن أنْ تكونَ أسبابًا؛ لاستلزامِ القياسِ نفي السببيةِ عن خصوصِ الأصل المقيسِ عليه، فيكونُ السببُ أحد الأمرين، لأنَّ ما له سببانِ يحصلُ لكلِّ واحدٍ منهما، فيصيرُ السببُ المقيسُ عليه بالقياسِ غير سببٍ مستقلٍّ، وهكذا في المانعِ والشرط.
قال المؤلف
(1)
-رحمه اللَّه تعالى-:
(فصل
ويجري القياسُ في الكفاراتٍ والحدود، وهو قولُ الشافعية، وأنكره الحنفية. . .) الخ.
خلاصةُ ما ذكره المؤلفُ في هذا المبحثِ أنَّ دخول القياس في الكفاراتِ والحدودِ، اختلف فيه، واختارَ هو جوازَه، واستدلَّ له بأنَّه يجري فيه قياسُ التنقيحِ كما تقدَّم في السبب، ولأنَّها أحكامٌ شرعيةٌ عُقِلَتْ عللُها فجاز فيها القياس.
تنبيه:
اعلمْ أنَّ المسائل التي اختلف في جريان القياس فيها سبعٌ، وهي:
1 -
الحدود.
2 -
الكفارات.
3 -
التقادير.
4 -
الرخص.
5 -
الأسباب.
6 -
الشروط.
(1)
(3/ 926).
7 -
الموانع.
واختيارُ المؤلفِ جوازه في الرخص، كما تقدم في جوازِ قياس العنب على الرطب في بيع العرايا، ونحو ذلك، ولم يتعرض للباقي، وقد أجازه في الباقي قومٌ، ومنعه آخرون وهم الأكثرُ ومنهم المالكية، كما هو ممنوعٌ عندهم -أيضًا- في الرخص.
ومثالُ القياسِ في الأسبابِ قد تقدم.
ومثاله في الحدود: قياسُ اللائطِ على الزاني في وجوب الحدِّ بجامعِ إيلاج فرجٍ في فرج مشتهى طبعًا محرمًا شرعًا.
وقياس النباش على السارق في القطعِ بجامع أخذ مال الغير من حرز مثله.
ومثالُه في الكفارات: اشتراطُ الإيمانِ في رقبةِ كفارة الظِّهارِ واليمينِ قياسًا على كفارةِ القتلِ خطأً بجامعِ أنَّ الكلَّ كفارةٌ.
ومثاله في التقديرات: جعلُ أقلِّ الصداق ربعَ دينارٍ عند مَنْ اشترطَ ذلك قياسًا على إباحةِ قطع اليدِ في السرقةِ بجامع أنَّ كلًّا منهما فيه استباحةُ عضوٍ.
ومثالُه في الشروط: قياسُ استقصاءِ الأوصافِ في بيع الغائبِ على الرؤيةِ عند من يقولُ بذلك.
ومثالُه في المانع: قياسُ نسيانِ الماء في الرحل على المانع من استعماله حسًّا كالسبعِ واللصِّ في صحةِ الصلاةِ بالتيممِ عند من يقول