الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأحاديث في ذلك.
قول المؤلف في
التزكية والجرح
قال المؤلف
(1)
رحمه اللَّه تعالى:
(فصل)
المراد بالتزكية في الاصطلاح إخبارُ العدول عنه بصفات العدالة، والمراد بالجرح فِي الاصطلاح: إخبارهم عنه بما يُخِلُّ بعدالته من فسقٍ أو سقوط مروءة.
قال المؤلف
(2)
-رحمه اللَّه تعالى-:
(اعلم أنَّه يُسْمَعُ الجرح والتعديل من واحد في الرواية؛ لأنَّ العدالة التي تثبتُ بها الرواية لا تزيد على نفس الرواية، بخلاف الشهادة، وكذلك تقبل تزكية العبد والمرأة كما تقبلُ روايتهما).
معنى كلامه واضح، وهو أن التعديل والجرح بالنسبة إلى الرواية كلاهما يثبتُ بواحد عدل، ولو عبدًا أو امرأة؛ لأن نفس الرواية تثبت بواحدٍ ولو عبدًا أو امرأة، فكذلك التزكية فيها، أمَّا الشهادة فلا يكفي فيها واحد كما هو معروف، وكذلك لا يكفي في التزكية فيها واحد.
وحاصل كلام العلماء في هذه المسألة أنَّ لهم فيها ثلاثة مذاهب:
(1)
(1/ 397).
(2)
(1/ 397).
الأول: لا بدَّ في التعديل والتجريح من عدلين مطلقًا، سواء كان ذلك بالنسبة إلى الرواية أو الشهادة.
والثاني: يكفي فيهما معًا واحد.
والثالث: التفصيل، فيكفي الواحدُ فيهما بالنسبة إلى الرواية دون الشهادة. وهو الذي درج عليه المؤلف.
وأشار في "مراقي السعود" إلى هذه المسألة بقوله في الجرح والتعديل:
كلاهما يثبته المنفردُ
…
ومالك عنه روى التعددُ
وقال بالعدد ذو دراية
…
في جهة الشاهد لا الرواية
والقولُ باشتراط التعدد في المعدِّل والمجرِّح في الرواية والشهادة معًا عزاه الفهري للمحدِّثين، والأبياري لأكثر الفقهاء.
وأظهرها عندي الفرقُ بين الرواية والشهادة في ذلك، وكون التعديل والتجريح تبعًا لما فيه التعديل والتجريح، فإن كان يكتفى فيه بواحد، اكتفى في تعديله وتجريحه بواحدٍ، وإلا فلا.
وإنْ كان صاحب "الضياء اللامع" يقول: إن الفرق بينهما غلط، قائلًا: إن معقول الشهادة فيهما سواء؛ لأن كلا منهما إخبار عن شخص بصفات العدالة أو عدمها.
وما قاله يرده الإجماع على الفرق بين الرواية والشهادة في مسائل كثيرة، كقبول رواية المرأة منفردة ولو في الدماء والحدود، مع عدم
قبول شهادتها في ذلك، وكلا الأمرين إخبار منها عن أمر.
وقد قال ابن عاصم المالكي في تحفته:
وواحد يُجزئ في باب الخبر
…
واثنان أولى عند كل ذي نظر
قال المؤلف
(1)
-رحمه اللَّه تعالى-:
(واختلفت الرواية في قبول الجرح إذا لم يتبين سببه. .) إلخ.
خلاصةُ ما ذكره في هذا المبحث أن فيه ثلاثة مذاهب:
أحدها: أنَّ الجرح يقبل ولو لم يبين المجرِّح سببه؛ لأن عدالته تمنعه من الجرح بأمر غير قادح.
الثاني: أنَّ الجرح لا يقبلُ إلا مع بيان سببه؛ لاختلاف الناس فيما يحصلُ به الجرح، فقد يُظَنُّ الأمر قادحًا وهو ليس بقادح.
الثالث: التفصيل بين المجرِّح الذي حصلت الثقةُ ببصيرته وشدة معرفته وتمييزه لأسباب الجرح، فيقبل تجريحُه مع عدم بيان السبب، وبين من ليس كذلك، فلا يقبلُ تجريحه حتى يبين السبب.
قال مقيده -عفا اللَّه عنه-:
جمهور أهل الأصول والحديث: لا يقبل إلا مع بيان السبب؛ لأنَّ المجرِّحَ قد يظنُّ ما ليس بقادح قادحًا، وقد قيل لشعبة: لم تركتَ حديث فلان؟ قال: رأيته يركض على برذون، فتركت حديثه.
(1)
(1/ 397).