المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل في الاستثناء - مذكرة أصول الفقه على روضة الناظر- ط عطاءات العلم

[محمد الأمين الشنقيطي]

فهرس الكتاب

- ‌حقيقة الحكم وأقسامه

- ‌(أقسامُ أحكام التكليف

- ‌(ما لا يتم الواجب إلا به

- ‌المندوب

- ‌المباح

- ‌ الأعيان المنتفع بها قبل ورود الشرع بحكمها

- ‌المكروه

- ‌الأمرُ المطلقُ لا يتناول المكروه

- ‌الحرام

- ‌ خطابُ الكفَّار بفروع الإسلام:

- ‌ الشروط المعتبرةُ لفعل المكلَّف به

- ‌المقتضى بالتكليف فعلٌ وكفٌّ

- ‌ العلة

- ‌ السبب

- ‌ الشرط

- ‌ الصحة

- ‌ الفساد

- ‌باب أدلة الأحكام

- ‌كتاب اللَّه

- ‌المحكم والمتشابه

- ‌(باب النسخ

- ‌ الفرق بين النسخ والتخصيص

- ‌ نسخُ الأمر قبل التمكن

- ‌ نسخ العبادة إلى غير بدل

- ‌ النسخ بالأخف والأثقل

- ‌ نسخ القرآن بالقرآن، والسنة المتواترة بمثلها، والآحاد بالآحاد

- ‌ نسخ السنة بالقرآن

- ‌ نسخ القرآن بالسنة المتواترة

- ‌ النسخ بالقياس

- ‌ما يُعرف به النسخ:

- ‌السُّنَّة

- ‌حدُّ الخبر:

- ‌ العلمُ الحاصلُ بالتواتر

- ‌ ما حصل به العلم في واقعة يحصل به في غيرها

- ‌ أخبارُ الآحاد

- ‌ حصول العلم بخبر الواحد

- ‌ التعبد بخبر الواحد سمعًا

- ‌ خبرُ مجهول الحال

- ‌ التزكية والجرح

- ‌ تعارض الجرحُ والتعديل

- ‌ الدليل على جواز الرواية والعملِ بالإجازة

- ‌زيادة الثقةُ

- ‌ الرفع والوصل نوعٌ من الزيادة

- ‌ رواية الحديث بالمعنى

- ‌ نقل الحديث بالمعنى في التَّرجمة

- ‌ الإجماع

- ‌ اعتبارِ علماء العصرِ من أهل الاجتهاد

- ‌إجماعُ أهل المدينة ليس بحجةٍ

- ‌إجماعُ أهل كلِّ عصر حجةٌ

- ‌ الإجماع السكوتي

- ‌ مستندِ الإجماع

- ‌الأخذُ بأقل ما قيلَ

- ‌الأصول المختلف فيها

- ‌ شرع من قبلنا

- ‌قول الصحابي

- ‌قول الصحابي الذي ليس له حكمُ الرفعِ

- ‌الاستحسان

- ‌الاستصلاح

- ‌ التأويل

- ‌التأويل الفاسد، والتأويل البعيد

- ‌ المجمل

- ‌ الإجمال في لفظ مركب

- ‌ البيان

- ‌ لا يجوزُ تأخير البيان عن وقت الحاجة)

- ‌ تأخير البيان عن وقت الخطاب إلى وقت الحاجة:

- ‌باب الأمر

- ‌ الأمرِ بعد الحظر

- ‌الأمرُ المطلقُ لا يقتضى التكرارَ

- ‌الواجبُ المؤقتُ لا يسقطُ بفواتِ وقته

- ‌ الأمر يقتضي الإجزاءَ بفعل المأمور به

- ‌الأمر بالأمر بالشيء

- ‌ألفاظ العموم خمسةُ

- ‌أقلُّ الجمع

- ‌ الدليلُ على أنَّ العبرةَ بعموم اللفظِ لا بخصوصِ السبب

- ‌ تخصيص العموم إلى أن يبقى واحدٌ

- ‌اللفظ العامُّ يجبُ اعتقادُ عمومه

- ‌ الأدلة التي يُخصُّ بها العمومُ

- ‌فصل في الاستثناء

- ‌ تعدد الاستثناء

- ‌إذا تعقب الاستثناءُ جُمَلًا

- ‌ الشرط

- ‌ المطلق والمقيد

- ‌ إذا كان هناك مقيدان بقيدين مختلفين

- ‌ دلالةُ الاقتضاء

- ‌ دلالة الإشارة:

- ‌ دلالةُ الإيماء والتنبيه:

- ‌ مفهومُ الموافقة

- ‌الفرقُ بين مفهوم الصفة ومفهومِ اللقب:

- ‌ موانع اعتبارِ مفهوم المخالفة

- ‌باب القياس

- ‌ تحقيقُ المناطِ

- ‌ تنقيحُ المناط

- ‌ تخريج المناط

- ‌ إثباتِ القياسِ على منكريه

- ‌(أوجه تطرقِ الخطأ إلى القياس)

- ‌أَضْرُبُ إثباتِ العلةِ بالنقل:

- ‌أضربُ إثباتِ العلةِ بالاستنباطِ

- ‌ المناسبة

- ‌الدورانِ

- ‌النقضُ برائحة الخمر

- ‌الطرد

- ‌ قياسِ الشَّبه

- ‌ غلبةَ الأشباهِ

- ‌ قياس الدلالة

- ‌أركان القياس

- ‌ العلة:

- ‌ اطراد العلةِ

- ‌المستثنى من قاعدةِ القياسِ

- ‌ الصفاتِ الإضافيةِ

- ‌ تعليلُ الحكم بعلتين)

- ‌ إجراءُ القياس في الأسباب)

- ‌(فصل القوادح

- ‌الأول: الاستفسار:

- ‌السؤالُ الثاني: فساد الاعتبار:

- ‌فائدة:

- ‌السؤالُ الثالث: فساد الوضع:

- ‌تنبيهان:

- ‌السؤال الرابع: المنع:

- ‌السؤالُ الخامس: التقسيم:

- ‌(ويشترطُ لصحةِ التقسيمِ شرطان):

- ‌السؤال السادس: المطالبة:

- ‌السؤال السابع: النقض:

- ‌تنبيه:

- ‌تنبيهات:

- ‌السؤال الثامن: القلب:

- ‌السؤال التاسع: المعارضة:

- ‌السؤال العاشر: عدمُ التأثير:

- ‌تنبيهان:

- ‌السؤال الحادي عشر: التركيب:

- ‌السؤال الثاني عشر: القول بالموجب:

- ‌تنبيهان:

- ‌ التقليد)

- ‌ ترتيب الأدلة

- ‌الترجيح

- ‌ الترجيح: بأمرٍ يعودُ إلى المتن

- ‌ النكرة في سياق النفي

- ‌العامُّ الذي لم يدخله تخصيصٌ مقدم على العامِّ الذي دخله تخصيصٌ

- ‌ الترجيح بين علل المعاني

- ‌ الترجيح بين المرجحات

- ‌ المرجحات يستحيل حصرها

- ‌مسائل كتاب الاستدلال

الفصل: ‌فصل في الاستثناء

‌فصل في الاستثناء

صيغُ الاستثناء هي المعروفة في النحو، وأمُّ البابِ "إلا".

قال المؤلفُ

(1)

-رحمه اللَّه تعالى-:

(وحدُّه: أنَّه قولٌ ذو صيغةٍ متصل يدلُّ على أنَّ المذكور معه غيرُ مرادٍ بالقول الأول).

وذكر المؤلف أن الاستثناء يفارق التخصيص في شيئين:

الأول: أنَّ اتصاله لازمٌ بخلاف التخصيص.

الثاني: أنه يتطرق إلى النصِّ الذي لا يحتملُ إلا معنى واحدًا، نحو: عشرة إلا ثلاثة، بخلاف التخصيص فهو من العمومات، وهي ظواهر.

قلتُ: وقد قدَّمنا أنَّ غير المؤلف يعدُّ الاستثناء من المخصصات المتصلة.

قال المؤلف

(2)

:

(ويفارقُ النسخَ -أيضًا- في ثلاثة أشياء:

أحدها: في اتصاله.

(1)

(2/ 743).

(2)

(2/ 744).

ص: 352

والثاني: أنَّ النسخَ رافعٌ لما دخل تحت اللفظ، والاستثناء يمنعُ أنْ يدخل تحت اللفظ ما لولاه لدخل.

الثالث: أنَّ النسخ يرفعُ جميع حكم النصِّ، والاستثناء إنما يجوزُ في البعض).

قلتُ: وقد يجوز النسخُ في البعض، كحديث عائشة الثابت في مسلم من نسخ عشر رضعاتٍ بخمسٍ معلوماتٍ.

واشترط المؤلفُ ثلاثة شروط:

الأول: أن يكون متصلًا بالمستثنى منه.

الثاني: أن يكون من جنس المستثنى منه.

الثالث: أن يكون المستثنى أقل من النصف.

وقال: في استثناء النصف وجهان.

وحكى المؤلفُ جوازَ تأخيرِ الاستثناء عن ابن عباس. وحكى عن طاووسٍ والحسن جوازه في المجلس. قال

(1)

: (وأومأ إليه أحمد رحمه الله في الاستثناء في اليمين، والأولى ما ذكرناه).

قلتُ: التحقيق أنَّ الاستثناء لا بدَّ أنْ يكون متصلًا بالمستثنى منه، ويدلُّ له قوله تعالى في قصة أيوب:{وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ} [ص/ 44]؛ إذْ لو كان تدارك الاستثناء ممكنًا لقال: قل إن شاء

(1)

(2/ 747).

ص: 353

اللَّه.

والظاهرُ فيما روي عن ابن عباس أنَّ مراده به الخروج من عهدةِ النهي في قوله تعالى: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ} الآية [الكهف/ 23]، وليس مراده أنْ تُحَلَّ به الأيمانُ وغيرها مع تأخيره عنها.

وأمَّا اشتراط كون المستثنى من جنس المستثنى منه، فاسْتُدِلَّ له بأنَّ الاستثناء أخرج بعض ما دخل في المستثنى منه، وغير جنسه لم يدخل حتى يخرج.

وأكثر الأصوليين على جواز الاستثناء المنقطع، واستدلوا له بكثرةِ وروده في القرآن وفي كلام العرب، كقوله تعالى:{لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا} [مريم/ 62]، وقوله:{لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا (25) إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا (26)} [الواقعة/ 25، 26]، وقوله تعالى:{وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى (19) إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى (20)} [الليل/ 19، 20]، وقوله:{لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء/ 29].

وقال النابغة الذبياني:

وقفتُ فيها أُصَيْلالًا أُسائلُها

عيَّتْ جوابًا وما بالرَّبْعِ مِنْ أحدِ

إلا الأواريَّ لأيًا ما أُبيِّنُها

والنُّؤْيُ كالحوضِ بالمظلومةِ الجَلَدِ

وقال الراجز:

وبلدةٍ ليس بها أنيسُ

إلا اليعافيرُ وإلا العيسُ

ص: 354

وينبني على الخلاف في هذه المسألة ما لو قال: له عليَّ ألف درهم إلا ثوبًا، فعلى القول بصحة الاستثناء المنقطع تسقط قيمة الثوب بتقدير مضافٍ، أو على المجاز عندهم من إطلاق الثوب وإرادة قيمته.

وفرَّق بعضهم بين الإقرار فأسقط فيه قيمة الثوب، وبين العقد فجعل "إلا" فيه بمعنى الواو، وهو مقتضى كلام مالك في "المدونة".

وأشار في "المراقي" إلى هذه المسألة مع تعريف الاستثناء المتصل والمنقطع بقوله:

والحكم بالنقيض للحكم حصل

لما عليه الحكمُ قبل متصل

وغيرُه منقطعٌ ورجِّحا

جوازُه فهو مجازًا وَضَحَا

فَلْتَنْمِ ثوبًا بعد ألف درهم

للحذف والمجاز أو للندمِ

وقيل: بالحذف لدى الإقرارِ

والعقد معنى الواوِ فيه جار

وأمَّا اشتراطُ كون المستثنى أقلَّ من النصف فقد استُدِلَّ له بأنَّ استثناءَ الأكثر ليس من لغة العرب.

قال: وقال أبو إسحاق الزَّجَّاج: لم يأت الاستثناء إلا في القليل من الكثير.

وقال ابنُ جني: لو قال قائلٌ: له عليَّ مائةٌ إلا تسعةً وتسعين، ما كان متكلمًا بالعربية، وكان كلامهُ عيًّا من الكلام ولُكْنَةً.

قلتُ: وهذا القولُ عزاه غيرُ واحدٍ لمالك، وهو قولُ الباقلاني والبصريين، وعليه أكثر النحاة.

ص: 355

وقال أكثر الأصوليين: يجوزُ استثناءُ الأكثر، واستدلُّوا بأنَّ اللَّه تعالى قال في آية:{قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (83)} [الآية ص/ 82، 83]، وقال في أخرى:{إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} الآية [الحجر/ 42]، قالوا: فلا بدَّ أنْ يكون الغاوون أكثر من المخلصين، أو العكس، وعلى كلٍّ فقد استثنى اللَّه الأكثر.

قلتُ: وهذا الدليلُ في المسألة قويٌّ. وجواب المؤلف رحمه الله عنه بدخول الملائكة في آية استثناء الغاوين وخروجهم من آية استثناء المخلصين، ليس بمتجهٍ فيما يظهرُ لي، بل الظاهر إخراجهم من الآيتين، أو إدخالهم فيهما. أمَّا إخراجهم من واحدةٍ وإدخالهم في الأخرى بلا دليلٍ، فهو تحكمٌ لا دليلَ عليه.

أمَّا البيتُ الذي استدلَّ به بعضهم وهو قوله:

أدُّوا التي نقصتْ تسعين عن مائةٍ

ثم ابعثُوا حَكَمًا بالحقِّ قوَّامًا

فقد أجاب عنه المؤلفُ بجوابين:

أحدهما: أنَّه ليس فيه استثناء أصلًا.

والثاني: أنه مصنوعٌ، وعزاهُ لابن فضَّالٍ النحوي.

وأشار في "المراقي" إلى جميع الأقوال في هذه المسألة بقوله:

وجُوِّزَ الأكثرُ عند الجلَّ

ومالكٌ أوجبَ للأقلِّ

ومنع الأكثر من نصِّ العدد

والعقدُ منه عند بعضٍ انفقد

ص: 356