الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولم يخالف في جواز التقليد للعاميِّ إلا بعض القدريَّة.
والأصل في التقليد قوله تعالى: {وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ} [التوبة/ 122]، وقوله:{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (43)} [النحل/ 43، الأنبياء/ 7]، وإجماع الصحابة عليه.
ولا يستفتي العاميُّ إلا من غلب على ظنِّه أنَّه من أهل الفتوى.
وإذا كان في البلد مجتهدون فله سؤال من شاء منهم، ولا يلزمه مراجعة الأعلم؛ لجواز سؤال المفضول. وقيل: يلزمه سؤال الأفضل.
قال المؤلف
(1)
-رحمه اللَّه تعالى-:
(فصل في
ترتيب الأدلة
ومعرفة الترجيح)
أما ترتيبُ الأدلة: فقد ذكر أنَّ المقدَّم منها الإجماع، ثم المتواتر من الكتاب أو السنة، فمتواترُ السُّنَّةِ في مرتبة القرآن، ثم أخبار الآحاد.
واعلم أنَّ الإجماع الذي يذكر الأصوليون تقديمه على النصِّ هو الإجماعُ القطعيُّ خاصَّةً، وهو الإجماع القوليُّ المُشَاهَدُ، أو المنقول بعدد التواتر، أمَّا غير القطعيِّ من الإجماعات كالسكوتيِّ والمنقولِ بالآحادِ فلا يقدَّم على النصِّ.
واعلم أنَّ تقديم الإجماع على النصِّ إنَّما هو في الحقيقة تقديمُ
(1)
(3/ 1028).
النصِّ المستند إليه الإجماع على النصِّ الآخر المخالف للإجماع. وتارة يكون النصُّ معروفًا، وتارةً يكون غير معروف إلا أنَّا نجزم أنَّ الصحابة لم يجمعوا على ترك ذلك النصِّ إلا لنصٍّ آخر هو مستند الإجماع.
فمثال الأول: ما لو تنازع خصمان في الأخت من الرضاع: هل يحلُّ وطؤها بملك اليمين؟
فقال أحدهما: لا يحلُّ ذلك، لقوله تعالى:{وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} [النساء/ 23]، وظاهره يشمل النكاح وملك اليمين.
فقال خصمه: يحلُّ وطؤها بملك اليمين؛ لعموم قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ. . .} الآية في (قد أفلح، وسأل سائل)، وظاهرها الإطلاق في الأخت من الرضاع وغيرها.
فيقول خصمه: أجمع جميع المسلمين على منع وطء الأخت من الرضاع بملك اليمين، وهذا الإجماع مقدَّم على قوله تعالى:{أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} ، والمقدَّم في الحقيقة النصُّ المستند إليه الإجماع، وهو قوله تعالى:{وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} .
ومثال الثاني: المضاربةُ المعروفةُ في اصطلاح بعض الفقهاء بالقراض، فإنَّ ظاهر النصوص العامة منعها؛ لأنَّ الربح المجعول للعامل جزءٌ منه لا يدرى هل يحصل منه قليل أو كثير، أو لا يحصل منه شيء، وهذا داخلٌ في عموم الغرر.
ولم يثبت نصٌّ صحيح يجب الرجوع إليه من كتاب ولا سنة بجواز