الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال المؤلف
(1)
-رحمه اللَّه تعالى-:
(ثم العامُّ ينقسم إلى عامٍّ لا أعم منه. . .) إلى آخره.
حاصلُه أنَّ للعموم والخصوصِ واسطةً وطرفين:
طرفٌ لا شيء أعم منه، كالمعلوم، والمذكور، فإنَّه يشملُ جميع الموجوداتِ والمعدومات.
وطرفٌ لا شيء أخصُّ منه، كالأشخاص، نحو زيد، وهذا الرجل.
وواسطةٌ هي أعمُّ ممَّا تحتها وأخصُّ ممَّا فوقها، كالحيوان، فإنَّه أعمُّ من الإنسان وأخصُّ من النامي، وكالنامي، فإنَّه أعمُّ من الحيوان وأخصُّ من الجسم؛ لشمولِ الجسم غير النامي، كالحجر. وهكذا.
قال المؤلف
(2)
-رحمه اللَّه تعالى-:
(فصل
و
ألفاظ العموم خمسةُ
أقسام:
الأوَّل: اسمٌ عُرِّفَ بالألف واللام لغير المعهود، وهو ثلاثة أنواع:
1 -
ألفاظ الجموع، كالمسلمين والمشركين والذين.
2 -
أسماء الأجناس، وهو ما لا واحدَ له من لفظه، كالناسِ
(1)
(2/ 663).
(2)
(2/ 665).
والحيوان والماءِ والتراب.
3 -
لفظُ الواحد، كالسارق، والسارقة، والزاني، والزانية، و {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2)} [العصر/ 2]).
قلت: معنى كلامه ظاهرٌ إلَّا أن إدخال: الذين، والسارق، والزاني، والمشركين -مثلًا- من المعرَّف "بأل" فيه نظر؛ لأنَّ "أل" في (الذين) زائدةٌ لزومًا على الصحيح، وهو اسمٌ موصولٌ مُعَرَّفٌ، كما قال في "الخلاصة":
وقد تُزادُ لازمًا كاللاتي
…
والآن والذين ثم اللات
ولأن "أل" في السارق، والزاني، والمشركين، اسمٌ موصولٌ أيضًا، كما قال:
وصفةٌ صريحةٌ صلة أل
…
وكونُها بمعرب الأفعال قل
وأعلم أنَّ المثني كذلك، نحو:"إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتولُ في النَّار"، فإنَّه يعمُّ كلَّ المسلمين، وهذا بناء على تناسي الوصفية في المسلم، وإن لم تُتناسى فَـ "أل" فيه موصولة.
(القسم الثَّاني: أدوات الشرط: كـ "مَنْ" فيمن يعقل، و"ما" فيما لا يعقل، و"أي" في الجميع، و"أين" و"أيان" في المكان، و"متى" في الزمان. . .) إلى آخره.
قلت: جعلُه "أيَّانَ" للمكان سهوٌ منه رحمه الله، بل هو للزمان كـ "متى".
القسم الثالث من ألفاظ العموم: ما أضيف من هذه الأنواع الثلاثة إلى معرفة، كعبيد زيدٍ، ومال عمروٍ).
قلتُ: ومن أمثلته في القرآن: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا} الآية [إبراهيم/ 34]، {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63)} [النور/ 63].
وأعلم أنَّ "ما"، و"مَنْ"، و"أي"، تعمُّ مطلقًا، سواء كانت شروطًا -كما ذكره المؤلف- أو موصولاتٍ، أو استفهاميةً، والأمثلةُ واضحةٌ، نحو:{وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق/ 3]، {وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ} [البقرة/ 197]، {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ} [النساء/ 78]، وقوله صلى الله عليه وسلم:"أيّما امرأة نكحتْ بغير إذن وليِّها فنكاحُها باطلٌ" الحديث.
القسم الرابع: "كل" و"جميع"، كقوله تعالى:{كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} [آل عمران/ 185]، {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ (34)} [الأعراف/ 34]، {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الرعد/ 16، الزمر/ 62]).
(القسم الخامس: النكرةُ في سياق النفي، نحو: {وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ} [الأنعام/ 101]، {وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ} [البقرة/ 255]).
قلت: النكرةُ في سياق النفي تكونُ نصًّا صريحًا في العموم في ثلاث مسائل:
الأولى: المركبة مع "لا" التي لنفي الجنس، نحو:{لَا رَيْبَ فِيهِ}
[البقرة/ 2].
الثَّانية: التي زيدت قبلها "مِنْ"، وتطردُ زيادتها في:
1 -
الفاعل، نحو:{مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ} [القصص/ 46، السجدة/ 3].
2 -
والمفعول، نحو:{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ} [الأنبياء/ 25، الحج/ 52].
3 -
والمبتدأ، نحو:{وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ} [المائدة/ 73].
الثَّالثة: الملازمة للنفي، كالعريب، والصافر، والدابر، والديار.
وفيما سوى هذه الثلاثة فهي ظاهرةٌ في العموم، كالعاملة فيها "لا" عمل "ليس".
تنبيه:
من صيغ العموم: النكرةُ في سياق الشرط، نحو:{وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [التوبة/ 6].
والنكرةُ في سياق الامتنان، نحو:{وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا (48)} [الفرقان/ 48].
والنكرةُ في سياق النَّهي، نحو:{وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا (24)} [الإنسان/ 24].
فائدة:
وربَّما أفادت النكرةُ في سياق الإثبات العمومَ بمجرَّد دلالة السياق، كقوله تعالى:{عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ (14)} [التكوير/ 14]، {عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ (5)} [الانفطار/ 5]، بدليل قوله تعالى:{هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ} الآية [يونس/ 30].
وأنشد لنحوه صاحب "اللسان":
يومًا ترى مرضعةً خَلُوجا
…
وكلَّ أنثى حملتْ خَدُوجا
وكلَّ صاحٍ ثَمِلًا مَرُوجا
وأعلم أنَّ الحقَّ أنَّ صيغ العموم الخمس التي ذكرها المؤلف التي هي:
1 -
المعرف بـ "أل" غير العهدية.
2 -
والمضاف إلى المعرفة.
3 -
وأدوات الشرط.
4 -
كل وجميع.
5 -
والنكرة في سياق النفي.
تُفيدُ العموم، وخلافُ من خالف في كلها أو بعضها كله ضعيفٌ لا يعول عليه.
والدليل على إفادتها العموم إجماعُ الصحابة على ذلك، لأنَّهم
كانوا يأخذون بعمومات الكتاب والسنة، ولا يطلبون دليل العموم، بل دليلَ الخصوص، وبأنَّ السيِّد لو قال لعبده إحدى الصيغ المذكورة نحو: مَنْ دخل فأعطه درهمًا أو كلَّ داخلٍ فأعطه درهمًا، فعليه التعميمُ، وليس له منعُ أحدِ ممَّن شملهم العمومُ.
ومَنْ قال: إنَّ المفردَ المعرَّف بـ "أل" لا يعمُّ، يُرَدُّ عليه بقوله تعالى:{وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا} [العصر/ 1 - 3]، إذْ لو لم يعم كلَّ إنسانِ لما استثنى منه {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا} الآية.
تنبيه:
قال محققو الأصوليين: لا فرقَ في الجموع المعرفة بـ "أل" بين جمع القلة والكثرة؛ لأنَّ الاستغراق فيها مفهومٌ من الألف واللام، ولذا عمَّ معهما المفرد، كما ذكرنا آنفًا، فكيف بالجمع؟
وقد أشار المؤلفُ إلى هذا في هذا المبحث، وهو ظاهر.
وذكر في "المراقي" صيغ العموم بقوله:
صيغُه كلٌّ أو الجميع
…
وقد تلا الذي التي الفروع
أين وحيثما ومَنْ أيٌّ وما
…
شرطًا ووصلًا وسؤالًا أفهما
متى وقيل لا وبعض قيدا
…
وما معرفًا بـ "أل" قد وجدا
أو بإضافةٍ إلى المعرف
…
إذا تحققُ الخصوصِ قد نفي
وفي سياقِ النفي منها يذكر
…
إذا بُني أو زِيد من منكر