الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
ولا خلافَ في
اعتبارِ علماء العصرِ من أهل الاجتهاد
في الإجماع، وأنَّه لا يعتدُ فيه بقول الصبيان والمجانين، وأما العوامُّ فلا يعتبرُ قولهم عند الأكثرين، وقال قوم: يُعتبرُ قولُهم؛ لدخولهم في اسم المؤمنين ولفظ الأمة. وهذا القولُ يقتضي إبطال الإجماع، إذْ يستحيلُ معرفةُ أقوال الأمة جميعها في مسألةٍ واحدة، والحقُّ أن العوامَّ لا عبرة بهم؛ لجهلهم
(1)
.
فصل
ومن يعرفُ من العلم ما لا أثرَ له في الأحكام الشرعية، كعلم الكلام واللغة والنحو والحساب، لاعبرةَ به في الإجماع؛ لأنَّه بالنسبة إلى الأحكام الشرعية عاميٌّ.
فأمَّا الأصوليُّ الذي لا يعرفُ تفاصيل الفروعِ، والفقيهُ الحافظُ لأحكام الفروعِ من غير معرفة الأصول، والنحويُّ إذا كان الكلام في مسألة تبنى على النحوِ = فلا يعتبر بقولهم -أيضًا-، خلافًا لقوم
(2)
.
هكذا ذكره المؤلف، مع أن أكثر الشَّافعية والمالكية يعتبرون الأصوليَّ وإن لم يحفظ تفاصيل الفروع؛ لأنَّ فيه قوة قابلة لمعرفتها من الأصول.
(1)
(2/ 451).
(2)
(2/ 454).
فصل
ولا يُعتبرُ في الإجماع بقول كافر سواء كان بتأويل أو غيرِه.
فأمَّا الفاسق باعتقاد أو قول أو فعل، فقال القاضي: لا يعتد به، وهو قول جماعة؛ لقوله تعالى:{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} [البقرة/ 143] أي عدولًا. وهو ليس بعدلٍ. ولأنَّه لا يُقبل منفردًا، فلا يقبلُ مع غيره.
وقال أَبو الخطَّاب: يُعتبر قول الفاسق لدخوله في عمومِ الأمة والمؤمنين في الأدلةِ المتقدمة
(1)
.
مسألة
إذا بلغ التابعيُّ رتبة الاجتهاد في عصر الصحابة، اعْتُدَّ به في الإجماع عند الجمهور، واختاره أَبو الخطَّاب، وقال القاضي وبعضُ الشَّافعية: لا يعتد به، وأومأ أحمدُ رحمه الله إلى القولين.
ووجه الاعتداد به -وهو الحقُّ- عند الجمهور: أنَّه مجتهد من علماء الأمة، فلا وجهَ لإلغائه.
ووجهُ إلغائه أنَّ الصحابة لما شاهدوا التنزيل وكانوا أعلم بالتأويل، كان غيرهم من العلماء بالنسبة إليهم كالعاميِّ بالنسبة إلى العلماء، فإن انعقد إجماع الصحابة قبل بلوغ التابعي رتبة الاجتهاد فلا عبرة بقوله؛ لأنَّه مسبوق بالإجماع
(2)
.
(1)
(2/ 458 - 459).
(2)
(2/ 467 - 469).