الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مع قوله: {وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ} [لقمان/ 14] على أنَّ أقلَّ أمدِ الحمل ستة أشهر.
* وأمَّا
دلالةُ الإيماء والتنبيه:
فهي لا تكونُ إلا على علة الحكم خاصة، وضابطها: أن يذكر وصفٌ مقترن بحكم في نصٍّ نصوص الشرع على وجهٍ لو لم يكنْ ذلك الوصفُ علةً لذلك الحكم لكانَ الكلام معيبًا.
ومثالُه: قولُه صلى الله عليه وسلم للأعرابي الذي قال له: هلكتُ! واقعتُ أهلي في نهارِ رمضانَ: "أعتقْ رقبةً". فلو لم يكن ذلك الوقاعُ علة لذلك العتقِ كان الكلامُ معيبًا.
وكلُّ هذه الثلاثة مِنْ دلالةِ الالتزام. والحقُّ أنَّها مِن المفهوم.
أمَّا المفهومُ فهو قسمان:
1 -
مفهوم موافقة.
2 -
مفهوم مخالفة.
أمَّا
مفهومُ الموافقة
فهو: ما يكونُ فيه المسكوتُ عنه موافقًا لحكم المنطوق، مع كونِ ذلك مفهومًا مِنْ لفظ المنطوق.
وعرَّفه في "المراقي" بقوله:
إعطاء ما للفظة المسكوتا
…
مِنْ بابِ أولى نفيًا أو ثبوتا
وهو أربعةُ أقسام، لأنَّ المسكوتَ عنه:
تارةً يكونُ أوْلى بالحكم من المنطوق، كقوله تعالى:{فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7)} [الزلزلة/ 7]، فمثقالُ الجبلِ المسكوت عنه أولى بالحكم من مثقال الذرة، وقوله:{وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق/ 2]، فأربعةُ عدولٍ المسكوتُ عنهم أوْلى.
وتارة يكونُ مساويًا، كإحراق مال اليتيمِ وإغراقه المفهوم منعُه مِنْ قوله:{إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا} [النساء/ 10].
وكلا هذين القسمين يكونُ ظنيًّا، وقطعيًّا.
فالأقسام أربعةٌ، وستأتي هذه المسألةُ بإيضاحٍ إن شاء اللَّه تعالى في القياس.
واعلم أنَّ مذهب الجمهور هو كونُ هذا النوع من المفهوم.
وذهب جماعةٌ منهم الشافعيُّ إلى أنَّه قياسٌ، وهو المسمى عندهم بالقياس في معنى الأصل.
وذهب قوم إلى أنه مجازٌ من إطلاق البعض وإرادة الكل.
وذهب قومٌ إلى أنَّ العرفَ اللغويَّ نقلَ اللفظَ مِنْ وضعه لثبوت الحكمِ في المذكور خاصةً إلى ثبوته في المذكور والمسكوتِ عنه معًا.
وأشار إلى هذه الأقوال في "المراقي" بقوله:
دلالةُ الوفاقِ للقياسِ
…
وهو الجلي تعزى لدى أناسِ
وقيل للفظِ مع المجازِ
…
وعزوُها للنقلِ ذو جوازِ
وأمَّا مفهومُ المخالفة فهو: أن يكون المسكوتُ عنه مخالفًا لحكمِ المنطوق، كقوله صلى الله عليه وسلم:"في الغنم السائمةِ الزكاةُ".
فالمنطوقُ: السائمةُ، والمسكوتُ عنه: المعلوفةُ، والتقييدُ بالسومِ يفهمُ منه عدمُ الزكاةِ في المعلوفة.
ويُسمى دليلَ الخطاب، وتنبيه الخطاب، وهو ثمانية أقسام:
1 -
مفهومُ الحصر. وأقوى صيغِ الحصر: النفيُ والإثباتُ، نحو: لا إله إلا اللَّه.
فالأصوليون يقولون: منطوقُها نفيُ الألوهية عن غيرِه جلَّ وعلا، ومفهومُها إثباتُها له وحده جلَّ وعلا، والبيانيون يعكسون.
قلتُ: الحقُّ الذي لا شك فيه: أنَّ النفي والإثبات كلاهما منطوقٌ صريحٌ، فلفظةُ "لا" صريحةٌ في النفي، ولفظةُ "إلا" صريحةٌ في الإثبات.
فعدُّ مثلِ هذا من المفهوم غلطٌ -فيما يظهر لي-، وقد نبَّه عليه صاحب "نشرِ البنود".
وإنَّما يكونُ للحصر مفهومٌ في الأدوات الأخر، نحو: إنَّما، وتقديم المعمول، وتعريف الجزءين، ونحو ذلك.
2 -
ومفهومُ الغاية. نحو: {فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة/ 230]، ومفهومه: أنَّها إنْ نكحتْ زوجًا غيره حلَّت له.
3 -
ومفهومُ الشرط. نحو: {وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ} الآية [الطلاق/
6]، يفهمُ منه أنَّ غيرَ الحوامل لا نفقةَ لهنَّ.
4 -
ومفهومُ الوصف. نحو: "في الغنم السائمةِ زكاةٌ".
5 -
ومفهومُ العدد. نحو: {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} [النور/ 4]، يُفهمُ منه أنَّه لا يُجلدُ أكثر من ذلك.
6 -
ومفهومُ الظرف زمانًا كان أو مكانًا.
مثالُ الزماني: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة/ 197]، يُفهمُ منه أنَّه لا حجَّ في غيره.
ومثالُ المكاني: {وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة/ 187]، يُفهمُ منه أنَّه لا اعتكاف في غير المسجد عند مَنْ يقولُ ذلك.
7 -
ومفهومُ العلة. نحو: أعطِ السائلَ لحاجته. يُفهمُ منه أنه لا يُعطى غير المحتاج.
8 -
ومفهومُ اللقب. وهو أضعفها.
وضابطُ اللقب عند الأصوليين: هو كلُّ اسمٍ جامدٍ، سواء كان اسم جنسٍ أو اسم جمعٍ أو اسم عينٍ، لقبًا كان أو كنيةً أو اسمًا، فلو قلتَ: جاء زيدٌ، لم يفهم منه عدمُ مجيء عمرو.
بل ربما كان اعتبارُه كفرًا، كما لو قيل: محمدٌ رسولُ اللَّه، يُفهم من مفهوم لقبه أنَّ غيره لم يكن رسولَ اللَّه.
وأشار في "المراقي" إلى أقسامه ومراتبه بقوله: