الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال المؤلفُ
(1)
-رحمه اللَّه تعالى-:
(فصل
إذا وردت صيغةُ
الأمرِ بعد الحظر
اقتضت الإباحة، وهو ظاهرُ قول الشافعي).
خلاصة ما ذكره المؤلف في هذا المبحث: أنَّ صيغة "افعل" إذا وردت في أمرٍ كان ممنوعًا، ففيما تفيده ثلاثة أقوال:
الأوَّل: الإباحة. وعزاه لظاهر قول الشافعي.
الثَّاني: أنَّها كالتي لم يتقدمها حظرٌ. وقد قدَّمنا أنها للوجوب عند التجرد من القرائن.
الثالث: إنْ ورد الأمرُ بصيغة "افعل" فهي للجواز، وإنْ ورد بمثل "أنتم مأمورون" فكالتي لم يتقدمها حظر.
وحجة القول بالوجوب هو ما قدمنا من أدلة كون "افعل" للوجوب.
وحجةُ القول بالإباحة -وهو اختيار المؤلف-: أنَّ عرف الاستعمال في الأمر بعد الحظر بالإباحة، بدليل أنَّ أكثر أوامر الشرع بعد الحظر بالإباحة، كقوله تعالى:{وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة/ 2]، {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ} [الجمعة/ 10]، {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ
(1)
(2/ 612).
فَأْتُوهُنَّ} [البقرة/ 222]، إلى غير ذلك من الأدلة.
وحجة القول الثالث: أنَّ الجملة الاسميةَ قد تفيدُ من الثبوت والدوام ما لا تُفيدُه صيغةُ "افعل".
ولا يخفى ضعفُ هذا القول.
وحاصلُ معنى اختيار المؤلفِ أنَّها للإباحة هو: أنَّ الحظرَ الأوَّل قرينةٌ صارفةٌ للصيغة عن الوجوب إلى الإباحة.
قال مقيِّده -عفا اللَّه عنه-:
الذي يظهرُ لي في هذه المسألة هو ما يشهدُ له القرآنُ العظيم، وهو أنَّ الأمر بعد الحظر يدلُّ على رجوع الفعل إلى ما كان عليه قبل الحظر، فإن كان قبله جائزًا رجع إلى الجواز، وإنْ كان قبله واجبًا رجع إلى الوجوب.
فالصيد -مثلًا- كان مباحًا، ثم مُنِعَ للإحرام، ثم أُمِرَ به عند الإحلال، فيرجعُ لما كان عليه قبل التحريم.
وقتل المشركين كان واجبًا، ثم مُنِعَ لأجل دخول الأشهر الحرم، ثم أُمِرَ به عند انسلاخها في قوله تعالى:{فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ} الآية [التوبة/ 5]، فيرجعُ إلى ما كان عليه قبل التحريم. وهكذا.
وهذا الذي اخترنا قال به بعضُ الأصوليين، واختاره ابن كثيرٍ في تفسير قوله تعالى:{وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة/ 2].