الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
الإجماعُ ينقسمُ إلى مقطوع ومظنون
(1)
، وقد تقدَّمت الإشارةُ إلى هذا.
فصل
الأخذُ بأقل ما قيلَ
ليس تمسكا بالإجماع، كالاختلاف في ديةِ الكتابي، فقيل: كدية المسلم. وقيل: نصفُها. وقيل: ثلثها.
فالتمسكُ بالثلث ليس بالإجماع
(2)
، وأظهرُ دليلٍ على ذلك جوازُ مخالفته
(3)
.
(1)
(2/ 500).
(2)
كذا في الأصل المطبوع، ولعل صواب العبارة: فالأخذ بالثلث ليس تمسُّكًا بالإجماع.
(3)
(2/ 502).
الأصل الرابع: الاستصحاب
استصحاب الحال ودليل العقل
(1)
اعلم أن الاستصحاب ثلاثة أقسام، اثنان مقبولان عند الجمهور، وواحد مردود عندهم:
1 -
استصحابُ العدم الأصلي حتى يرد دليل ناقلٌ عنه؛ لأنَّ العقل يدلُّ على براءة الذمَّة حتى يقوم الدليل، كعدم وجوب صيام صفر -مثلًا-؛ لأنَّ الأصل براءة الذمة منه، فيستصحب الحال في ذلك.
وهذا النوع هو الذي ينصرف إليه اسم الاستصحاب، وهو المعروف بالبراءة الأصلية والإباحة العقلية.
وهذا النوع قد دلَّ القرآن على اعتباره في آيات كثيرة، كقوله تعالى:{فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ} [البقرة/ 275]، وقوله:{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ} [التوبة/ 115].
ووجه الدلالة في الآية الأولى: أنَّه لمَّا نزل تحريم الربا خافوا من الأموال المكتسبة من الربا قبل التحريم، فبينت الآية أن ما اكتسبوا من الربا قبل التحريم على البراءة الأصلية حلال لهم، ولا حرج عليهم فيه.
ووجه دلالة الآية الثانية: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما استغفر لعمه أبي طالب
(1)
(2/ 504).
واستغفر المسلمون لموتاهم من المشركين، وأنزل اللَّه {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} [التوبة/ 113]، ندموا على استغفارهم للمشركين، فبينت الآية أن استغفارهم لهم قبل التحريم على البراءة الأصلية، لا إثم عليهم فيه ولا حرج، حتى يبيِّن لهم اللَّه ما يتقونه، كالاستغفار لهم -مثلًا-.
2 -
استصحابُ دليل الشرع، كاستصحاب النص حتى يرد الناسخ، والعموم حتى يرد المخصص، ودوام الملك حتى يثبت انتقاله، ودوام شغل الذمة الثابت حتى تثبت براءتها، ونحو ذلك.
3 -
وهو المردود عند الجمهور، هو استصحابُ حال الإجماع في محل النزاع، واعتبره بعضهم، واختاره أَبو إسحاق بن شاقلا.
ومثاله: أن يقول في المتيمم إذا رأى الماء في أثناء الصلاة: الإجماعُ منعقد على صحة صلاته ودوامه فيها، فنحن نستصحب ذلك إلى ورود الدليل الصارف عنه.
وهذا غير صحيح؛ لأنَّ الإجماع إنما دل على الدوام فيها حال عدم الماء، أما مع وجوده فلا إجماع حتى يقال باستصحابه.
فصل
اعلم بأنه من نفى حكمًا بأن الأمر الفلاني ليس بكذا اختلف فيه، هل يكفيه مجرد النفي بناء على أنَّه الأصل حتى يرد دليل الوجوب، أو يكلف بالدليل على ما ادعاه من النفي؟
(1)
(1)
(2/ 511).
وهذا الأخير هو مذهب الجمهور، وهو الحقُّ، واختاره المؤلف، واستدلَّ له بقوله تعالى:{وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (111)} [البقرة/ 111].