الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
ولا ينعقدُ الإجماعُ بقول الأكثرين من أهل العصر في قول الجمهور.
وقال ابن جرير الطَّبري وأَبو بكر الرَّازي: لا عبرة بمخالفة الواحد والاثنين، فلا تقدحُ مخالفتهما في الإجماع، وقد أومأ إليه أحمد رحمه الله
(1)
.
وحُجَّة الجمهور أنَّ العبرةَ بقول علماء جميع الأمة؛ لأن العصمة إنَّما هي للكل، لا البعض.
وحجة الآخرِ اعتبارُ الأكثر، وإلغاء الأقل.
قال في "المراقي":
والكلُّ واجب وقيل لا يضر
…
الاثنان دون من عليهما كثُر
فصل
و
إجماعُ أهل المدينة ليس بحجةٍ
، وقال مالك: هو حجة
(2)
.
أمَّا حجة الجمهور على أنَّه غيرُ حجةٍ فواضحة، لأنهم بعضُ الأمة، والمعتبرُ إجماعُ الأمةِ كلَّها.
وأمَّا حجة مالك، فالتحقيق أنَّها ناهضةٌ -أيضًا-؛ لأن الصحيح
(1)
(2/ 473 - 474).
(2)
(2/ 479).
عنه أنَّ إجماع أهل المدينة المعتبر له شرطان:
أحدهما: أن يكون فيما لا مجال للرأي فيه.
الثاني: أن يكون من الصحابة أو التابعين لا غير ذلك؛ لأنَّ قول الصحابي فيما لا مجال للرأي فيه في حكم المرفوع، فألحق بهم مالك التابعين من أهل المدينة فيما فيه اجتهاد لتعلمهم ذلك عن الصحابة.
أما في مسائل الاجتهاد فأهلُ المدينة -عند مالكٍ في الصحيح عنه- كغيرهم من الأمة. وحُكِيَ عنه الإطلاق.
وعلى القول بالإطلاق يتوجه عليه اعتراضُ المؤلف بأنَّهم بعض من الأمة، كغيرهم.
وإلى ما ذكرنا عن مالك أشار في "المراقي"، قال:
وأوجبنْ حجية للمدني
…
فيما على التوقيف أمرُه بُني
وقيل: مطلقًا وما قد أجمعا
…
عليه أهل البيت مما منعا
ومعناه: عند مالك اتفاق الصحابة والتابعين الذين في المدينة، واتفاقُ الخلفاء. . . الخ.
فصل
واتفاقُ الخلفاء الأربعة ليس بإجماع عند الجمهور
(1)
.
(1)
(2/ 481).
والصحيح أنَّه حجةٌ وليس بإجماع، لأن الإجماع لا يكونُ إلَّا من الجميع؛ فالإجماعُ إنما يكون من الكلِّ. . . الخ.
وقيل: إجماعٌ. وقيل: حجةٌ لا إجماع، وهو أظهرها.
وما نُقل عند أحمد رحمه الله من أنَّه لا يخرج عن قولهم إلى قول غيرهم، لا يدلَّ على أن قولهم إجماع؛ لأنَّ الدليل قد يكونُ حجةً وليس إجماعًا.
مسألة
ظاهر كلام أحمد رحمه الله أن انقراض العصر شرط في صحة الإجماع، وهو قولُ بعض الشَّافعية.
وقد أومأ إلى أن ذلك ليس بشرط، بل لو اتفقت كلمةُ الأمة ولو في لحظةٍ واحدةٍ، انعقد الإجماعُ، وهو قول الجمهور، واختاره أَبو الخطَّاب
(1)
.
ووجه هذا القول أن حقيقة الإجماع المعصوم تحصلُ باتفاقهم، ولو في لحظة واحدة، والنصوص الدالةُ على حجية الإجماع ليس فيها القيدُ بانقراض العصر، ولأنَّه يؤدي إلى تعذر الإجماع؛ لأنَّه لا يكادُ عصرٌ ينقرضُ حتى يحدث من أولاده من يكونُ من علماء العصر، فيتسلسل.
ووجهُ اشتراطه: احتمالُ رجوع البعض عن اجتهاده، فيؤولُ الأمرُ
(1)
(2/ 482).