الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأولى: أنْ تكون الزيادةُ على الواجب متميزةً عنه، كصلاة النافلة بالنسبة إلى الصلوات الخمس، وهذه الزيادة غيرُ واجبةٍ، كما هو واضح.
الثانية: أن تكون الزيادة غير متميزةٍ عن الواجب، كالزائد على قدر الفرض من الطمأنينة في الركوع والسجود ونحو ذلك، فقال قوم: الزيادة هنا واجبة؛ لأن الجميع امتثالٌ للأمر الواجب، ولم يتميزْ فيه واجب عن غيره، فالكلُّ واجب؛ لأنَّه امتثالٌ للواجب.
والحقُّ أنَّ الزائد غير واجب، والدليلُ على ذلك جوازُ تركه والاقتصار على ما يحصل به الفرض فقط من الطمأنينة من غير شرطٍ ولا بدلٍ.
المندوب
قال المؤلف
(1)
: (الثاني: المندوب).
خلاصة ما ذكره المؤلف في هذا المبحث أنَّ المندوب هو ما في فعله الثواب، وليس في تركه عقاب.
وهذا أجود التعريفين اللذين ذكرهما المؤلف.
وإن شئت قلت: ما أُمِرَ به أمرًا غير جازم.
والتحقيق أنَّ المندوب مأمورٌ به؛ لأنَّ الأمر قسمان:
1 -
أمر جازم، أي في تركه العقاب، وهو الواجب.
(1)
(1/ 189).
2 -
وأمر غير جازم، أي لا عقاب في تركه، وهو المندوب.
والدليل على شمول الأمر للمندوب قوله تعالى: {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ} [الحج/ 77]. أي ومنه المندوب.
{وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ} [لقمان/ 17] أي ومنه المندوب.
{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى} [النحل/ 90] أي ومن الإحسان وإيتاء ذي القربى ما هو مندوب.
واحتجَّ من قال: إنَّ الندب غير مأمور به بقوله: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63)} [النور/ 63]، قالوا: في الآية التوعدُ على مخالفة الأمر بالفتنة والعذاب الأليم، والندبُ لا يستلزمُ تركه شيئًا من ذلك.
وبحديث: "لولا أنْ أشقَّ على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كلَّ صلاة" مع أنه ندبهم إلى السواك، قالوا: فدلَّ ذلك على أنَّ الندب غير مأمور به.
والجوابُ أنَّ الأمر في الآية والحديث المذكورين يراد به الأمرُ الواجب، فلا ينافي أن يطلق الأمر -أيضًا- على غير الواجب، وقد قدَّمنا أنَّ الأمر يطلق على هذا وهذا.
وزعمُ من قال إنَّ الندب تخييرٌ؛ بدليل جواز تركه، والأمر استدعاءٌ وطلب، والتخيير والطلب متنافيان = زعمٌ غير صحيح؛ لأن الندب ليس تخييرًا مطلقًا؛ بدليل أن الفعل فيه أرجحُ من الترك؛ للثواب في فعله وعدم الثواب في تركه، ولأنَّ المندوب -أيضًا- مطلوبٌ إلا أنَّ