الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والرفع والوصل وزيد اللفظ
…
مقبولة عند إمام الحفظ
إن أمكن الذهول عنها عادة
…
إلَّا فلا قبول للزيادة
وقيل لا إن اتحاد قد علم
…
والوفق في غير الذي مر رسم
قال المؤلف
(1)
-رحمه اللَّه تعالى-:
(فصل
وتجوزُ
رواية الحديث بالمعنى
للعالم المفرِّق بين المحتمل وغير المحتمل، والظاهر والأظهر، والعام والأعم، عند الجمهور، فيُبدلُ لفظًا مكان لفظ فيما لا تختلف الناس فيه، كالألفاظ المترادفة، مثل القعود والجلوس، والصبِّ والإراقة، والحظر والتحريم. . .) الخ.
خلاصة ما ذكره رحمه الله في هذا الفصل: أنَّ نقل الحديث بالمعنى جائز عند الجمهور بشروط، وأنَّ بعض أصحاب الحديث قال بمنعه مطلقًا، وأنَّه لابدَّ من أداء الحديث بنفس اللفظ لا بمعناه.
وشروط جوازه عند من أجازه:
الأول منها: أن يكون ناقلُ الحديث بالمعنى عالمًا باللسان العربي، لا تخفى عليه النكت الدقيقة التي يحصل بها الفرق الخفيُّ بين معاني الألفاظ، عارفًا بالمحتمل وغيره، والظاهر والأظهر، والعام والأعم، ونحو ذلك؛ لأنَّ من ليس كذلك قد يبدل اللفظ بلفظ يساويه
(1)
(2/ 422).
في ظنه وبينهما تفاوت في المعنى خافٍ عليه، فيأتي الخلل في حديثه من ذلك.
الثاني: أن يكون جازمًا يقينًا بمعنى الحديث، لا أن يكون فهمُه للمعنى بنوع استنباط واستدلال يختلف فيه، أو بظنٍّ عدم وضوح الدلالة، خلافًا لمن زعم الاكتفاء بالظن الغالب.
الثالث: أن لا يكون اللفظ الذي نقل به الراوي معنى الحديث أخفى من لفظ النبي صلى الله عليه وسلم ولا أظهر، أما منع نقله بما هو أخفى منه فواضح، وأمَّا منعه بما هو أظهر منه فقد علَّله المؤلف بأنَّ الشارع ربما قصد إيصال الحكم باللفظ الجلي تارة وبالخفي أخرى. والمعروف عند أهل الأصول تعليلُه بأن الظهور من المرجحات عند التعارض، فقد يتعارضُ مع الحديث الذي رواه الراوي بأظهر من معناه حديثٌ آخر فيرجحه المجتهد عليه بالظهور ظانًّا أن اللفظ للنبي صلى الله عليه وسلم والواقع أنَّ موجب الترجيح من تصرف الراوي لا من النبي صلى الله عليه وسلم. وهذه العلة ظاهرةٌ كما ترى.
وحجج جواز نقله بالمعنى المذكورة في هذا الفصل:
منها: الإجماع على جواز شرح الشرع للعجم بلسانهم، فإذا جاز إبدالُ كلمة عربية بكلمة عجمية فإبدالها بكلمة عربية أولى.
ومنها: أن سفراء النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يبلغونهم أوامره بلغتهم.
ومنها: أن الخطب المتحدة والوقائع المتحدة رواها الصحابة بألفاظ مختلفة والمعنى واحد.
ومنها: أنَّ من سمع شاهدًا يشهد بالعجمية جاز أنْ يشهد على شهادته بالعربية، والشهادة آكد من الرواية.
ومنها: أن الرواية بالمعنى عن غيره صلى الله عليه وسلم جائزة، فكذلك الرواية عنه، بجامع حرمة الكذب فيهما معًا.
وحجة من قال بالمنع في هذا الفصل حديثُ: "نضَّر اللَّه امرءًا سمع مقالتي فأداها كما سمعها" الحديث.
هذا هو خلاصةُ ما ذكره في هذا الفصل.
قال مقيده -عفا اللَّه عنه-:
التحقيقُ في هذه المسألة هو ما ذهب إليه الجمهور من جواز نقل الحديث بالمعنى بالشروط المتقدمة، لأَنَّه غير متعبد بلفظه، والمقصود منه المعنى، فإذا أدَّى المعنى على حقيقته كفى ذلك دون اللفظ، ومن أتى بالمعنى بتمامه فقد أدَّاه كما سمعه، فيدخل في قوله:"فأدَّاها كما سمعها"، ويدلُّ لهذا قوله تعالى:{إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى (18) صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى} [الأعلى/ 18، 19]، والذي في تلك إنَّما هو معنى ما ذكر، لا لفظه. وأمثال ذلك كثيرة في القرآن.
فإنْ قيل: ما الجوال عن حديث البراء بن عازب المشهور الصحيح، ومحلُّ الشاهد منهْ أن البراء سمع من النبي صلى الله عليه وسلم ذلك الحديث ومن جملته:"آمنت بكتابك الذي أنزلت ونبيك الذي أرسلت"، فقال البراء:"ورسولك الذي أرسلت" فأبدل لفظ النبي بلفظ الرسول فقال له صلى الله عليه وسلم: "قل آمنت بنبيك الذى أرسلت".