الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيقولُ: أليستِ العينُ مشتركةً بين الباصرةِ والجاريةِ -مثلًا-؟
فيجيبُ: لفظُ الشربِ قرينةٌ تعيِّنُ الجاريةَ دون الباصرة، فلا يحتملُ اللفظُ غيرَ الجارية.
ومثالُ الترجيحِ: أنْ يقول: إذا حال الأسدُ بينك وبين الماءِ، والماءُ قريبٌ منك، جاز لك التيممُ قياسًا على عادمِ الماء.
فيقولُ: الأسدُ يطلقُ على الحيوانِ المفترسِ، وعلى الرجل الشجاعِ، فأيهما تريد؟
فيجيبُ: هو في الحيوانِ أظهرُ عند التجردِ من القرينة، واحتمالُه أرجحُ من غيره، فيجبُ الحملُ عليه دون الاحتمالِ المرجوح.
وهذا السؤالُ ليس بقادع في الحقيقة، وإنَّما هو مطالبةٌ بإظهارِ المرادِ من الدليل، ليمكنَ المعترض الحكمَ عليه بإبطالٍ أو تسليم.
السؤالُ الثاني: فساد الاعتبار:
وهو مخالفةُ الدليلِ لنصٍّ أو إجماع.
فمخالفتُه للنصِّ، كقياس لبن المصرَّاةِ على غيره من المثليَّاتِ في وجوب المثل، فإنَّه فاسدُ الاعتبارِ، لمخالفتهِ نصَّ الرسول صلى الله عليه وسلم على أنَّ فيه صاعًا من تمرٍ.
وكالقولِ بمنعِ السلفِ في الحيوانِ لعدمِ انضباطه قياسًا على غيره من المختلطات، فيعترضُ بأنَّه مخالفٌ لما ثبتَ عنه صلى الله عليه وسلم من أنَّه استسلفَ بكرًا وردَّ رباعيًّا، وقال:"إنَّ خيرَ الناسِ أحسنُهم قضاءً".
ومثالُ مخالفةِ الإجماع: قولُ الحنفي: لا يغسِّلُ الرجلُ زوجته الميتةَ؛ لحرمةِ النظرِ إليها قياَسًا على الأجنبيةِ. فيعترضُ بأنَّ عليًّا غسَّل فاطمةَ ولم ينكرْ عليه أحد من الصحابةِ، فصار إجماعًا سكوتيًّا.
وعرَّفه في "المراقي" بقوله:
والخلفُ للنَّصِّ أو اجماعٍ دعا
…
فسادَ الاعتبارِ كلُّ مَنْ وعَى
وجوابُ المستدلِّ عن فسادِ الاعتبارِ مِنْ وجهين:
أحدهما: أنْ يُبِّين أن النصَّ لم يُعارضْ دليلَه.
الثاني: أنْ يُبيِّنَ أنَّ دليله أوْلى بالتقديمِ من نصِّ المعارض.
فمثالُ الأولِ أنْ يقال: شرطُ الصومِ تبييتُ النيةِ في رمضان، فلا تصحُّ نيَّتُه في النهارِ قياسًا على القضاء.
فيقولُ الحنفيُّ: هذا فاسدُ الاعتبار؛ لمخالفتِه لقوله تعالى: {وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ} إلى قوله: {أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب/ 35]، فإنَّه يدلُّ على ثبوتِ الأجرِ العظيمِ لكلِّ مَنْ صامَ، وذلك مستلزمٌ للصحة.
فيقولُ المستدلُّ: الآيةُ لا تعارضُ دليلي
(1)
، ولا تدلُّ على الصحة؛ لأنَّ عمومها مخصصٌ بحديثِ "لا صيامَ لِمَنْ لم يُبيِّت النيةَ من الليل".
ومثالُ الثاني: أنْ يُقال: قياسُ العبدِ على الأمةِ في تشطير حدِّ الزنا بالرِّقِّ فاسدُ الاعتبارِ؛ لمخالفةِ عموم قوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي
(1)
في الأصل المطبوع: دليلًا. ولعل المثبت هو الصواب.