الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأصل الثالث:
الإجماع
ومعنى الإجماعِ لغةً: الاتفاق، يقالُ: أجمع القومُ على كذا، إذا اتفقوا عليه، ويطلق على العزم المصمِّم، ومنه قولُه تعالى:{فَأَجْمِعُوَا أَمْرَكُمْ} [يونس/ 71].
وفي الشرع عرَّفه المؤلف بأنه: اتفاقُ علماء العصر من أمَّة محمد صلى الله عليه وسلم على أمر من أمور الدين
(1)
.
وبقي عليه شرط، وهو كون ذلك بعد وفاته صلى الله عليه وسلم، لأَنَّه في حياته لا عبرة بقولِ غيره.
واختار المؤلف أن وجود الإجماع ممكنٌ متصوَّر خلافًا لمن قال: لا يمكنُ بعد الصحابة؛ لكثرة العلماء وانتشارهم في أقطار الدنيا، وعدم القدرة على معرفة أقوال الكلِّ.
واحتجَّ المؤلفُ لإمكانه وتصوره بأنَّنا نعلمُ إجماع المسلمين كلهم على وجوب الصلاة -مثلًا-، وبأنَّ العلماء مشهورون في نواحي الدنيا، فلا يمتنع معرفتهم ومعرفة أقوالهم في المسألة بإخبار أو مشافهةٍ.
وذكر أن الإجماع حجةٌ قاطعةٌ عند الجمهور، خلافًا للنَّظَّام في قوله: ليس بحجة.
واعلم أن الإجماع الذي هو حجة قاطعة عند الأصوليين هو
(1)
(2/ 439).
القطعي لا الظني. والقطعيُّ هو القوليُّ المشاهد، أو المنقولُ بعدد التواتر، والظنيُّ كالسكوتي والمنقول بالآحاد.
واستدلَّ المؤلفُ لحجية الإجماع بدليلين:
الأول: الكتابُ، وهو قوله تعالى:{وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى} [النساء/ 115]؛ لأنَّ فيها التوعد على اتباع غير سبيل المؤمنين، وسبيلهم هو ما أجمعوا عليه، وفي الاستدلال عليه بهذه الآية بحوث ومناقشات.
والثاني: من السنة، كقوله صلى الله عليه وسلم:"لا تجتمع أمتي على ضلالة"، وكقوله:"لا تزال طائفة من أمتي على الحق. . . "، وأحاديث الحض على الجماعة، وعدم الشذوذ عنها، ونحو ذلك.
وذكر المؤلف أنَّ الصحابة كانوا يستدلُّون بمثل تلك الأحاديث على حُجِّيَّةِ الإجماع من غير نكيرٍ إلى زمن النظَّام.
فصل
لا يشترطُ في أهلِ الإجماعِ أنْ يبلغُوا عددَ التواتر؛ لأنَّ الحجةَ في قولهم، لصيانة علماء الأمة عن الخطأ بالأدلة المتقدمة، وإن لم يوجد من علمائها غيرهم، فهُم على الحقِّ، وإن لم يبلغُوا عدد التواتر، صيانةً لهم عن الخطأ
(1)
.
(1)
(2/ 450).