الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال المؤلف
(1)
-رحمه اللَّه تعالى-:
(فصل
ذهب بعضُ الفقهاء إلى أنَّ
الأمر يقتضي الإجزاءَ بفعل المأمور به
إذا امتثل المأمور بكمالِ وصفهِ وشروطه. . .) إلخ.
حاصلُ هذا المبحث أنَّ من امتثل الأمر وجاء به على الوجهِ المطلوب، اختُلف فيه: هل يقتضي ذلك الإجزاء وعدم القضاءِ أو لا؟
والحقُّ الذي لا شك فيه أنَّه يقتضيه، ولا يُعترضُ عليه بالمضي في الفاسد من الحجِّ، ولا بمن صَلَّى يظنُّ الطهارة ثم تبيّن حدثُه، لأنَّه في الأوَّل أفسدَ حجَّه، وفى الثَّاني صَلَّى مُحْدِثًا، فلم يمتثل في واحدٍ منهما على الوجه المطلوب.
قال المؤلف
(2)
-رحمه اللَّه تعالى-:
(مسألة
الأمر بالأمر بالشيء
ليس أمرًا به ما لم يدل عليه دليلٌ).
مثاله: قوله صلى الله عليه وسلم "مُرُوهم بالصلاة لسبع"، ليس بخطابٍ من الشارع للصبيِّ ولا بإيجاب عليه، مع أنَّ الأمرَ واجبٌ على الوليِّ، لكنْ إذا كان المأمورُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان واجبًا بأمر النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم لقيام الدليل على وجوبِ طاعته، وتحريم مخالفته.
(1)
(2/ 631).
(2)
(2/ 634).
قال بعضُ أهل العلم: الأمرُ بالأمرِ أمرٌ، فالأولُ مأمورٌ بالمباشرة، والثَّاني بالواسطة. وله وجهٌ من النظر.
أمَّا إذا حصل في اللفظ ما يدلُّ على الأمر فهو أمرٌ بلا خلافٍ، كقوله صلى الله عليه وسلم لعمرَ في شأن طلاقِ ابنه عبد اللَّه امرأته في الحيض:"مُرْهُ فلْيُراجِعْها"؛ لأنَّ لامَ الأمرِ صدرت منه صلى الله عليه وسلم متوجهة إلى ابن عمر، فهو مأمورٌ منه بلا خلاف.
وإلى هذه المسألة أشار في "المراقي" بقوله:
وليس من أَمَرَ بالأمرِ أَمَر
…
لثالثٍ إلَّا كما في ابن عمر
والأمرُ للصبيانِ ندبُه نمي
…
لما رَوَوْهُ من حديث خثعم
قال المؤلف
(1)
-رحمه اللَّه تعالى-:
(فصل
الأمرُ لجماعةٍ يقتضي وجوبه على كل واحدٍ منهم. . .) الخ.
خلاصة ما ذكره المؤلفُ في هذا المبحثِ أنَّ الأمرَ لجماعة يقتضي وجوبَه على كلِّ غريب منهم إلَّا بدليل يدلُّ على أنَّه على الكفاية، كقوله تعالى:{وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ} الآية [آل عمران/ 104].
والتحقيق في فرض الكفاية أنَّه واجبٌ على كلهم يسقطُ بفعل بعضهم، بدليل أنَّهم إنْ فعلوه كلُّهم نالوا ثواب الواجب كلهم، وإنْ
(1)
(2/ 635).
تركوه كلُّهم أثموا كلُّهم.
والدليل على أنَّه ليس على واحدٍ معيَّنٍ تعذرُ تكليف المجهول.
وأشار إليه في "المراقي" بقوله:
وهو على الجميع عند الأكثر
…
لإثمهم بالتركِ والتعذرِ
يعني تعذر تكلية المجهول.
قال المؤلف
(1)
-رحمه اللَّه تعالى-:
(فصل
إذا أمرَ اللَّه تعالى نبيَّهُ بلفظٍ ليس فيه تخصيص. . .) إلخ.
قدمنا هذا الفصلَ مستوفى في مسألةِ شرع من قبلنا.
وذكر المؤلفُ هنا أنَّ ما خوطب به صحابي واحدٌ يعمُّ غيرَه.
وأشار في "المراقي" إلى أنَّ غيرَ الحنابلة خالفهم في عموم خطاب الواحدِ بقوله:
خطابُ واحدٍ لغير الحنبلي
…
مِنْ غير رعي النصِّ والقيس الجلي
وذكر فيه -أيضًا- أنَّ الخطابَ العامَّ للنَّاس يدخلُ فيه الرسولُ صلى الله عليه وسلم إلَّا بدليل على عدم دخوله.
وأشار إليه في "المراقي" بقوله:
(1)
(2/ 637).
وما يعمُّ يشملُ الرسولا
…
وقيل لا ولنذكر التفصيلا
(1)
قال المؤلف
(2)
-رحمه اللَّه تعالى-:
(فصل
الأمرُ يتعلقُ بالمعدوم. . .) إلخ.
أعلم -أولًا- أنَّ الخلاف في هذا المبحث لفظيٌّ؛ لأنَّ جميعَ العلماء مطبقون على أنَّ أولَ هذه الأمة وآخرها إلى يوم القيامة سواء في الأوامرِ والنواهي.
والذين يقولون: لا يدخلُ المعدومُ في الخطاب، يقولون: تكليفُ المعدوم وقت الخطاب بأدلةٍ منفصلةٍ، كقوله تعالى:{وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} الآية [الأنعام/ 19].
واحتجُّوا بأنَّ الخطاب صفةٌ إضافيةٌ لا تعقلُ بدون مخاطبٍ.
وأجابَ الآخرون بأنَّ الخطاب متوجهٌ إليهم بشرط وجودهم متصفين بصفات التكليف. وهذا لا إشكال فيه.
وتبع صاحبُ "المراقي" القرافيَّ في أن المعدومَ لا يدخلُ في الخطاب؛ لأنَّ المعدومَ ليس بشيءٍ، وأنَّ تكليفهم بعد وجودهم عُلِمَ
(1)
قيل: التفصيل في البيت هو أن الرسول داخل أو غير داخل، ويكون غير داخل إن كان مصدر، بـ "قل"، ويكون داخلًا إن كان مصدر، بغير "قل". "عطية".
(2)
(2/ 644).
بالضرورة من الدين، لا من الخطاب اللغوي؛ لأنَّه ليس في اللُّغة خطابُ المعدوم، فقال:
والعبدُ والموجودُ والذي كفر
…
مشمولة له لدى ذوي النظر
قال مقيِّده -عفا اللَّه عنه-:
قد دلَّت النصوصُ الصحيحةُ على خطاب المعدومين من هذه الأمة، تبعًا للموجودين منها، كقوله صلى الله عليه وسلم:"تُقاتلون اليهود. . . " الحديث، وقوله:"تُقاتلون قومًا نعالهم الشعر. . . " الحديث، وقوله في قصَّة عيسى:"وإمامُكم منكم".
فالمقصود بجميع تلك الخطابات المعدمون يومئذٍ، بلا نزاعٍ، كما هو ظاهر. وإنَّما ساغ خطابهم تبعًا لأسلافهم الموجودين وقت الخطاب.
قال المؤلف
(1)
-رحمه اللَّه تعالى-:
(فصل
ويجوز الأمر من اللَّه سبحانه لما في معلومه أنَّ المكلفَ لا يتمكنُ مِنْ فعله، وعند المعتزلة: لا يجوز. . .) إلخ.
والتحقيق فيه الجواز، والحكمة: الابتلاءُ.
ويوضحه أنَّه تعالى أمر إبراهيم بذبح ولده، وهو يعلمُ أنَّه لا يمكنه
(1)
(2/ 647).
من ذبحه بالفعل، وصرَّح بأنَّ الحكمة في ذلك الابتلاء بقوله:{إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ (106)} [الصافات/ 106]-كما قدمنا-.
وهذه المسألة مبنية على النسخ قبل التمكن من الفعل، والحقُّ جوازُه، كما وقع في خمسٍ وأربعين صلاةً ليلة الإسراء.
قال المؤلف
(1)
-رحمه اللَّه تعالى-:
(فصل
اعلمْ أنَّ ما ذكرناه من الأوامر تتضح به أحكامُ النواهي. . .) إلى آخره.
أي فكما أنَّ الأمر استدعاء الفعل بالقول على وجه الاستعلاء، فالنهي استدعاء الترك بالقولِ على وجه الاستعلاء.
وصيغة الأمر "افعل" وصيغة النَّهي "لا تفعل"، ولا يُشترط فيه إرادةُ الناهي.
والنهيُ يقتضي التكرار والفور، خلافًا للأمرِ في الأولى على الصَّحيح.
والأمر يقتضي الأجزاء، والنهي يقتضى الفسادَ، واقتضاؤه الفسادَ هو الحقُّ خلافًا لأبي حنيفة القائل: يقتضي الصحة.
والدليل على اقتضائه الفسادَ قوله صلى الله عليه وسلم: "من أحدثَ في أمرنا هذا ما
(1)
(2/ 652).
ليس مِنْه فهو ردٌّ"، والمنهيُّ عنه ليس من أمرنا، فهو مردود بهذا النصِّ المتفق عليه.
وأشار في "المراقي" إلى اقتضائه الفساد على الصحيح بقوله:
وجاء في الصحيح للفسادِ
…
إنْ لم يَجى الدليل للسداد
وأشار إلى قول أبي حنيفة باقتضائه الصحة بقوله:
وبث للصحةِ بالمدارس
…
معللًا بالنهي حبر فارس
وحجة أبي حنيفة أنَّ النَّهي عن الفعل يدلُّ على تصور المنهيِّ عنه؛ إذْ لو كان ممتنعًا في نفسه لا يقعُ لم يَتَوجَّهْ إليه النَّهي، كما لا يتوجه النَّهي عن الإبصار إلى الأعمى. ولا يخفى ما فيه.
قال مقيِّده -عفا اللَّه عنه-:
في اقتضاء النَّهي الفسادَ أقوالٌ كثيرةٌ عند أهل الأصول، ومدارُ تلك الأقوال على أن النهيَ إنْ كانت له جهة واحدةٌ كالشرك والزنا اقتضى الفسادَ بلا خلافٍ، وإن كان له جهتان هو من إحداهما مأمور به ومن الأخرى منهيٌّ عنه، فهم متفقون على أن جهة الأمرِ إن انفكتْ عن جهة النَّهي لم يقتض الفسادَ، وإن لم تنفك عنها اقتضاه، ولكنهم يختلفون في انفكاك الجهة، ومِنْ ثَمَّ يقع بينهم الخلاف.
فالحنبليُّ يقول: الصَّلاة بالحرير مأمورٌ بها من جهة كونها صلاة، منهيٌّ عن لبس الحرير فيها، والصلاة في الأرض المغصوبة لا تنفك فيها الجهة، لأنَّ نفس شغلِ أرض الغيرِ بحركات الصَّلاة حرامٌ، فهي
باطلة.
فيقول المالكيُّ والشافعيُّ والحنفيُّ: لا فرق بين المسألتين، فهو -أيضًا- مأجورٌ على صلاته، آثمٌ بغصبه.
وهكذا.
قال المؤلف
(1)
-رحمه اللَّه تعالى-:
(باب في العموم
اعلمْ أنَّ العمومَ من عوارض الألفاظ حقيقة، وقد يطلق في غيرها. . .) إلخ.
معنى كلامه أنَّ العمومَ من صفات الألفاظ.
وقيل: توصف به المعاني أيضًا. واختاره العضد وابن الحاجب وغيرهما. وإليه الإشارة في "المراقي" بقوله:
وهو من عوارضِ المباني
…
وقيل للألفاظِ والمعاني
ومرادُه بالمباني: الألفاظ.
وعرف المؤلف "العام" تعريفين:
الأوَّل: العامُّ هو اللفظ الواحد الدال على شيئين فصاعدًا مطلقًا.
وهذا التعريف لا يصحُّ تعريف العام في الاصطلاح به؛ لأنَّه ليس بمانع، فلفظة زوج وشفع -مثلًا- تدلُّ على اثنين، ولم يقل أحدٌ إنَّها صيغة عموم.
التعريف الثاني: العامُّ كلامٌ مستغرقٌ لجميع ما يصلحُ له.
قلتُ: وهذا التعريف جيدٌ، إلَّا أنَّه ينبغي أن يزاد عليه ثلاثُ
(1)
(2/ 660).
كلمات:
الأولى: بحسب وضعٍ واحدٍ.
والثانية: دفعةً.
والثالثة: بلا حصر من اللفظ.
فيكون تعريفًا تامًّا جامعًا مانعًا.
فخرج بقوله: (مستغرقٌ لجميع ما يصلحُ له) ما لم يستغرق، نحو: بعض الحيوان إنسانٌ.
وخرج بقوله: (دفعة) النكرةُ في سياق الإثبات، كرجلٍ، فإنَّها مستغرقةٌ، ولكنَّ استغراقها بدليٌّ لا دفعة واحدة.
وخرج بقوله: (بلا حصر) لفظُ عشرة -مثلًا-؛ لأنَّه محصورٌ باللفظ، فلا يكون من صيغ العموم، على رأي الأكثرين.
وخرج بقوله: (بحسب وضع واحدٍ) المشتركُ كـ "العين"، فلا يسمى عامًّا بالنسبة إلى شموله الجارية والباصرة؛ لأنَّه لم يوضع لهما وضعًا واحدًا، بل لكلٍّ منهما وضعٌ مستقل.
وعرَّفَ العامَّ في "المراقي" بقوله:
ما استغرقَ الصالحَ دفعةً بلا
…
حصرٍ من اللفظِ كعشر مثلا