الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المفردات:
لَنُبَوِّئَنَّهُمْ لننزلنهم غُرَفاً الغرف: جمع غرفة، وهي الحجرة وَكَأَيِّنْ أى: كم بمعنى كثير من الدواب سَخَّرَ: ذلل دَابَّةٍ: كل ما دب على وجه الأرض من الحيوان يقال له دابة يُؤْفَكُونَ يصرفون يَقْدِرُ لَهُ يضيق عليه، أى: يقتر عليه رزقه لَهْوٌ اللهو: الاشتغال بما لا يعنى وما لا ينفع عن النافع المفيد، وفي المصباح: اللهو الترويح عن النفس بما لا تقتضيه الحكمة، واللعب: هو العبث الْحَيَوانُ: الحياة الدائمة الخالدة الجديرة باسم الحياة.
المعنى:
بعد ما وفي الحق- تبارك وتعالى الكلام على المشركين وأهل الكتاب أخذ يوجه نصائح للمسلمين، وهم في أشد الحاجة إليها، وخاصة حينما جاهروا بالدعوة واشتد إيذاء الكفار لهم في مكة، وهذه التوجيهات تهدف إلى خلق المؤمن الكامل الذي يبيع نفسه وماله ووطنه في سبيل إعلاء كلمة الله.
يا عبادي الذين آمنوا بالله ورسوله إن أرضى واسعة فهاجروا فيها وفروا بدينكم من عنت المشركين أعداء الله وأعدائكم، يا عبادي إن ضاق بكم موضع فإياى فتوجهوا لأن أرضى واسعة. وهذا تحبيب للمسلمين في الهجرة مع رسول الله، وكانت واجبة قبل فتح مكة ثم بعدها لا هجرة، وإنما المهاجر من هجر ما نهى الله عنه.
وفي هذه الأيام لا هجرة من بلد إلى بلد كما يهاجر سكان شمال أفريقيا إلى بلاد الحجاز خوفا من عنت الفرنسيين، لا يا قوم، اثبتوا في مكانكم وتجمعوا مع إخوانكم وشقوا لأنفسكم الطريق، وتمسكوا بدينكم تفوزوا على أعدائكم. وإلا فسيكون مآل بلاد الإسلام إلى تسليمها للأعداء، فالآية نزلت في الهجرة قبل الفتح لا في الهجرة مطلقا في كل وقت ومن أى بلد.
وها هي ذي المرغبات في الجهاد والهجرة في سبيل الله يسوقها الله فيقول:
كل نفس مهما كانت لا بد أن تذوق الموت، وإذا لم يكن من الموت بد فمن العار أن تجعل الخوف من الموت سببا في الخضوع والذلة، والمكث في دار الكفر حبا في الدنيا مع أنك مفارقها حتما وميت حتما، وإلى الله وحده ترجع الأمور كلها، فمن العقل أن تعمل لذلك اللقاء، وتدخر ليوم الحساب ما تقدم من صالح الأعمال.
وها هم أولاء الذين آمنوا وعملوا الصالحات لنبوئنهم من الجنة أماكن عالية ولننزلنهم فيها غرفا تجرى من تحتها الأنهار، وخالدين فيها وذلك جزاء المحسنين، ونعم أجر العاملين أجرهم. وهم الذين صبروا على الأذى ما دام المصير خيرا للدين والدعوة، وعلى ربهم يتوكلون إن سافروا وهاجروا في سبيل الله أو قاموا بعمل نافع.
وإذا كان الأمر كله بيد الله، وهو الرزاق ذو القوة المتين، فاعلم أنه يرزق من ليس له حيلة حتى يعجب صاحب الحيلة، ويرزق الطير يغدو خماصا ويروح بطانا نعم كم من دابة لا تحمل رزقها الله يرزقها من حيث لا تعلم، ويرزقكم يا أيها المهاجرون وإن لم يكن معكم زاد ولا نفقة، وهو السميع لكل قول، العليم بكل فعل، وهذا غرس لمبدأ التوكل على الله، وقد كان ذلك كذلك فقد هاجر المسلمون إلى المدينة ثم فتح الله لهم الدنيا.
ومن الغريب لئن سألتهم من خلق السموات والأرض، وما فيهما من عوالم لا يعلمها إلا خالقها؟ ومن سخر الشمس والقمر تسخيرا يحير العقول في إدراك سره ونظامه؟، فتسخير الشمس والقمر بهذا الوضع الذي ينشأ منه الليل والنهار، والفصول السنوية من صيف وشتاء وربيع وخريف أدل على كمال القدرة وتمام العلم وحسن النظام من نفس خلق الشمس والقمر، ولعل هذا هو السر في تعبير القرآن بسخر، ولئن سألتهم عن هذا ليقولن الله فكيف تصرفون عن التوحيد إلى الإشراك؟! كيف تقرون بأن الله خالق