الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وخرجت معه لكي يخرجوا وقد تباطأ القوم في الخروج، قال أنس: وأخبرت النبي أن القوم خرجوا، فانطلق حتى دخل البيت فذهبت أدخل معه فألقى الستر بيني وبينه، ونزل الحجاب، فأنزل الله- عز وجل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إلى قوله: إِنَّ ذلِكُمْ كانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيماً روى هذا الحديث ب
المعنى
، وأصله موجود في البخاري ومسلم.
وعن ابن عباس: أنها نزلت في أناس من المؤمنين كانوا يتحينون طعام النبي صلى الله عليه وسلم فيدخلون قبل أن يدرك الطعام فيقعدون إلى أن يدرك ثمّ يأكلون ولا يخرجون. وقال بعضهم: هذا أدب أدب الله به الثقلاء.
المعنى:
يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي في حال من الأحوال إلا في حال قد أذن لكم فيه إلى طعام غير منتظرين نضجه، أى: لا تدخلوا بيوت النبي إلا في وقت الإذن لكم إلى طعام، ولا تدخلوه إلا غير منتظرين إناه، ولكن إذا دعيتم إلى الطعام وأذن لكم في الدخول فادخلوا فإذا طعمتم فاذهبوا متفرقين، ولا تمكثوا مستأنسين بالحديث كما فعل بعضهم في وليمة زينب جحش.
إن ذلكم كان يؤذى النبي، وأى إيذاء أكبر من بقاء عامة الناس في بيت الزوجية؟
الذي هو حق لها، وسكن الزوج مع زوجته، وكان النبي يستحى ويمتنع من إظهار ألمه لكم، ولكن الله لا يستحيى من إظهار الحق. بل يبين للناس ما به يتأدبون بأدب القرآن فاعلموا أن هذا الانتظار خطأ وحرام عليكم فلا تعودوا لمثله أبدا.
روى أن عمر بن الخطاب- رضى الله عنه- قال: يا رسول الله يدخل عليك البر والفاجر فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب؟ فنزلت الآية.
وانظر إلى القرآن وهو يعالج أمر الحجاب مبتدئا بأمهات المؤمنين اللائي هن أطهر النساء وأعفهن، حتى نتبصر في أمرنا حينما يقال لنا: إنا نختلط ولا يحصل شيء أبدا، ولست أدرى: ما سبب الحوادث التي نقرؤها كل يوم في الجرائد عن الخيانات والقتل والطلاق؟! أليس مرجعها كلها إلى ضعف الوازع الديني وإلى الاختلاط في البيوت والشارع بل وفي المقاهى والمسارح والمصايف؟!
وإذا سألتموهن- نساء النبي- متاعا أى متاع في الدين والدنيا فاسألوهن من وراء حجاب.
ذلكم، أى: ما ذكر من الاستئذان قبل الدخول، وعدم الاستئناس للحديث، وسؤال المتاع من وراء الحجاب ذلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ من الخواطر التي تعرض لكل رجل وامرأة إذا اختلى بها، وذلك أنفى للريبة، وأبعد للتهمة وأمنع في الحصانة.
أليس هذا دليلا على أنه لا ينبغي لأحد أن يثق بنفسه في الخلوة مع من لا تحل له فإن مجانبة ذلك أحسن وأحسن لحاله وأحصن لنفسه وأتم لعصمته.
وإذا كان هذا حال الرعيل الأول من المسلمين فما بالنا اليوم؟ اللهم نسألك اللطف والهداية والرحمة.
وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله، ولا ينبغي منكم ذلك.
وما كان لكم أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا، فإنهن أمهات المؤمنين، ولا يليق بكم أن تفعلوا ذلك أبدا. وهذه الآية رد على من قال: إذا مات رسول الله أتزوج عائشة من بعده، إن ذلكم المذكور من ألم رسول الله بدخول الناس بدون إذن أو مكثهم لغير حاجة أو طلبهم نكاح أزواجه من بعده، إن ذلكم كان عند الله عظيما، فلا ذنب أعظم منه، وهذا يفيد أن هذه من الكبائر، واعلموا أن الله يعلم الغيب والشهادة وهو العليم بذات الصدور، فإن تبدوا شيئا أو تخفوه فإن الله بكل شيء عليم، وسيجازى عليه.
ولما نزلت آية الحجاب تساءل بعض أقارب أمهات المؤمنين: أنحن نكلمهم من وراء حجاب؟ فرد الله عليهم بقوله: لا جناح عليهن ولا إثم في أن يكلمن آباءهن أو أبناءهن، أو إخوانهن أو أبناء إخوانهن، أو ما ملكت أيمانهن من العبيد، وكذا بقية المحارم التي ذكرت في سورة النور كالعم والخال مثلا.
واتقين الله- أيها النساء- فأنتن سبب الاختلاط، وعليكن الوزر الأكبر فيه، إذ المرأة هي التي تستطيع رد الرجل، ويستحيل عليه أن يتمكن منها إلا برضاها، ولذا خصهن بالأمر بالتقوى، إن الله كان على كل شيء شهيدا ورقيبا، فاحذروه، واتقوه، واعلموا أنّه يراكم ويحصى عليكم أعمالكم.