الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تهديد المجادلين في آيات الله [سورة غافر (40) : الآيات 82 الى 85]
أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثاراً فِي الْأَرْضِ فَما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ (82) فَلَمَّا جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَرِحُوا بِما عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (83) فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ (84) فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ وَخَسِرَ هُنالِكَ الْكافِرُونَ (85)
هذا ختام للسورة رائع، محور الكلام فيها مع المشركين المجادلين في آيات الله المتكبرين على رسله غرورا منهم بدنياهم وأموالهم وأولادهم فكان هذا تهديدا ببيان من هم أشد منهم وأكثر أموالا وأولادا.
المعنى:
أعجزوا فلم يسيروا في أطراف الأرض فينظروا بعين الاعتبار كيف كان عاقبة الذين من قبلهم «1» ؟! عجبا لهؤلاء المتكبرين من قريش المغرورين بأموالهم وأولادهم، ودنياهم البسيطة بالنسبة لغيرهم، أقعدوا فلم يسيروا حتى يروا آثار من تقدمهم من الأمم صاحبة الصولة
(1) الاستفهام للإنكار، والمنكر هو عدم السير المترتب عليه النظر السليم، وكيف خير متقدم لكان، وعاقبة اسمها مؤخر، ومن قبلهم صلة للموصول، وكانوا أكثر منهم: استئناف مبين لحالهم.
والدنيا العريضة الذين بنوا الأهرام، وكانوا ينحتون من الجبال بيوتا آمنين، وكانت لهم حضارة وعلوم، ومعارف وفنون؟
أفلم يروا إلى ما بين أيديهم من آثارهم التي تدل على مبلغ ما كان عندهم من الجاه وعلى نهاية عصيانهم وتكبرهم على أنبيائهم؟
فما أغنى عنهم كسبهم وجاههم، ولم ينفعهم ما لهم ولا أولادهم، فلما جاءتهم رسلهم بالآيات والمعجزات الواضحات فرحوا بما عندهم من العلم الدنيوي يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا «1» ، وقيل: فرحوا بما عندهم من الخرافات والشبهات الواهية، وقالوا: نحن أولو علم وحضارة فلا حاجة بنا إلى دين أو رسالة، عجبا لهؤلاء وأتباعهم!! وربك لقد رأينا وسمعنا عن بعض الجهلة بأمور دينهم الذين تربوا في أحضان (اللادينية) يقولون: لا حاجة بنا إلى شريعة الغاب بعد أن عرفنا أحدث القوانين وأدق النظم!! يا ويلهم فرحوا بما عندهم من علم، الجهالة خير منه، وحاق بهم ونزل ما كانوا به يستهزئون من العذاب.
وقيل: إن هذا وصف للأنبياء لما كذبوا من أممهم فرحوا بما عندهم من العلم الذي ينبئهم بأن العاقبة لهم وأن الهلاك للمكذبين المجادلين.
فلما رأى هؤلاء المكذبون بأسنا في الدنيا، قالوا: آمنا بالله ربنا، آمنا به وحده وكفرنا بما كنا به مشركين، آمنوا ساعة العذاب، فلم ينفعهم إيمانهم، وتلك سنة الله مع الناس جميعا وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ [سورة النساء آية 18] .
وخسر هنالك الكافرون، وضل أولئك المبطلون الكافرون، وتلك سنة الله ولن تجد لسنته تبديلا.
فاحذروا يا أهل مكة، احذروا ثم احذروا..
(1) - سورة الروم آية 7.