الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المفردات:
كَلِمَتُنا: وعدنا وَأَبْصِرْهُمْ: دلهم وأخبرهم عن أشياء كأنها مرئية بِساحَتِهِمْ: بدارهم والساحة في اللغة: فناء الدار الواسع.
المعنى:
لما هدد الله الكفار، وأوعد المشركين وأنذرهم بسوء العاقبة أكد بما يقوى قلب النبي صلى الله عليه وسلم وجنده ويشد من عزيمته هو وصحبه.
وتالله لقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين، وبالله سبق وتحقق وعدنا لهم بالنصر والغلبة حيث يقول الحق- تبارك وتعالى: كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي «1» .
وما المراد بالوعد المدلول عليه بقوله: كلمتنا؟ هو: إنهم لهم المنصورون وإن جندنا لهم الغالبون «2» والنصرة والغلبة تكون بالحجة والبرهان، أو بالسيف والسنان، وإقامة الدولة وكمال السلطان، فالمؤمن وإن غلب في بعض الأوقات بسبب بعده عن دينه، وضعف نظامه العام وسلوكه في دولته فهو الغالب بالحجة والبرهان، على أن الله يتكلم عن المسلمين حقا الحاكمين بكتابه العاملين بسنة رسوله المتمسكين بما يدعو إليه الدين والقرآن من العمل والجد والنشاط والاستعداد بدليل إضافة الجند له- سبحانه وتعالى هؤلاء المنصورون وهم الغالبون، وعلينا أن ننظر أين نحن من هؤلاء! وإذا كان الأمر كذلك يا محمد فتول عن الكفار إلى حين، وأعرض عنهم إلى زمن معلوم، وأبصرهم مما ينزل عليهم من العذاب كالقتل والأسر، وبصرهم عاقبة ذلك وأرشدهم إلى أن هذا واقع لا محالة حتى كأنه مشاهد محسوس يدرك بالبصر، أبصرهم فسوف يبصرون كل ما وعدتهم به.
وقد كانوا يستعجلون العذاب الذي يهددهم به الله- سبحانه وتعالى فيرد الله عليهم بقوله: أفبعذابنا يستعجلون؟
(1) - سورة المجادلة آية 21.
(2)
- وهذا إشارة إلى أن قوله: «إنهم لهم المنصورون» بدل من «كلمتنا» التي هي تفسير لها، أو هو استئناف بيانى.
فإذا نزل العذاب- الذي هو كالجيش الزاحف- بساحتهم وحل بدارهم فبئس الصباح صباح المنذرين بهذا العذاب، وخص الصباح بالذكر لأن العذاب كان يأتيهم فيه والغارات والهجوم على الأعداء يكون فيه، وتول عنهم حتى حين، وأبصر فسوف يبصرون.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين. والحمد لله رب العالمين.
وهذا أدب رباني، وختام إلهى لتلك السورة التي نفت عن الله- عز وجل الصاحب والشريك والولد والقرين حتى يتأدب المسلمون بهذا، ويتحلون به في ختام جلائل أعمالهم
فقد ورد عن على- رضى الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم «من سرّه أن يكتال بالمكيال الأوفى من الأجر يوم القيامة فليقل آخر جلسته حين يريد أن يقوم سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ
إلى آخر السورة.
وهذه الآيات تشتمل على تنزيه الله وتقديسه عن كل ما لا يليق به (سبحانه) ووصفه بكل ما يليق به من جلائل الصفات، وسمات الجلال (رب العزة) فإن الربوبية تشير إلى التربية مع الحكمة والرحمة والفضل والنعمة، والعزة إشارة إلى كمال القدرة والعلم وتمام الإرادة والوحدانية.
سلام من الله- عز وجل ومن عباده المؤمنين على رسل الله الذين بلغوا عن الله التوحيد الصحيح والرسالة الكاملة
فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم «إذا سلّمتم علىّ فسلّموا على المرسلين فإنّما أنا رسول من المرسلين»
وسلام الله عليهم وأمن لهم يوم الفزع الأكبر.
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسل الله أجمعين.