الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من آداب البيت النبوي [سورة الأحزاب (33) : الآيات 28 الى 30]
يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَراحاً جَمِيلاً (28) وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِناتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً (29) يا نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً (30)
المفردات:
أُمَتِّعْكُنَّ: أعطيكن المتعة، وهي مال يعطى نفلا للمطلقة وَأُسَرِّحْكُنَّ التسريح: الطلاق لقوله تعالى: الطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ: ظاهرة كالزنا ضِعْفَيْنِ أى: مثلين ومرتين لقوله تعالى: نُؤْتِها أَجْرَها مَرَّتَيْنِ.
المعنى:
وهذه الآية متصلة بما تقدم إذا فيها الحث على منع إيذاء النبي صلى الله عليه وسلم ولو من أقرب الناس إليه، وفيها أدب عال لبيت النبوة الأطهار وتربية لنسائه على العفة والكرامة وحب الله ورسوله، ووصف دقيق لما كان عليه بيت النبي من التقشف.
يا أيها النبي قل لأزواجك مخيرا لهن ليخترن ما يرون: إن كنتن أيها النساء تردن الحياة الدنيا وزينتها الزائلة، وتفضلنها على قربكن من رسول الله، والتمتع بجواره الكريم، ومجلسه الطاهر فتعالين أطلقكن وأعطيكن متعة بعد هذا.
روى البخاري ومسلم عن جابر بن عبد الله قال: دخل أبو بكر يستأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد الناس جلوسا ببابه لم يؤذن لأحد منهم- فأذن لأبى بكر فدخل ثم جاء عمر فاستأذن فأذن له، فوجد النبي صلى الله عليه وسلم جالسا حوله نساؤه واجما ساكنا- قال:
فقال: والله لأقولن شيئا أضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله لو رأيت بنت خارجة تسألنى النفقة فقمت إليها فوجأت عنقها، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال:
«وهن حولي كما ترى يسألننى النفقة» فقام أبو بكر إلى عائشة وعمر إلى حفصة كل يريد أن يجأ عنق ابنته- يضغط على عنقها- قائلا: تسألن الرسول ما ليس عنده؟! فقلن:
والله لا نسأله شيئا أبدا ليس عنده، ثم اعتزلهن النبي شهرا أو تسعا وعشرين يوما ثم نزلت عليه هذه الآية يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ- إلى قوله: لِلْمُحْسِناتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً.
وبدأ النبي يخير نساءه فبدأ بعائشة فقال لها النبي: يا عائشة «إنّى أريد أن أعرض عليك أمرا أحبّ ألّا تعجلي فيه حتّى تستشيرى أبويك» قالت: وما هو يا رسول الله فتلا عليها هذه الآيات، قالت: أفيك يا رسول أستشير أبوى! بل أختار الله ورسوله والدار الآخرة.
وهكذا فعل مع نسائه، وقال العلماء: إنما أمر النبي عائشة أن تستأمر أبويها وتستشيرهما لمحبته لها، ولعلمه أن والديها لا يشيران بالفراق أبدا، وأما أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فهن كما ترى، حتى يعرف الناس جميعا أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يتزوج للشهوة أبدا.
1-
خديجة بنت خويلد أول من تزوج من النساء تزوجها بمكة ومكثت معه بعد النبوة سبع سنين، ولم يتزوج غيرها حتى ماتت، وهي أول من آمن من النساء، وكان لها فضل وعقل وبصر بالحياة، وكانت لها مكانتها في قريش.
2-
سودة بنت زمعة بنت عبد شمس العامرية دخل بها بمكة وتوفيت بالمدينة.
3-
عائشة بنت أبى بكر، الصديقة بنت الصديق، حبيبة رسول الله وبنت حبيبه، ولها مكانتها في العلم والسبق في الدين «خذوا نصف دينكم عن هذه الحميراء» حديث شريف، ولم يتزوج النبي بكرا غيرها.
4-
حفصة بنت عمر بن الخطاب القرشية تزوجها رسول الله ثم طلقها فأتاه جبريل فقال: إن الله يأمرك أن تراجع حفصة فإنها صوامة قوامة.
5-
ومنهن أم سلمة تزوجها رسول الله من ابنها سلمة على الصحيح.
6-
أم حبيبة رملة بنت أبى سفيان تزوجها رسول الله وبنى بها بعد الهجرة بسبع سنين، والذي أصدقها هو النجاشيّ، لما مات زوجها تزوجها الرسول.
7-
زينب بنت جحش تزوجها النبي بعد طلاقها من زوجها زيد بن حارثة ولها قصة ستأتى.
8-
زينب بنت خزيمة بن الحارث تزوجها النبي ومكثت عنده ثمانية أشهر ثم ماتت.
9-
صفية بنت حيي بن أخطب الهارونية سباها النبي يوم خيبر وتزوجها بعد أن أعتقها.
10-
ريحانة بنت زيد تزوجها في سنة ست وماتت بعد مرجعها من حجة الوداع.
11-
ميمونة بنت الحارث الهلالية تزوجها (بسرف) وهي آخر امرأة تزوجها.
فكل نسائه أيم أو مسنة أو بنت زعيم الحي أو لها أولاد وقد قتل زوجها في الحرب فتزوجها إكراما له ولأولاده، ولم يتزوج إلا بكرا واحدة، فلم يكن صلى الله عليه وسلم يتزوج لشهوة، وإنما كان زواجه تأليفا للقلوب، وسياسة رشيدة لبناء الدولة وتوحيد الكلمة.
وهناك نساء تزوجهن النبي ولم يدخل بهن فمنهن الكلابية. وأسماء بنت النعمان بن الجون، وقتيلة بنت قيس، وغيرهن مما هو مذكور في كتب السيرة.
وكان له من السراري سريتان: مارية القبطية وريحانة.
لما اختار نساء النبي صلى الله عليه وسلم رسول الله شكرهن على ذلك وكرمهن فقال: لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ «1» . وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً «2» ، وجعل ثواب طاعتهن وعقاب معصيتهن مضاعفا. يا نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ فالله يضاعف لهن العذاب ضعفين لشرف منزلتهن وفضل درجتهن وتقدمهن
(1) - سورة الأحزاب آية 52.
(2)
- سورة الأحزاب آية 53.
على سائر النساء أجمع، وكيف لا يكون ذلك وهن نشأن في بيت النبوة، ورضعن من لبنها وتمتعن بتلك البيئة الطاهرة فحق عليهن أن يدفعن هذا الثمن غاليا.
وكان ذلك، أى: مضاعفة العذاب لهن على الله يسيرا..