الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المفردات:
فَتَنَّا: بلوناهم واختبرناهم كَرِيمٌ المراد: جامع لخصال المحامد والمنافع أَدُّوا: أطلقوا بنى إسرائيل وَأَنْ لا تَعْلُوا: وأن لا تستكبروا مستهينين بوحيه عُذْتُ: التجأت تَرْجُمُونِ: ترموني بالحجارة، أو المراد تؤذوني فَاعْتَزِلُونِ: كونوا بمعزل عنى. فَأَسْرِ: سر ليلا بعبادي. رَهْواً:
ساكنا كما هو، أو ذا فرجة واسعة وَنَعْمَةٍ النعمة: التنعيم، والنعمة اليد والضيعة وما أنعم به عليك، وقيل: لا فرق بين النعمة والنعمة، والأولى تفسيرها بالشيء المنعم به لأنه أنسب لقوله: كم تركوا فاكِهِينَ أى: أصحاب فاكهة، وقرئ فكهين، بمعنى: أشرين بطرين ومستخفين مستهزئين مُنْظَرِينَ: ممهلين.
المعنى:
وبالله لقد فتنا قبل مشركي قريش قوم فرعون: وبلوناهم بالسيئات والحسنات، وفعلنا «1»
معهم فعل المختبر الذي يريد أن يعرف حقيقة الشيء، وكانت فتنتهم بزيادة الرزق والتمكين في الأرض وإرسال الرسل، وكان من جملة ما امتحنوا به أن جاءهم رسول كريم هو موسى الكليم- عليه السلام فما لكم يا كفار مكة لا تتعظون بما حل بغيركم؟ ما لكم لا تثوبون لرشدكم وتعلمون أن سنة الله مع الأمم كلها لا تختلف؟! ولقد جاء آل فرعون نبي الله موسى، وهو رسول كريم على الله: كريم في نفسه لأنه جمع خصال المحامد والمنافع، جاءهم فقال: أدوا إلى بنى إسرائيل، وأطلقوهم وفكوا سراحهم فهم عباد الله لا عبادكم، فاستعبادكم لهم ظلم كبير، وقيل المراد: أدوا
(1) وعلى ذلك فيكون في قوله: تعالى (فتنا) استعارة تبعية حيث شبه الابتلاء والاختبار بالفتنة.. إلخ إجراء الاستعارة.
إلى حقوق الله بالإيمان الصادق يا عباد الله وهو شامل للقبط ولبنى إسرائيل فإنى لكم رسول من الله أمين، وأطالبكم بألا تعلوا على الله ولا تتكبروا على طاعته لأنى آتيكم بحجة قوية وسلطان مبين وبرهان قاطع على صدقى فاسمعوا إلى وآمنوا بي.
وقبل أن يخبره الله بأنه حافظه ومانعه من الناس فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما بِآياتِنا أَنْتُما وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغالِبُونَ «1»
قال موسى: وإنى عذت بربي وربكم والتجأت إليه حتى يحفظني من أن ترجمونى بالكذب أو بالحجارة أو تؤذوني بأى نوع كان، وقد حفظه الله منهم ونجاه من كيدهم كما سيأتى.
وإن لم تؤمنوا بالله لأجل برهاني وتعاليمى التي أثبتها لكم فاعتزلوني واتركوني حرا أدعو الناس إلى الله، ولهذا جاءت الرسل كلها لتوجد الحرية في الناس فيكونوا أحرارا من أنفسهم وشهواتهم ودنياهم وأحرارا في عبادتهم لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ «2» .
وبعد أن أصروا على تكذيبه دعا ربه فقال: إن هؤلاء الناس قوم مجرمون تناهى أمرهم في الكفر والبهتان، وأنت أعلم بهم، فافعل معهم ما يستحقون بإجرامهم فقال الله له: أسر بعبادي- بنى إسرائيل ومن آمن من القبط- ليلا لا نهارا إنكم قوم متبعون ومطاردون من فرعون وجنده إذا علموا بخروجكم فسيتبعونكم للإيقاع بكم.
فلما ساروا وعبروا البحر من جهة السويس أمر موسى بأن يترك البحر كما هو ساكنا لوجود الطريق وسطه، أو ذا فرجة واسعة بسبب الطريق فيه، أى: اترك يا موسى البحر كما هو، ولا تضربه بعصاك حتى يرجع كما كان، فإن الله يريد أن يسيروا وراءكم في طريق البحر حتى إذا توسطوا فيه أغرقهم إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ يا حسرتا على القوم الكافرين! يا ويلهم كم تركوا بمصر من جنات وعيون وزروع ومقام كريم، وقصور ومجالس للسمر والمتعة، وكم تركوا من نعمة كانوا فيها أصحاب فاكهة، وكانوا فيها أشرين بطرين مستخفين مستهزئين لا يقومون بالشكر لصاحب تلك النعمة.
الأمر كذلك، أو مثل ذلك الذي فعلناه بفرعون وقومه نفعل مع كل جبار عنيد لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر ولا يؤمن برسوله الذي أرسل إليه، نفعل هذا معهم ولو كانوا أمة بل أمما.
(1) - سورة القصص آية 35.
(2)
- سورة البقرة آية 256.