الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالوضع. مِنْ وُجْدِكُمْ أى: مما تجدونه، ويكون في وسعكم وطاقتكم.
وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ: ائتمر وتآمر بمعنى واحد، والمراد: تشاوروا في إرضاع الطفل، والمعروف: المسامحة والروح الكريمة. تَعاسَرْتُمْ: أصابكم إعسار واختلاف. قُدِرَ: قتر عليه في الرزق.
المعنى:
يا أيها النبي: إذا أردتم طلاق النساء فالواجب أن تطلقوهن لعدتهن، نادى الله النبي صلى الله عليه وسلم ثم خاطب الجميع بقوله: إذا طلقتم للإشارة إلى أنه إمام أمته. وسيد جماعته كما يقال: يا فلان افعلوا كذا فهو المتكلم عنهم، والآمر لهم وهم لا يصدرون إلا عن رأيه فكان هو وحده سادا مسد الجميع، ولعل اختيار لفظ النبي في هذا يؤيد هذا المعنى، وقيل: نودي أولا ثم خوطبت أمته لأن أمر الطلاق مما لا يصح توجيهه للنبي الكريم.
الطلاق جعل سلاحا في يد الزوج، ولكن يجب أن يستعمل في أضيق حدوده، ولا يشرع إلا إذا كان لا بد منه. فهو كما
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أبغض الحلال إلى الله الطّلاق»
وروى عن أبى موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم: «ولا تطلّقوا النّساء إلا من ريبة- أى: بسببها- فإنّ الله عز وجل لا يحبّ الذّوّاقين ولا الذّوّاقات»
وعن أنس قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما حلف بالطّلاق ولا استحلف به إلّا منافق»
هذا الطلاق المبغوض عند الله يجب ألا يوقعه الزوج في حالة يزداد بها ضرر المرأة، ولذا قال الفقهاء: إن الطلاق نوعان سنى وبدعى، أما السنى فهو الذي يقع في طهر مسبوق بحيض لم تجامع فيه المرأة، والبدعى غير ذلك، والمراد في الآية أن يكون الطلاق لعدتهن أى: في الوقت الذي يشرعن فيه في العدة، وهو في أى طهر لم تجامع فيه، وهذا ما يسمى بالطلاق السنى.
وأحصوا- أيها الأزواج والزوجات- العدة- فإن المرأة المدخول بها إذا طلقت طلاقا واحدا أو اثنين كان لزوجها حق مراجعتها في العدة، فإن فاتت العدة كانت خطبة من جديد إن أراد، فإن طلقها ثلاثا لم تحل له حتى تنكح زوجا غيره.
واتقوا الله ربكم، نعم أمرنا بالتقوى وسط هذه الأوامر التي يطل فيها الشيطان برأسه، وتسرع فيها الفتنة إسراعا كثيرا قد يدعو إلى تغيير الذمة، لهذا أمرنا بتقوى الله
في الطلاق وهدم البيوت، وتقوى الله في إحصاء العدة، وتقوى الله في القضاء على آمال امرأة، وربما كان لها أطفال. اتقوا الله أيها الناس ولا تخرجوهن، أى: المطلقات من بيوتهن التي هي ملك للزوج، ولكنها أضيفت لهن لتأكد النهى عن إخراجها من مسكنها الذي كانت تسكن فيه قبل الطلاق، ولا يخرجن، أى: النساء من تلك البيوت إلا أن يأتين بفاحشة ظاهرة تدعو إلى الإخراج كالزنا أو السرقة أو سبها لمن في البيت من الأهل والأبوين، فلو اتفق الزوجان على الخروج جاز عند بعض الأئمة.
وتلك حدود الله وأحكامه، ومن يتعد حدود الله بأن أخل بشيء منها فقد ظلم نفسه وأضر بها، إذ حدود الله لمصلحة الإنسان، وأنت لا تدرى، لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا، نعم أنت لا تدرى فربما كان بقاء المرأة في مسكنها مدة العدة يدعوك إلى أن تراجع نفسك وترجع عما فعلته فتراجعها في العدة، وهذا كثيرا ما يحصل، بخلاف ما لو خرجت من البيت وكثر القيل والقال. وتدخل الناس بالإفساد انقطع غالبا حبل الصلة، والمشرع حريص جدّا على عدم انقطاعه.
فإذا شارفن على آخر العدة فإما إمساك بمعروف بأن تراجعها لا للإضرار، أو تسريح بإحسان ومفارقة بمعروف،
فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «لا ضرر ولا ضرار» .
ويندب أن تشهدوا رجلين عدلين على الطلاق أو الرجعة حتى لا يحصل خلاف فإن الذاكرة قد تخون، والنفس قد تسول لك أمرا لا يحبه الله، والواجب على الشهود أن يقيموا الشهادة لله، ويؤدوها خالصة لوجهه.
ذلكم- الأحكام- يوعظ بها المؤمنون بالله واليوم الآخر حقا، أما غيرهم فلا يؤمنون ولا يوعظون بها.
ومن يتق الله يجعل له مخرجا من كل شدة، ومتسعا من كل ضيق، وغنى من كل فقر، وسعادة من كل بؤس فالتقوى هي الطريق الأقوى، ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يدرى، ومن يتوكل على الله فهو حسبه وكافيه، والتقوى والتوكل ليسا باللسان وإنما هما بالقلب، ولا يعرفهما إلا الخالق العالم فلا يطلع عليهما سواه، والله يقول ذلك، وهو أصدق القائلين، ولكن من ذاق عرف، ولا يعرف الشوق إلا من يكابده. قال الربيع بن خيثم: إن الله- تعالى- قضى على نفسه أن من توكل عليه كفاه، ومن آمن به هداه، ومن أقرضه جازاه، ومن وثق به نجاه، ومن دعاه أجاب