الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلبْ الأول حقيقة الورق النقدي
(1)
تمهيد:
كان الناس في بداية الحياة البشرية يتبادلون الأشياء بالمقايضة (2)، ثم تركوا ذلك لما فيه من صعوبات، واختاروا بعض السلع لتكون أثمانًا لمعظم عقود المبادلة ممَّا تشتد الحاجة إليها كالمواد الغذائية والجلود، ثم انصرفوا عن ذلك لحاجتها للنقل
(1) يطلق النقد ويراد به: الدلالة على إبراز الشيء وبروزه، كما قال ابن فارس، ومن ذلك نقد الدراهم: حقق الكشف عن حالها، وإخراج الزيف منها، والنقد خلاف النسيئة وهو الإعطاء والقبض، تقول: نقدت الدراهم، إذا أعطيته إياها. انظر معجم مقاييس اللغة مادة (ن ق د).
وأما أصطلاحًا: فيطلق النقد عند الفقهاء على الذهب والفضة وعلى غيرهما مما يتعامل به الناس، انظر القاموس المحيط مادة (ن ق د)(ص 412)، أما عند الاقتصاديين المعاصرين فيعرفونه بأنّه: كل شيء يلقى قبولاً عامًّا كوسيط للتبادل بين الناس، ويستلزم ذلك كون النقد مقياسًا للقيمة، وموجبًا للإبراء، ومستودعًا للثروة أي قابلاً للادخار وتلك هي وظائف النقود، وانظر: المبسوط 2/ 14، والفواكه الدواني 2/ 19، ومغني المحتاج 2/ 34، والشرح الكبير لابن قدامة 12/ 122، والمعجم الوسيط (944)، وانظر في تعريف النقد اقتصاديًّا: مقدمة في النقود والبنوك لزكي شافعي (ص 24)، والنقود والمصارف لناظم الشمري (ص 29)، والأوراق النقدية في الاقتصاد الإسلامي لأحمد حسن (ص 37)، معجم مصطلحات الاقتصاد والمال وإدارة الأعمال (36).
(2)
المقايضة: من قايضه إذا عارضه وبادله، ويراد بها: معاوضة عرض بعرض أو مبادلة مال بمال كلاهما من غير النقود، انظر القاموس المحيط مادة (ق ي ض)(ص 842)، ومعجم المصطلحات الاقتصادية في لغة الفقهاء (ص 320)، ومن الصعوبات التي اعترضت تلك الطريقة: =
والحمل، فبحثوا عما هو أخف من تلك السلع، فكان أن تعاملوا بالنقدين - الذهب والفضة - فصارت هي الأثمان، ثم سبكت فصارت قطعًا متساوية حجمًا ووزنًا، وختمت بما يدل على سلامتها، ثم إنّ الناس - لا سيما التجار منهم - أصبحوا يودعون تلك النقود الذهبية والفضية عند الصيارفة والصاغة خوفًا عليها من السرقة، ويأخذون وثائق وإيصالات بإيداعها، فلما ازدادت ثقة الناس بهؤلاء الصيارفة صارت هذه الإيصالات تستعمل في دفع الثمن عند المبايعات، وكانت هذه بداية استعمال الورق النقدي، فلم تكن لها صورة رسمية ولا سلطة تلزم الناس بقبولها، ثم لمّا كثر تداول تلك الإيصالات تطورت تلك الأوراق إلى صورة رسمية تسمى (البنكنوت) وكانت مغطاة بالذهب غطاء كاملاً، وكان البنك يلتزم بألا يصدر من الأوراق إلا بقدر ما عنده من ذهب، كما جعلتها الدول ثمنًا قانونيًّا، وألزم الناس بقبولها عام 1254 هـ الموافق 1833 م، ثم لما احتاجت الدول للنقود طبعت كميات كبيرة منها تفوق ما عندها من الذهب، وراجت عند الناس لثقتهم بأن مصدرها يستطيع تحويلها إلى ذهب، إلا أن تلك الأوراق صارت أضعاف مقدار الذهب الموجود في البلاد، فشرعت الحكومات بتنفيذ شروط قاسية على من يريد تحويل تلك الأوراق إلى ذهب، وفي سنة 1325 هـ الموافق 1931 م منعت الحكومة البريطانية من تحويل الأوراق إلى الذهب إطلاقًا، وألزمت الناس بقبول تلك الأوراق بديلًا للذهب، ثم تبعتها حكومة الولايات المتحدة الأمريكية في عام 1355 هـ الموافق 1934 م، إلَّا أن الدول كانت ملتزمة بتحويل عملتها إلى الذهب عند التعامل مع دولة أخرى وهو ما يسمى (بقاعدة التعامل بالذهب)، وقد ظل العمل بتلك القاعدة إلى سنة 1392 هـ
= أ - صعوبة توافق رغبات المتبادلين.
ب - اختلاف مقادير السلع والخدمات وعدم قابلية بعض السلع للتجزئة.
جـ - صعوبة وجود مقياس مشترك لسائر السلع والخدمات - وفي ظل المقايضة يصعب معرفة قيمة كل سلعة بالنسبة للأخرى. انظر الأوراق النقدية في الاقتصاد الإسلامي (ص 55).