الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كالمال الواحد (1).
ونوقش: بأن الحديث وارد في الماشية؛ لأن الزكاة تقل بجمعها تارة وتكثر تارة أخرى، فلا تلحق الضرر المحض بصاحب الماشية، بخلاف سائر الأموال، فالخلطة فيها تلحق الضرر المحض بصاحب المال؛ لأن ما زاد على النصاب بحسابه، وفي الجمع زيادة للمقدار المخرج بكل حال (2).
وأجيب: بأنَّ الحديث عام فيشمل كل شريكين قد اختلطت أموالهما، ولأن الخلطة إنما تثبت في الماشية للارتفاق، والحاجة قائمة إلى ذلك هنا (3).
الترجيح:
بالنظر للأقوال المتقدمة وأدلتها يتبين ما يلي:
1 -
إن كان المزكِّي هو المساهم، فالراجح هو القول الثاني المتمثل في اختلاف كيفية الزكاة بحسب نوع الشركة ونية المساهم، مع ملاحظة ما يلي:
أ - بلوغ أسهم المزكي نصابًا بنفسها أو بضمها لأمواله الزكوية إذا كان له حكمها، ويراعى في ذلك حسم قيمة الأصول الثابتة والمصاريف الإدارية، والديون المستحقة الحالّة على الشركة، وكذا على المساهم مما لم يتمكن من سدادها.
ب - تطبيق زكاة النقود على الفوائض النقدية، وزكاة التجارة على البضائع
(1) ينظر: المجموع 5/ 429، حاشية قليوبي وعميرة 2/ 33، وهو قول الشافعي في الجديد، ورواية عن أحمد.
(2)
ينظر: المغني 4/ 64، وقال بعدم تأثير الخلطة في غير السائمة جمهور أهل العلم من الحنفية والمالكية والحنابلة. انظر: بدائع الصنائع 2/ 16، مواهب الجليل 2/ 267، الفروع 2/ 398.
(3)
ينظر: المجموع 5/ 429.
التجارية الموجودة في الشركات الزراعية والصناعية.
ج - في حال عدم تمكن المساهم من العلم بموجودات الشركة الزكوية لاحتساب زكاتها فإنه يخرج ربع عشر قيمة السهم الدفترية (1).
2 -
فإن كان المزكي هو الشركة المساهمة، فالراجح هو القول الرابع المتمثل اعتبار أموال المساهمين كمال الشخص الواحد في وجوب الزكاة من حيث نوع المال وحوله ونصابه، مع ملاحظة ما يلي:
أ - عدم أخذ الزكاة على أموال غير المسلمين لفقدهم أهم شروط الزكاة وهو الإسلام (2).
ب - بالنسبة للمضارب بالأسهم، فإنه لا يكتفي بزكاة الشركة، بل يجب عليه إخراج الفرق بين زكاة الشركة بالقيمة الحقيقية للسهم وبين زكاته بالقيمة السوقية، كما أن الشركات الصناعية لا تزكي إلا ريع السهم الصافي، بينما يجب عليه أن يزكي كامل قيمته، مع حسم ما أخرجته الشركة إذا علم بمقداره، فإن شق معرفة ذلك على المضارب فإنه يخرج الزكاة بالنظر لقيمة الأسهم السوقية (3).
(1) وقد تقدم بيان المراد بها (ص 176)، وقيل باعتبارها في إخراج الزكاة لما تمثله من موجودات الشّركة الزكوية.
(2)
فلا تجب الزكاة على الكافر اتفاقًا، مع محاسبتهم عليها في الآخرة. ينظر: فتح القدير 2/ 153، حاشية رد المحتار 2/ 259، مواهب الجليل 2/ 366، الفواكه الدواني 1/ 500، المجموع 5/ 298، مغني المحتاج 2/ 121، المغني 4/ 69، كشاف القناع 2/ 168.
(3)
وبذلك صدر قرار بيت الزكاة ونصه: "إذا قامت الشركة بتزكية موجوداتها، فلا يجب على المساهم إخراج زكاة أخرى منعًا للازدواج، هذا إذا لم تكن أسهمه بغرض المتاجرة، أما إذا كانت بغرض المتاجرة فإنه يحسب زكاتها ويحسم منه ما زكته الشركة أو يزكي الباقي إن =
سبب الترجيح ما يلي:
أولًا: فيما يتعلق بتزكية المساهم لأسهمه، فقد ترجح ما تقدم؛ لأن السهم حصة شائعة من الشركة، فتجب فيه الزكاة بحسب نوع الشركة؛ فالجزء له حكم الكل، فإن قصد المساهم من تملك السهم المتاجرة به، فيكون له حكم العروض التجارية؛ لأنَّ الأعمال بالنيات، والنية تقلب الحكم في عروض القنية إلى عروض تجارية إذا نوى الاتجار بها، فالسهم المتخذ للاستثمار إذا نوى به الاتجار كان أولى بحكم العروض التجارية.
ثانيًا: فيما يتعلق بتزكية الشركة للأسهم، فقد ترجح ما تقدم أخذًا بمبدأ الخلطة فيما عدا الماشية؛ لعموم النص الوارد وللحاجة إلى ذلك؛ ولما في عدم أخذ الشركة به من مشقة بالغة تمنعها من أخذ الزكاة؛ لما يترتب على ذلك من النظر في أسهم كل مساهم على حِدَة، ومعرفة ما يبلغ منها نصابًا، أو الاتصال بالمساهمين للتأكد من ملكهم للنصاب، وتحقق شروط الزكاة لديهم، مما يوقع في مشقَّة بالغة، والمشقة تجلب التيسير (1).
ثالثًا: جعلنا احتساب الأسهم بالقيمة الحقيقية إذا كان المزكي هو الشركة أو المساهم المستثمر؛ لأنهم لا يستفيدون من القيمة السوقية للأسهم، بل تبقى الأسهم للاستفادة من ريعها الذي لا يتأثر بقيمة السهم في سوق المال.
وأما فيما يتعلق باحتساب الأسهم بالفيمة السوقية بالنسبة للمضارب بها؛ فلأنها عروض تجارية، وهي تزكى بحسب قيمتها في السوق عند وجوب الزكاة.
= كانت زكاة القيمة السوقية لأسهمه أكثر مما أخرجته الشركة عنه، وإن كانت زكاة القيمة السوقية أقل فله أن يحتسب الزائد في زكاة أمواله الأخرى أو يجعلها تعجيلًا لزكاة قادمة". انظر: دليل الإرشادات لمحاسبة زكاة الشركات (ص 41).
(1)
ينظر: الأشباه والنظائر للسيوطي (ص 76)، والمنثور في القواعد الفقهية 3/ 171.
رابعًا: ورجحنا حساب الزكاة بربع عشر القيمة الدفترية عندما لا يتمكن المساهم المستثمر من معرفة موجودات الشركة، لأنه بذلك يتحقق إخراجه للقدر الواجب شرعًا، وما زاد فإنه صدقة، ولا يسلَّم القول بقياس الأسهم عندئذ على المستغلات وإخراج ربع عشر ريعها بعد حولان الحول على بعضها (1)، وذلك لأن السهم حصة شائعة من موجودات الشركة، ومن تلك الموجودات أموال زكوية تجب زكاتها عند حولان الحول على السهم ولا يُنظر حول آخر بعد قبض الريع، كما أن قيمة زكاة تلك الموجودات قد تكون أكثر بكثير من زكاة ربع عشر الريع، فكان يقين إخراج الزكاة أن تكون كما تقدم بيانه.
(1) وهو قرار مجمع الفقه الإسلامي برقم: (28) 3/ 4، إلا أنه صدر قرار لاحق للمجمع برقم:(120) 3/ 13 استدرك فيه الملحظ الفقهي على القرار الأول، وقد تقدمت الإشارة لذلك.