الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخاتمة
الخاتمة
الحمد لله أولًا وآخرًا وظاهرًا وباطنًا، ذي الفضل والإنعام، الذي يسر وأعان على التمام، فها هو البحث قد كملت مسائله، وتذللت مصاعبه، فكان لا بد من بيان أبرز النتائج والتوصيات التي توصلتُ إليها في هذا البحث، فأقول مستعينا بالله متوكلًا عليه:
1 -
النوازل في الزكاة هي الحوادث الجديدة التي تحتاج لحكم شرعي.
2 -
لا يخلو تأثير الديون الاستثمارية في بلوغ النصاب الزكوي من أقسام:
أ - إذا كانت الديون لتمويل أصول ثابتة بقصد الاستثمار وزيادة الأرباح، وكانت زائدة عن الحاجات الأصلية للمدين، فإن هذه الديون تجعل في مقابل تلك الأصول، ولا تُنقص من الأموال التي في يده والغلة المستفادة له.
ب - إذا كانت الديون لتمويل أصول ثابتة ضرورية لا تزيد عن حاجة المدين الأصلية، فيُنقص الدين الحال، وهو القسط السنوي، من وعاء المدين الزكوي، ولا يُنقص الدين المؤجل لما تقدم.
وبذلك يتبين أثر هذه الديون على نصاب ما بيد المدين من أموالٍ زكوية، وأنَّ الديون تُنقص من تلك الأموال، ثم ينظر ما بقي، فإن كان نصابًا زُكّي، وإلا فلا.
جـ - إذا كانت الديون لتمويل عمل تجاري، فيُنقص القسط السنوي عندئذٍ
من قيمة العروض والأموال التي في يده، ويزكي ما تبقى، أما المؤجل من الأقساط فلا ينقص كما تقدم.
3 -
إن تأثير الديون الإسكانية في بلوغ النصاب الزكوي لا يخلو من أحوال:
الأول: أن تكون الديون الإسكانية لبناء بيت يسكنه المستدين بلا إسراف، ويكون الدين مقسطًا، فيُنقص القسط السنوي من الأموال الزكوية التي في يده، ويزكي ما بقي إن بلغ نصابًا، وبذلك يتبين أن لهذه الديون أثرًا في النصاب، فقد يستغرق الدين الحال النصاب أو ينقص المال الزكوي عن بلوغ النصاب فتسقط الزكاة عنه.
الثاني: أن تكون الديون الإسكانية المؤجلة، لبناء بيت يزيد عن حاجته أو فيه إسراف وتبذير، فإنَّ هذا الدَّين يجعل في مقابل القسم الزائد عن حاجته من العقار، فإن استغرق الدين ما زاد من العقار السكني، ولم يفضل الدين على العقار فإنه يزكي ما بيده من أموال زكوية ولا يتأثر نصابها بالدين، وإن فَضَلَ الدين على العقار، فينقص القسط الحال في سنة الدين من أمواله الزكوية، ويزكي ما بقي إن بلغ ماله نصابًا.
الثالث: أن تكون الديون الإسكانية المؤجلة لغرض استثماري، فإنَّ الدَّين الإسكاني في هذه الحالة استثماري فينطبق عليه ما تقدم في القسم الثالث من المسألة السابقة، فينقص قسط الدين الحال من قيمة الوحدات السكنية، ولا ينقص مما بيده من أموال زكوية إلا إذا استغرق الأصول الثابتة (الوحدات السكنية)، أما الأقساط المؤجلة من الدين فلا تؤثر في نصاب المال الزكوي.
4 -
لا أثر للتضخم النقدي، في المقدرات بالنص الشرعي من الأموال الزكوية، كالنقدين وسائمة الأنعام والحبوب والثمار، وكذا لا تأثير له في نصاب الأوراق النقدية إلا من جهة انخفاض قيمتها التبادلية وقوتها الشرائية، فيرتفع مقدار نصابها؛ لتغير قيمة النصاب الذي تعتبر به، وهو نصاب الذهب والفضة، فقد يصبح نصاب الأوراق النقدية الذي أوجبنا الزكاة عند بلوغه قبل التضخم مما لا تجب الزكاة فيه؛ لانخفاض قيمة الأوراق النقدية بسبب التضخم.
5 -
الأصل هو احتساب الزكاة وَفْق التاريخ الهجري، ولا ينبغي الاعتداد بالتاريخ الميلادي في ذلك إلا عند وجود المشقة المعتبرة بناء على جواز تأخير إخراج الزكاة للحاجة، مع وجوب احتساب الفرق بين التاريخ الهجري والميلادي، فتُصبح نهاية الحول الميلادي زمنًا للإخراج وليست وقتًا للوجوب.
6 -
أن مقدار نصاب الزروع والثمار وهو خمسة أوسق يساوي بالمقاييس الحديثة بوحدة قياس الحجم ستمائة وعشرة كيلوات وخمسمائة جرام، ويساوي بوحدة قياس الثقل سبعمائة وتسعة وعشرين لترًا.
7 -
لا تأثير لنفقات الري بالوسائل الحديثة على القدر الواجب إخراجه زكاة لا زيادةً ولا نقصًا، كما أنه لا تأثير لزيادة الأرباح باستخدام تلك الوسائل في زيادة القدر المخرج زكاة ورفعه عن نصف العشر.
8 -
حكم الثمار المعدة للتجارة لا يخلو من حالين:
أ - أن يكون مالكها يزرعها ثم يبيعها، فيترجح زكاتها زكاة العين بإخراج العشر أو نصفه من الزروع والثمار، والمتعيّن غالبًا في هذه الأزمان هو نصف العشر، لوجود الكلفة في الزراعة والتخزين ونحوها من متطلبات الزراعة الحديثة.
ب - أن يكون مالكها يشتري المحصول بعد حصاده ليبيعه، فتجب فيها زكاة التجارة؛ لأنها عروض تجارة.
9 -
لا تخلو الحيوانات المتخذة للاتّجار بنتاجها كالألبان ونحوها من قسمين:
الأول: أن تكون مما تجب الزكاة في عينه، كسائمة بهيمة الأنعام فلا يخلو الأمر من حالين:
أ - أن تكون تلك الحيوانات سائمة -وهذا نادر في واقع الحال- فالأقرب هو القول الثاني، وهو إيجاب الزكاة فيها إذا بلغت نصابًا وحال حولها، ويعتبر إنتاجها من الألبان ونحوها مالًا آخر تجب الزكاة فيه إذا اتخذ للتجارة، وحال الحول عليه، وبلغ نصابًا، فيزكى زكاة التجارة، فإن بيع فيزكى ثمنه وأرباحه بعد حَوَلان الحول على إنتاجه وبلوغه النصاب، فإن تعسر ذلك فيمكن تحديد يوم في السنة لتزكية جميع ما لدى المزكي من النصاب.
ب - ألا يتحقق فيها وصف السَّوْم -وهو الغالب- فالراجح هو القول الثالث وهو تزكية غلتها بعد حولان حول عليها.
القسم الثاني: أن تكون الحيوانات المنتجة مما لا تجب الزكاة في عينه كالغزلان والطيور والوحوش، فالراجح عدم إيجاب الزكاة في الأصل وهو الحيوان؛ لأنه مما لا تجب الزكاة في عينه، كما أنه ليس عرض تجارة يقلب في البيع والشراء، وإنما هو مال يستفاد من غلته لبيعها لغرض التجارة، فيترجح القول بزكاة الغلة زكاة عروض تجارة من عينها أو ثمنها عند حولان الحول على استفادتها وبلوغها النصاب.
10 -
أن زكاة المصانع تكون بتزكية صافي غلالها بعد حولان الحول على بداية إنتاج المصنع.
11 -
ما تم تصنيعه من بضائعَ معدةٍ للبيع يجب تزكيتها زكاة التجارة، باحتساب قيمتها السوقية إذا استكملت حولًا ونصابًا.
12 -
وجوب الزكاة في المواد الخام المملوكة بنية التجارة إذا بلغت نصابًا وحال عليها الحول، فتقوّم عندئذ وتخرج منها زكاة التجارة.
13 -
ما لا يدخل في تركيب المصنوع مما يحتاج إليه في التصنيع كمواد التشغيل، والصيانة كالوقود والزيوت ونحوها لا تقوّم ولا تجب زكاتها.
14 -
إنَّ نصاب الأوراق النقدية يكون ببلوغها أدنى نصابي الذهب أو الفضة.
15 -
الأقرب تكييف المال المودع في الحساب الجاري بأنه قرض من مُودِع المال للمصرف، وهو في حكم المليء الباذل، فيكون الحكم في زكاته كالحكم في زكاة الدين إذا كان على مليء باذل، وهو وجوب الزكاة على المقترض (الدائن) كلما حال على المال حول ولو لم يقبضه، فإن تعسّر ضبط هذا لكثرة حركة المال في الحساب الجاري على مدى العام، فإنَّ المزكي يعيِّن يومًا في السنة ويزكي فيه المال المودع في الحساب الجاري.
16 -
لا تخلو زكاة الأسهم من حالين:
الأولى: أن يكون المزكِّي هو المساهم -وهذا هو الأصل الواجب شرعًا- فإن الزكاة تكون بحسب نوع الشركة ونية المساهم مع ملاحظة ما يلي:
أ - بلوغ أسهم المزكي نصابًا بنفسها أو بضمها لأمواله الزكوية إذا كان له حكمها، ويراعى في ذلك حسم قيمة الأصول الثابتة والمصاريف الإدارية، والديون المستحقة الحالة على الشركة، وكذا على المساهم.
ب - تطبيق زكاة النقود على الفوائض النقدية، وزكاة التجارة على البضائع التجارية الموجودة في الشركات الزراعية والصناعية.
جـ - في حال عدم تمكن المساهم من العلم بموجودات الشركة الزكوية لاحتساب زكاتها فإنه يخرج ربع عشر قيمة السهم الدفترية.
الثانية: أن يكون المزكي هو الشركة المساهمة، كما لو نص في نظام الشركة الأساسي، أو صدر به قرار الجمعية العمومية للشركة، أو ألزم بذلك قانون الدولة، أو فوض المساهم الشركة بإخراج زكاة أسهمه، فإن حكم الزكاة عندئذ يكون باعتبار أموال المساهمين كمال الشخص الواحد، من جهة نوع المال وحوله ونصابه مع ملاحظة ما يلي:
أ - عدم أخذ الزكاة على أموال غير المسلمين لفقدهم أهم شروط الزكاة وهو الإسلام.
ب - بالنسبة للمضارب بالأسهم، فإنه لا يكتفي بزكاة الشركة، بل يجب عليه إخراج الفرق بين زكاة الشركة بالقيمة الحقيقية للسهم وبين زكاته بالقيمة السوقية، كما أن الشركات الصناعية لا تزكي إلا ريع السهم الصافي، بينما يجب عليه أن يزكي كامل قيمته، مع حسم ما أخرجته الشركة إذا علم بمقداره، فإن شق معرفة ذلك على المضارب فإنه يخرج الزكاة بالنظر لقيمة الأسهم السوقية.
17 -
تجب الزكاة في أصل السند الربوي مع عدم مشروعية زكاة الفوائد الربوية، بل يجب التخلص منها في مصارف خيرية مشروعة، وتكون زكاة مبلغ الدين كاملا، وذلك بحسب قيمته الحقيقية.
18 -
لا يخلو حكم الزكاة في الصناديق الاستثمارية من حالين:
أ - أن تكون استثماراتها في نشاط معين مثل النشاط الصناعي أو الزراعي، فلها حكم زكاة هذا النشاط كما تقدم بيانه وتفصيله في زكاة الأسهم.
ب - أن تكون استثماراتها في النشاط التجاري بتقليب المال بيعا وشراء، وهو الغالب، فلا يخلو ذلك من أحد حالين:
الحال الأولى: أن تكون حقيقة العلاقة بين الطرفين المتعاقدين هي المضاربة التجارية، فلا تجب الزكاة على العامل -وهو الجهة الاستثمارية المديرة للصندوق- إلا بعد استحقاقه لنصيبه، ويكون ذلك بعد ثبوت الربح له بالقسمة، وحولان حول عليه إن كان نصابا، أما رب المال فتجب الزكاة فيه عليه بعد حولان حول على نصابه، فيحتسب ماله وأرباحه، وتخرج زكاته للربح.
الحال الثانية: أن تكون حقيقة العلاقة بينهما هي الوكالة بأجر، فتكون زكاة الصندوق الاستثماري، بالنسبة لرب المال هي زكاة مال التجارة، فيحتسب رأس ماله وربحه، ويزكيه بإخراج ربع عشره، إن بلغ ماله نصابا، وحال حول زكاته.
وأما زكاة أجرة العامل في هذه الصورة، فحكمها كحكم زكاة المال المستفاد، إذا كان من جنس نصاب عنده، وليس من نمائه، فيشترط لإيجاب الزكاة فيه حَوَلان الحول عليه بعد استفادته إن كان نصابًا.
فيحسب العامل -وهو إدارة الصندوق الاستثماري- ما له، فإن كان نصابًا ابتدأ حوله من حين استحقاقه للمال.
19 -
لا تجب الزكاة في المال العام، سواء كان مستثمرا أم غير مستثمر، ومن ذلك الشركات المملوكة للدولة، أو نصيب الدولة التي تملكه في بعض الشركات.
20 -
وجوب زكاة قسط أو دفعة التأمين على المؤمن، وتكون صفة زكاة التأمين
بالنسبة لشركات التأمين التجارية بأن تحسب الشركة رأس مالها وأرباحها، مع الديون المرجوة لها عند الغير، وتخصم الديون التي عليها، وقيمة أصول الشركة من الوعاء الزكوي، وتخرج قدر زكاة التجارة (ربع العشر) من المال المتبقي بعد ذلك.
21 -
لا زكاة في أقساط التّأمين التعاوني أو دفعاته التأمينية على المؤمن والمؤمن له، إلا في حالة انقضاء السنة المالية وزيادة مبالغ التأمين التعاوني بعد تغطيتها للأخطار المؤمن ضدها، فإن للمؤمّنين الحقَّ في استعادة الفائض المالي بالنسبة بين جميع الشركاء، ما لم يتفق على خلاف ذلك، كأن يكون هذا الفائض من نصيب شركة التأمين التعاوني لقاء إدارتها لأموال التّأمين، فإنه والحالة هذه يجب تزكية المال الفائض وما نشأ عنه من أرباح بعد حول من تحققه لشركة التّأمين؛ لكونها لم يستقر ملكها إياه قبل ذلك.
22 -
عدم وجوب زكاة الراتب التقاعدي ومكافأة التقاعد على الموظف، لعدم تمام الملك، وأما الدولة فلا تجب زكاتها عليها كذلك؛ لأنها جهة عامة لا تملك.
23 -
لا تجب الزكاة في مكافاة نهاية الخدمة قبل استحقاقها بنهاية الخدمة، وصدور قرار صرفها للموظف العامل، وتزكى بعد حَوَلان حول من قبضها من مستحقها.
24 -
يزكى الراتب الشهري زكاة المال المستفاد، فيحسب حول لكل راتب من حين تملكه، ويزكيه إن بلغ نصابًا، إلا أنه لمّا كان ضبط ذلك شاقًّا، فإنّه يشرع للمكلف تحديد يوم في السنة لزكاة رواتب السنة كلها، فينظر ما لديه من نصاب ويزكيه، فما كان منه قد حال عليه الحول فقد وجبت زكاته، وما لم يَحُلْ حوله فإن زكاته تكون زكاة معجلة.
25 -
عدم وجوب الزكاة في حقوق التأليف والابتكار، ووجوبها في الاسم التجاري والترخيصِ والعلامة التجارية إذا تحققت فيها شروط زكاة عروض التجارة، لا سيما وأنَّ بيع تلك الحقوق قد يكون بمعزل عن آثارها، ويتضح ذلك في الحقوق التي ليس لها آثار، كالترخيص التجاري قبل استحداث المنشأة التجارية ونحو ذلك، فإنه متى أعد المال للتجارة حقًّا كان أو عَيْنًا وجبت زكاته بعد استيفاء شروط وجوبها.
26 -
حكم زكاة العين المؤجرة إيجارًا منتهيًا بالتّمليك يتخرج على حكم زكاة المستغلات، فتجب الزكاة فيما غل منها بعد حولان الحول على الغلة، لا في كامل قيمة العين.
فيجب على مالك العين المؤجرة -وهو المؤجر- زكاة أقساط الأجرة التي يستلمها إذا حال عليها الحول بعد قبضها، فإن شق ضبط حول كل قسط لها فيمكنه تحديد وقت معين يزكي فيه ما اجتمع له من مال زكوي من تلك الأقساط.
27 -
وجوب زكاة الثمن على المستصنع ما لم يقبضه الصانع، أو يستحقه، كما يجب على الصانع زكاة المصنوع ما لم يقبضه المستصنع أو يستحقه، وذلك لتحقق ملك المستصنع لثمن المصنوع، وتحقق ملك الصانع لعين المصنوع ومواده التي يتركب منها، مع عدم تحقق ملك الصانع للثمن ما لم يقبضه أو يستحقه، فإن قبضه فقد تملكه، وإن استحقه ولم يقبضه فتنطبق عليه أحكام زكاة الدَّيْن، وهي إنما تجب إن كان الدين على مليء باذل، كما أن ملك المستصنع للمصنوع لا يتحقق ما لم يقبضه أو يستحقه، فإن استحقه ولم يقبضه فتجري عليه أحكام زكاة الديون كما تقدم، إلا أن إيجاب الزكاة في المصنوع أو ثمنه، إنَّما يكون في حال وجودهما لدى مالكهما، وإعدادهما للتجارة.
28 -
الغنى المانع من أخذ الزكاة هو ما تحصل به الكفاية، فمن وجد من المال ما يكفيه ويكفي مَن يمونه، فهو غني لا تحل له الزكاة، ومن لم يجد ذلك حلتْ له
الزكاة ولو كان يملك نصابا، وأما تحديد الكفاية المعتبرة فإنه يرجع للعرف؛ لأنه ورد مطلقًا في الشرع فيضبط بالعرف.
29 -
الأصل عدم مشروعية حفر بئر للفقراء من مال الزكاة لعدم تحقق التّمليك لهم، لكن يجوز شرعا تمليك مال الزكاة لأهل المنطقة الفقراء، ثم يوجهون إلى وضعه في حفر بئر يبيحون الانتفاع بها لهم ولغيرهم، فإن تعذر ذلك فيتوجه القول بالجواز بالضوابط التالية:
أ - أن تكون الحاجة إلى حفر البئر ظاهرة.
ب - أن يغلب على الظن استسقاء الفقراء منه دون غيرهم، كما لو كان في منطقة تختص بهم.
جـ - أن يغلب على الظن أنه عند تمليكهم وتوجيهم بحفر البئر أن ذلك لن يتحقق.
د - ألا يمكن حفر البئر من غير مال الزكاة.
30 -
يشرع صرف الزكاة لبناء أو شراء بيتٍ للفقراء والمساكين بالضوابط التالية:
أ - ألا يكون الفقير قويا مكتسبا، يسدِ كسبه حاجته لو اكتسب، وإنما تصرف حينئذٍ في شراء ما يحتاجه من أدوات الكسب إن احتاج.
ب - أن تكون قيمة البيت مناسبة لحال الفقراء بلا إسراف ولا إقتار.
جـ - ألا توجد وجوه صرفٍ ضرورية عاجلة تقتضي الصرف الفوري للأموال كالغذاء والكساء، فإن وجدت فإنها تقدم.
د - فإن غلب على الظن تحصيلهم قيمة الإيجار كل سنة، فإنّ الأولى
عندي هو عدم صرف مال الزكاة في شراء البيت، ليستفيد منها عددٌ أكبر من الفقراء في دفع حاجاتهم المتكررة.
31 -
يجوز صرف الزكاة في دفع قيمة التكاليف الدراسية للطلبة الفقراء للحاجة الكبيرة للدراسة، ولكن ينبغي أن يضبط جواز ذلك بما يلي:
أ - أن يكون عِلمًا مباحًا نافعًا لدارسه ومجتمعه.
ب - أن تكون التكاليف الدراسية المدفوعة من الزكاة بالمعروف، فلا تزيد عن القيمة المعتادة.
32 -
جواز صرف الزكاة في تزويج الفقير العاجز عن تكاليف الزواج.
33 -
تجويز صرف الزكاة لعلاج الفقراء لا بد له من ضوابط، وهي على النحو التالي:
أ - ألا يتوفر علاجه مجانًا، فإن توفر، فلا يجوز صرف الزكاة متى كان الاستطباب محققًا للمقصود من دفع المرض، مع عدم المنة في ذلك.
ب - أن يكون العلاج لما تمس الحاجة لمعالجته من الأمراض.
جـ - أن يراعى في مقدار تكاليف العلاج عدم الإسراف والإقتار، فمتى تحقق المقصود من العلاج بتكاليف أقل لم يلجأ إلى ما هو أعلى من ذلك؛ لأن القصد هو دفع المرض، فمتى تحقق ذلك بمقدار كانت مجاوزته سرفًا، وهو محرم.
34 -
العاملون على الزكاة هم كل من يُعَيِّنُهم أهل الحل والعَقْد في الدول الإسلامية، أو يُرَخِّصُون لهم، أو تختارهم الهيئات المعتبرة للقيام بجمع الزكاة وتوزيعها وما يتعلق بذلك من توعيةٍ بأحكام الزكاة، وتعريف بأرباب الأموال
وبالمستحقين، ونقل وتخزين وحفظ وتنمية واستثمار.
35 -
ينقسم الموظفون في المؤسسات المختصة بجباية الزكاة وتوزيعها قسمين:
القسم الأول منهم: من يتقاضى مرتبا دوريا من بيت المال (الدولة) كما هو الحال في أقسام جباية الزكاة الحكومية التي تديرها الدولة، فهؤلاء لا يستحقون الأخذ من هذا المصرف لأخذهم أجرا على عملهم.
القسم الثاني: العاملون في المؤسسات والجهات الأهلية المستقلة عن الدوائر الحكومية في إدارتها المباشرة، والمموَّلة من المحسنين، فهؤلاء ينطبق عليهم وصف العاملين في الزكاة ذكورا كانوا أم إناثًا.
ويراعى في إعطائهم الضوابطُ التالية:
أ - أن يكون العمل الذي يقوم به الموظف مما يحتاج إليه في جمع الزكاة وتوزيعها، سواء كان من الأعمال المباشرة للجمع والتوزيع أو من الأعمال المساعدة في ذلك، كالذي يقوم به المحاسبون والباحثون الشرعيون، والإداريون، ونحوهم ممن يحتاج إليهم للقيام بمهمة العاملين في الزكاة، ولو كثروا.
ب - أن يراعى في ذلك إعطاء العامل بقدر عمله، وهو موجب العدل معه، فلا ينقص من حقه، وموجب العدل مع غيره فلا يزاد في نصيب العامل، فيترتب على ذلك النقص على باقي المستحقين.
36 -
لا يجوز الصرف من مصرف العاملين عليها للمؤسسات التي ترعى المسلمين الجدد إلا بشرط التمليك، فيجوز صرف الزكوات التي يتملكها أولئك المسلمون، أما ما لا يُملك منها لمعين كالذي يصرف في شؤون المؤسسة الإدارية
والوظيفية ونحو ذلك، فينظر في الصرف عليه مصرفًا أو موردا غير الزكاة.
37 -
أن المؤلفة قلوبهم صنفان:
1 -
كفار.
2 -
ومسلمون.
فأما الصنف الأول: وهم الكفار، فينقسمون قسمين أيضا:
أ - من يرجى إسلامه فيعطى لترغيبه في الإسلام.
ب - من يخشى شره فيعطى لكف شره.
وأما الصنف الثاني: وهم المسلمون، فعلى أربعة أقسام:
أ - من يرجى بعطائهم إسلام نظرائهم من الكفار.
ب - من يرجى بعطائهم قوة إيمانهم.
جـ - من يرجى بعطائهم دفعهم عن المسلمين ونصرتهم لهم.
د - من يرجى بعطائهم جبايتهم الزكاة ممن لا يعطيها.
فكل هؤلاء يشملهم عموم قوله تعالى: {وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ} ، فيجوز إعطاؤهم الزكاة.
38 -
مشروعية صرف الزكاة لرؤساء الدول الفقيرة والقبائل الكافرة إذا كان ذلك يؤلف قلوبهم للإسلام، لما فيه من استنقاذ لهم من النار، ودعوة لغيرهم للإيمان، وتقوية لدين الإسلام.
39 -
المراد بمصرف الرقاب: إعتاق الأرقاء من المسلمين، كما يشمل المصرف المكاتبين، وفكاك أسرى المسلمين، ولا يشمل ذلك المصرف تحرير الشعوب الإسلامية من الكافرين.
40 -
المراد بمصرف سبيل الله: نصرة الدين بالجهاد بالنفس والمال واللسان، فيشمل ذلك قتال الكفار والدعوة إلى الله، ومن الصور المعاصرة لهذا المصرف:
أ - إنشاء وتمويل مصانع المسلمين الحربية وأسلحتهم ومعاهد التدريب العسكرية لديهم.
ب - طبع الكتب والمجلات العسكرية والتوجيهية للمقاتلين المسلمين مما يحتاجونه في جهادهم.
جـ - إنشاء مراكز دراسات لمواجهة خطط الأعداء.
د - إنشاء مكاتب الدعوة والإرشاد، وتمويلها بما تحتاج إليه لتحقق مهمتها.
هـ - طباعة الكتب والنشرات التي تهدف لنشر العلم الشرعي والدعوة إلى الله، ونسخ الأشرطة الإسلامية التي تُعْنَى بذلك، لا سيما فيما يتعلق بدعوة غير المسلمين.
و- دعم حلقات تحفيظ القرآن وتمويلها بما تحتاج إليه.
ز - إنشاء وتمويل المواقع الإسلامية في الشبكة العالمية المختصة ببيان الحق وهداية الخلق.
ح - تأسيس القنوات الفضائية الإسلامية ودعمها لتحقيق المقصود من إنشائها.
ط - إنشاء الإذاعات الإسلامية ودعمها؛ لكي يصل صوت الحق إلى أصقاع الأرض، ونحو ذلك من الوسائل الحديثة التي يتحقق بها المقصود من الدعوة إلى الله ببيان الهدى ودين الحق، فذلك من الجهاد بالبيان، وهو من أسباب نصرة الدين وهداية العالمين التي لم يشرع الجهاد إلا لها.
41 -
ابن السبيل هو: المسافر المنقطع في سفره عن ماله، فلا يستطيع العودة
إلى بلده، ولا الوصول لماله، فيعطى ما يوصله إلى بلده.
42 -
لا يخلو حكم المبعدين عن بلادهم وأموالهم من المسلمين عن حالين:
الحال الأولى: أن ترتجى عودتهم لبلادهم، فلهم حكم أبناء السّبيل؛ لانطباق الوصف المقرر في حق أبناء السّبيل، وهو سفرهم مع انقطاعهم عن أموالهم.
الحال الثانية: ألا ترتجى عودتهم، أو يطول بهم المقام مع حاجتهم، فإنهم يعطون عندئذ بوصف الفقر لا بوصف أبناء السبيل، وذلك لأن حال الإقامة في حقهم أظهر من حال السفر، كما أن إعطاء ابن السبيل إنما يكون لإيصاله لبلده التي بها ماله، فإن كان ذلك متعذرا فإنه لا يتحقق فيه موجب الإعطاء المختص بابن السبيل.
43 -
المسافر لطلب العلم أو العمل إن لم يستطع الوصول لماله في بلده فلا يخلو من حالين:
أ - أن يكون قد أقام في البلد الذي سافر له واستقر فيه، فليس من أبناء السبيل.
ب - فإن لم يقم أو يستقر بعدُ في تلك البلاد ويغلب على الظن رجوعه قريبا فيعطى من مصرف ابن السبيل ما يعينه للعودة إلى بلاده.
44 -
لا يجوز استثمار الزكاة من قِبَلِ المالك أو وكيله؛ لما يؤدي إليه من تأخير إخراجها بلا عذر مع تعرضها للخسارة.
45 -
جواز استثمار بعض أموال الزكاة من الإمام أو نائبه لصالح مستحقيها إذا دعت الحاجة لذلك بضوابط شرعية تتحقق فيها المصلحة من الاستثمار، أو تغلب على المفسدة إن وجدت.
ومن تلك الضوابط:
أ - ألا تتوافر وجوه صرف عاجلة.
ب - أن يتم استثمار أموال الزكاة -كغيرها- بالطرق المشروعة.
جـ - أن تتخذ الإجراءات الكفيلة ببقاء الأصول المستثمرة على أصل حكم الزكاة، وكذلك ريع تلك الأصول.
د - المبادرة إلى تنضيض الأصول المستثمرة إذا اقتضت حاجة مستحقي الزكاة صرفها عليهم.
هـ - بذل الجهد للتحقيق من كون الاستثمارات التي ستوضع فيها أموال الزكاة مجدية، ومأمونة، وقابلة للتنضيض عند الحاجة.
و- أن يتخذ قرار استثمار أموال الزكاة ممن عهد إليهم ولي الأمر بجمع الزكاة وتوزيعها مراعاةً لمبدأ النيابة الشرعية، وأن يسند الإشراف على الاستثمار إلى ذوي الكفاية والخبرة والأمانة.
46 -
جواز دفع زكاة الفطر قبل العيد ولو بمدة طويلة من المزكي إلى الوكيل إذا كانت الجمعية نائبة عن المزكي، وذلك هو الغالب في الجهات الخيرية التي لم تُكَلّف من قِبَل الدولة أو يؤذن لها بجمع الزكاة وتوزيعها؛ لأنه ليس إخراجًا، وإنما الإخراج هو بإقباض الجمعية للفقير. وأما تأخير إخراجها عن يوم العيد فلا يجوز؛ لأن قبض الجمعية لها قبض للوكيل من الموكل، فهي لم تصل بعد للفقير.
وأما المراكز الإسلامية في البلاد غير الإسلامية فيظهر لي أنها نائبة عن المزكي والفقير معًا، وذلك إذا كانت جهة الزكاة حكومية أو مكلفة من الدولة بجمع الزكاة وتوزيعها، فتكون وكيلةً عن الغني لكونه دفع الزكاة لها، وطلب منها توزيعها على المستحقين، وتكون نائبة عن الفقير لكونها مكلفة من الإمام وهو نائب عن الفقراء، فتكون نائبةً عن الإمام في القيام بجمع الزكاة وتفريقها على مستحقيها؛ لعدم وجود إمامٍ للمسلمين في بلاد الكفار، والإمام نائب عن الفقراء، مع كونها نائبة عن المزكي أيضًا كما تقدم.
47 -
جواز إخراج القيمة في الزكاة عند وجود الحاجة أو المصلحة.
48 -
مشروعية توزيع الزكاة في البلد الذي جُمِعَتْ فيه، ويجوز نقلها إلى بلد آخر وفق الضوابط التالية:
أ - وجود مسوغ شرعي يقدره أهل الاجتهاد، كما تقدمت الإشارة لبعض صوره.
ب - عدم نقل الزكاة كلها من البلد ما دام فيها مستحق، وإنما ينقل جزء منها؛ لأحقية أهل البلد بها، مع جواز نقل المالك لجميع زكاته عند وجود المقتضي؛ لأنها جزء من زكاة البلد.
جـ - كون الطريق مأمونا؛ لأن الزكاة مستحقة للغير، فلا يجوز المخاطرة في تضييعها، فإنْ خاطر بذلك وضاعت أو تلفت ضَمِنَها.
49 -
لا يجوز للمؤسسات الزكوية ولا غيرها دفع الزكاة للفقراء من أول شهر رمضان أو وسطه بالمبالغ المتوقعة؛ لاشتراط النية في زكاة الفطر من المزكي، وعدم جواز تعجيلها قبل العيد بأكثر من يومين.
وأختم نتائج هذا البحث بالتوصيات التالية
* أهمية التوسع في بحث كثير من نوازل الزكاة لتجدد صور الأموال المعاصرة ومصارفها، مما يتعذر معه استيعابها في بحوث محددة.
* العناية بإيجاد البحوث المشتركة بين أهل التخصصات ذات العلاقة بالأموال الزكوية، من الفقهاء والاقتصاديين والمحاسبين؛ للخروج بنتائج تطبيقية متكاملة.
* أهمية إبراز قواعد الزكاة وضوابطها وربطها بالتطبيقات الفقهية، وتأسيسها على الأدلة والمقاصد الشرعية.
* أهمية إنشاء موسوعة علمية للزكاة، تحتوي على المسائل التراثية والنوازل المعاصرة، مع اشتمالها على البحوث المحررة في فقه الزكاة في الماضي والحاضر، ونشرها ورقيا وفي أقراص مدمجة.
* ضرورة تبسيط فقه الزكاة وتقديمه لعامة الناس من خلال وسائل متعددة منها:
أ - إصدار دليل فقهي مبسط يشتمل على أبرز مسائل الزكاة بأسلوب واضح، مع البعد عن الخلافات وكثرة التفصيلات.
ب - إنشاء مراكز علمية أهلية غير ربحية لتعريف الناس بحساب أموالهم وتدريبهم على ذلك.
ج - نشر ملخصات للبحوث المتميزة في الزكاة وتوزيعها على الأفراد والجهات ذات العلاقة.
* إنشاء مواقع متميزة على الشبكة العالمية يعنى بفقه الزكاة المعاصر، والإِجابة على أسئلة الناس، وإرشادهم لحلول مشكلاتهم في إخراج الزكاة أو صرفها.
وأخيرًا -وهو من أهم التوصيات- تأسيس هيئات فقهية للزكاة تعنى بتحقيق ما تقدم ذكره من وسائل خدمة فقه الزكاة، وتوعية الناس بهذه الفريضة، وتعمل على التنسيق بين الجهات المختلفة في الجهود المبذولة في إحياء فقه الزكاة المعاصر وتأصيله، وتبصير الناس بهذا الركن العظيم، وعقد الموتمرات والندوات العلمية في سبيل ذلك.
والحمد لله أولًا وآخرًا وظاهرًا وباطنًا، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.