الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عن دفع المكافأة للعامل؛ بحجة أنها تبرع قد رجع عن إنفاذه، لا سيما مع وجود الخلاف القوي بين الفقهاء في الإلزام بالوعد (1).
دليل القول الرابع:
أن من صلاحيات ولي الأمر إنشاء بعض الحقوق والواجبات على الرعية إذا اقتضت المصلحة ذلك، ومن ذلك إلزامه بتلك المكافأة؛ حيث إن جانب العامل في عقود العمل ضعيف، لكون رب العمل يفرض شروطه عليه، فلا يملك العامل سوى الموافقة عليها إذا رغب العمل، فإلزام ولي الأمر لرب العمل بتقرير مكافأة نهاية الخدمة، هو حماية لحق العامل، وتحقيق لمصلحته، ومصلحة رب العمل في اطمئنان العامل واجتهاده في عمله، كما أن ذلك هو الأقرب لواقع تلك المكافأة، مما يخلصها من الإشكالات السابقة الواردة عليها؛ لعدم وجود معنى المعاوضة فيها (2).
الترجيح:
يترجح القول الرابع، وهو اعتبار مكافأة نهاية الخدمة حقا ماليا مفروضا من الإمام، سواء كان ذلك على بيت مال المسلمين، إذا كان الموظف يعمل لدى مؤسسات الدولة، أو كان على أرباب العمل من ملاك المؤسسات ورؤساء الشّركات، إذا كان العامل يعمل خارج مؤسسات الدولة، ومما يؤيد ذلك ما يلي:
1 -
أن الطبيعة القانونية لمكافأة الخدمة تتنافى مع التكييفات الأخرى، وتتفق مع هذا التكييف، مع كونه لا مانع منه شرعًا، وتصحيح العقود بحسب الإمكان واجب (3).
(1) مناقشة للشيخ ابن منيع (ص 133) في أبحاث الندوة الخامسة لقضايا الزكاة المعاصرة.
(2)
حكم زكاة مكافأة نهاية الخدمة والراتب التقاعدي 1/ 251، من أبحاث فقهية في قضايا الزكاة المعاصرة.
(3)
ينظر: المبسوط 20/ 135.
2 -
أن من مقاصد الشريعة حفظ حقوق الضعفاء، وحمايتهم من ظلم الأقوياء، ومن وسائل ذلك: إثبات تلك الحقوق المالية للعامل على رب العمل، وذلك من واجبات ولي الأمر لما فيه من تحقيق للعدل، وهو ما يؤكده أبو عبيد القاسم بن سلام فيما رواه بسنده من كتاب عمر بن عبد العزيز إلى عامله على البصرة، حيث جاء فيه (
…
وانظر مَنْ قِبَلَك من أهل الذمة، قد كَبِرَت سنه وضعفت قوته، وولت عنه المكاسب، فأَجْرِ عليه من بيت مال المسلمين ما يصلحه، فلو أن رجلًا من المسلمين كان له مملوك كبرت سنه، وضعفت قوته، وولت عنه المكاسب، كان من الحق عليه أن يقوته حتى يفرق بينهما موت أو عِتْق، وذلك أنه بلغني أن أمير المؤمنين عمر مر بشيخ من أهل الذمة يسأل على أبواب الناس، فقال: ما أنصفناك إن كنا أخذنا منك الجزية في شبيبتك ثم ضيعناك في كبرك، ثم أجرى عليه في بيت المال ما يصلحه) (1).
* * *
(1) ينظر: الأموال 1/ 57.