الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلبْ الأول تعريف الضرائب وبيان أوجه الاتفاق والاختلاف بينها وبين الزكاة
وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: تعريف الضرائب
(1)
(1) الضريبة لغة: مأخوذة من الضرب وهو أصل يطلق على معان منها الإلزام، وإيقاع شيء على شيء، قال ابن فارس:"الضاد والراء والباء أصل واحد، ثم يستعار ويحمل عليه، من ذلك ضربت ضربا إذا أوقعت بغيرك ضربا، ويُستعار منه ويُشَبَّه به الضربُ في الأرض تجارةً وغيرها من السفر، قال الله تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [النساء: 101]. ويقولون: إن الإسراع إلى السير أيضا ضرب"، وقال:"الضريبة ما يُضْرَبُ على الإنسان من جِزية وغيرها، والقياس واحد كأنه قد ضُرِبَ به ضربا". انظر: معجم مقاييس اللغة 3/ 398، وفال الفيروزآبادي: الضريبة: الطبيعة والسيف وحده كالمضرب والمضربة، وتكسر راؤهما، والقطعة من القطن والرجل المضروب بالسيف، ووادٍ يدفع في ذات عرق وواحد الضرائب التي تؤخذ في الجزية ونحوها وغلة العبد.
انظر: القاموس المحيط 1/ 138، وانظر لسان العرب 1/ 543. قال شيخ الإسلام:"وكذلك لفظ الضريبة لما يضرب على الناس، فهذه الألفاظ كلها ليس لها حد في اللغة ولكن يرجع إلى عادات الناس" مجموع الفتاوى 19/ 253.
تطلق الضريبة في الاصطلاح الفقهي على أنواع منها (1):
1 -
ضريبة الجزية.
2 -
ضريبة الخراج (2).
3 -
ضريبة عُشور التجارة (3).
4 -
ضريبة المكوس (4). وغيرها من الأنواع.
وليس المقصود هنا بيان هذه الأنواع (5)؛ وإنما المراد بيان الضرائب في
(1) ينظر: الزكاة والضرائب في الفقه الإسلامي للدكتور محمد شبير 2/ 601، ضمن أبحاث فقهية في قضايا الزكاة المعاصرة له وآخرين.
(2)
يراد به: المال الذي يأخذه المسلمون على رقاب الأرض المفتوحة عَنْوةً من أصحابها. ينظر الأموال 1/ 94، الأحكام السلطانية (138) وقد ذكر الماوردي فيه الفروق بين الخراج والجزية، فلتراجع (181)، المصباح المنير (142).
(3)
يراد بها: المال الذي يفرضه الإمام على التجار غير المسلمين في أموالهم التي ينتقلون بها في بلاد المسلمين. انظر الخراج لأبي يوسف (134).
وتجتمع الجزية والخراج والعشور في أن لها أصلًا في الشريعة، وفي كونها تؤخذ من غير المسلمين، ويكون مقدارها بحسب ما يراه حاكم المسلمين.
انظر: المراجع السابقة، والزكاة والضرائب في الفقه الإسلامي للدكتور محمد شبير 2/ 607.
(4)
قال ابن الأثير: "المكس هو الضريبة التي يأخذها الماكس، وهو العَشَّار". انظر: النهاية، وقال في المصباح المنير (577):"ما يأخذه أعوان السلطان ونحوه ظلما عند البيع والشراء". وهذا النوع من الضرائب المحرمة لما فيه من أَكْلٍ لأموال الناس بغير حق، لذا فقد أورده الفقهاء على سبيل الذم.
انظر مثلا: فتح القدير 3/ 299، الفواكه الدواني 2/ 296، مغني المحتاج 3/ 497، كشاف القناع 4/ 76.
(5)
وذلك لكونها تؤخذ من غير المسلمين، فلا يرد عندئذ المقصود من البحث، وهو حكم احتسابها من الزكاة؛ لأن الزكاة إنما تؤخذ من المسلم، كما أن المقام يختص ببحث النوازل، وهي هنا الضريبة في الاصطلاح المالي المعاصر.
الاصطلاح المالي المعاصر، وقد ذكروا لها عدة تعريفات، فمنها:
1 -
المقدار من المال الذي تُلْزِم الدولةُ الأشخاصَ بدفعه من أجل تغطية النفقات العامة لها دون أن يقابل ذلك نفعٌ معينٌ لكل ممول بعينه (1).
2 -
فريضة إلزامية وليست عقابية، يُلْزَمُ الأفرادُ على أساسها بتحويل بعض الموارد الخاصة بهم للدولة بدون مقابل؛ لتحقيق ما تسعى إليه الدولة من أهداف طبقًا لقواعدَ محددة (2).
ويُلحظ على التعريفين:
تخصيص دفع الضريبة بالأفراد، بينما هي مما يُلْزَمُ بها الأفراد والشّركات ونحوها، كما أنها لم تنص على أن تلك الضرائب هي دفعات نقدية.
فلذا يمكن أن نعرف الضرائب بأنها:
المقدار النقدي الذي يُلْزَمُ الأفراد والشّركات بدفعه للدولة وَفْقَ قواعد محددة، للمساهمة بتغطية النفقات العامة للدولة، وتحقيق أهدافها الاقتصادية والاجتماعية ونحوها، دون نفع معين لكل ممول بعينه.
ويتبين بذلك أن أبرز خصائص الضرائب ما يلي:
1 -
أن الذي يقوم بتحصيلها جهة عامة.
2 -
أن هذا التحصيل جبري.
3 -
أن ذلك يكون وفقا لأنظمة وقوانين محددة.
(1) الزكاة والضريبة للدكتور عبد الستار أبو غدة، ضمن أبحاث الندوة الرابعة (ص 400).
(2)
المحاسبة الضريبية والزكاة الشرعية (ص 17).