الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثاني تطبيقات معاصرة لمصرف (في سبيل الله)
يتبين مما تقدم ترجيح أن المراد بمصرف سبيل الله نصرة الدين بالجهاد بالنفس والمال واللسان، فيشمل ذلك الدعوة إلى الله، مما يتبين معه أن من أخبرني أوجه الصرف المعاصرة في هذا السهم ما يلي:
أولًا: ما يتحقق به مطلب الإعداد للجهاد المأمور به في قوله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (60)} [الأنفال: 60](1).
وذلك مثل:
1 -
إنشاء وتمويل المصانع الحربية التي تصنع مختلف أنواع الأسلحة الثقيلة والخفيفة، وشراء تلك الأسلحة عند الاحتياج.
2 -
إنشاء معاهد التدريب على الأسلحة والقتال للمؤهلين للدفاع عن ديار الإسلام.
3 -
طبع الكتب والمجلات العسكرية والتوجيهية للمقاتلين المسلمين مما يحتاجونه في جهادهم.
(1) سورة الأنفال (60).
4 -
إنشاء مراكز للدراسات المختصة بمواجهة خطط الأعداء (1)، وهذه الصور المذكورة إنما يجوز صرف الزكاة فيها إذا قرر علماء الأمة انطباق الوصف الشرعي عليها.
ثانيًا: ما يتحقق به الجهاد ونصرة الدين بالدعوة إلى الله، ولذلك صور متنوعة منها:
1 -
إنشاء مكاتب الدعوة والإرشاد، وتمويلها بما تحتاج إليه من أثاث ورواتب موظفين، ونحو ذلك من مستلزمات تشغيلية، فذلك مما لا تستطيع تلك المكاتب القيام بوظيفتها إلا به، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب (2).
2 -
طباعة الكتب والنشرات التي تهدف لنشر العلم الشرعي والدعوة إلى الله، ونسخ الأشرطة الإسلامية التي تُعْنَى بذلك.
3 -
دعم حلقات تحفيظ القرآن وتمويلها بما تحتاج إليه، مما يحقق ما تصبو إليه من تعليم كتاب الله والعمل به، فهو من أعظم أبواب الجهاد، ذلك أن أول آية نزلت في الجهاد كانت عن الجهاد بالقرآن كما قال تعالى:{وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا (52)} [الفرقان: 52](3).
4 -
إنشاء وتمويل المواقع الإسلامية في الشبكة العالمية، المختصة ببيان الحق وهداية الخلق والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، لا سيما في هذا الزمان الذي أضحت فيه التقنية من أجدى سبل التواصل بين الأمم والبلدان.
5 -
تأسيس القنوات الفضائية الإسلامية التي تدعو إلى الله ودعمها لتحقيق
(1) ينظر مشمولات مصرف في سبيل الله بنظرة معاصرة 2/ 854.
(2)
ينظر: التقرير والتحبير 1/ 326، المستصفى (ص 57).
(3)
سورة الفرقان (52).
المقصود من إنشائها، وذلك من أعظم وسائل الجهاد بالبيان، لما له من أثبر عظيم بسبب ما يصاحب تلك القنواتِ من وسائل الجذب والتأثير، وقد أصبح الغزو الفضائي أقوى أثرًا من الغزو العسكري، لاختصاصه بالتأثير على العقول، بخلاف الغزو العسكري، فهو إنما يستولي على المحسوسات، وقد تستعصي عليه العقول والمعتقدات.
6 -
إنشاء المؤسسات الدعوية التي تُعنى بالدعوة إلى الله، سواء في ذلك دعوة الكفار لدخول الإسلام، أو دعوة المسلمين بتبصيرهم بدينهم وتثبيتهم عليه، لا سيما حديثو العهد بالإسلام.
7 -
إنشاء الإذاعات الإسلامية ودعمها، لكي يصل صوت الحق إلى أصقاع الأرض، فإن مدى تلك الإذاعات الصوتية يتجاوز مدى القنوات المرئية؛ لسهولة الحصول عليها واستقبال إرسالها، مما يُمَكّن مختلف فئات الناس من الاستماع إليها، كما إنه من السهل اصطحاب المذياع والاستماع إليه في أوضاع مختلفة، بخلاف القناة الفضائية؛ فهي محدودة الانتقال والحركة.
8 -
تأسيس الصحف والمجلات الإسلامية الهادفة للدعوة الصحيحة إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، القائمة ببيان الحق ودحض الباطل.
ونحو ذلك من الوسائل الحديثة التي يتحقق بها المقصود من الدعوة إلى الله ببيان الهدى ودين الحق، فذلك من الجهاد بالبيان، وهو من أسباب نصرة الدين وهداية العالمين التي لم يُشرع الجهاد إلا لها، ولذا جاء الأمر بالجهاد الشامل، كما قال صلى الله عليه وسلم:"جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم "(1)، والأولى مما تقدم تقديم ما يختص بدعوة غير المسلمين لكون ذلك هو الألصق بمعنى الجهاد مع عظيم أثره.
(1) تقدم تخريجه (ص 415).