الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الزحيلي (1)، والدكتور يوسف القرضاوي (2)، بالإضافة إلى غيرهم من المعاصرين (3).
أدلة القولين:
أدلة القول الأول:
1 -
قوله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (60)} [التوبة: 60](4).
وجه الدلالة: أن مصارف الزكاة محصورة في الأصناف المذكورة، واستثمار الزكاة يخرج بها عن تلك الأصناف، ويخالف مقتضى الحصر (5).
ونوقش: بأن استثمار أموال الزكاة من قِبَلِ الإمام أو مَن ينيبه اجتهادٌ في كيفيّة
(1) ينظر: أبحاث وأعمال الندوة الثالثة لقضايا الزكاة المعاصرة (الدكتور وهبة الزحيلي): (ص 82).
(2)
ينظر: بحث (آثار الزكاة في الأفراد والمجتمعات) ضمن أبحاث وأعمال مؤتمر الزكاة الأول المنعقد في الكويت: ص 45، وانظر: مجلة مجمع الفقه الإسلامي (الدكتور يوسف القرضاوي): ع 3 ج 1.
(3)
ممن يرى هذا القول: الدكتور محمد عثمان شبير، في بحثه (استثمار أموال الزكاة (2/ 530 ضمن أبحاث فقهية في قضايا الزكاة المعاصرة، والدكتور خالد عبد الرزاق العاني في بحثه (مصارف الزكاة وتمليكها: (ص 541)، والدكتور محمد عبد اللطيف الفرفور، والدكتور حسن عبد الله الأمين، والدكتور عبد العزيز الخياط.
انظر أبحاثهم في مجلة مجمع الفقه الإسلامي: (ع 3 ج 1، 358، 366، 371)، والدكتور صالح الفوزان في استثمار أموال الزكاة (ص 147).
(4)
سورة التوبة (60).
(5)
بحث الدكتور حسن الأمين في مجلة مجمع الفقه ع 3 ج 1، واستثمار أموال الزكاة للفوزان (ص 136).
صرف الأموال للمستحقين، وليس صرفًا لها في غير المصارف المنصوصة، فهو اجتهاد في الصَّرْف لا في المَصْرَف، كما أن ذلك في مصلحة المستحقين وليس خروجًا عليها (1).
2 -
أن استثمار أموال الزكاة يؤدي إلى تأخير صرف الزكاة لمستحقيها، وهو منافٍ للفورية الواجبة في إخراج الزكاة (2).
ونوقش:
أولًا: بأن خطاب الفورية يتعلق بالمزكي لا بالإمام، فإذا دُفِعَتِ الزكاة للإمام فقد تحققت الفورية بالنسبة للمزكي، فيجوز للإمام حينئذ تأخيرُ قسمتها للمصلحة، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يسم إبل الصدقة (3) مما يدل على جواز تأخير القسمة؛ إذ لو لم يجز ذلك لما احتاج لِوَسْم إبل الصدقة (4).
ثانيًا: أنه قد يتعذَّر صرفُ الزكاة فورًا في بعض الأحيان، فبعض مؤسسات الزكاة تأتيها الأموال، ولا تتمكَّن من صرفها حالًا؛ لأن الطلبات المقدّمة من المستحقين بحاجة إلى دراسة متأنية لتوثيقها ومعرفة الأحق منها، وهذه الإجراءات تأخذ وقتًا ليس باليسير، وليس من المصلحة تعطيل الملايين من أموال الزكاة كلَّ هذا
(1) مصارف الزكاة وتمليكها (548)، استثمار أموال الزكاة للفوزان، (ص 136).
(2)
استثمار أموال الزكاة للدكتور شبير 2/ 518، ضمن أبحاث فقهية في قضايا الزكاة المعاصرة، توظيف الزكاة في مشاريع ذات ريع دون تمليك فردي للمستحقين للدكتور حسن الأمين ضمن مجلة مجمع الفقه الإسلامي: ع 3 ج 1.
(3)
رواه البخاري عن أنس بن مالك، كتاب الزكاة، باب وسم إبل الصدقة برقم (1431)، ومسلم في كتاب اللباس والزينة برقم (2119).
(4)
قال ابن حجر في الفتح 3/ 367: "وفيه جواز تأخير القسمة؛ لأنها لو عُجِّلت لاستغنى عن الوسم".
الوقت، بل يمكن أن تُسْتثمر لتزيد، خاصة أن القوة الشرائية للنقود قد تنخفض (1).
3 -
أن استثمار أموال الزكاة يعرضها للخسارة، فتضيع أموال المستحقين (2).
ونوقش: بأن احتمال الخسارة لا يمنع الاتجار بالأموال؛ لما فيه من تنمية للمال وزيادة، كما أن استثمار الأموال يخضع في هذا الوقت إلى دراسات اقتصادية من قِبَلِ أهل الخبرة والاختصاص، قبل الاستثمار في أي مشروع، مما يضعف احتمال الخسارة في استثمار أموال الزكاة (3).
علمًا بأن أخبرني ضوابط استثمار أموال الزكاة عند القائلين بجوازه توافرُ الضمانات الكافية للبعد عن الخسائر، بحيث يتم توظيف الأموال في استثمارات قليلة المخاطر، قائمة على دراسات علمية دقيقة (4).
4 -
أن استثمار أموال الزكاة من قِبَل الإمام أو نائبه يؤدي إلى عدم تملّك المستحقين للزكاة، وهذا مخالفٌ لما عليه جمهور الفقهاء من اشتراط التّمليك في أداء الزكاة، ولذا لا يجوز استثمار أموال الزكاة من قبل الإمام أو نائبه (5).
ونوقش:
أولًا: بأنه قد أجاز كثير من العلماء صرفَ الزكاة بغير تمليك في بعض الصور، كصرفها في شراء العبيد وعتقهم (6).
(1) مجلّة مجمع الفقه (القرضاوي): ع 3 ج 1، استثمار أموال الزكاة للفوزان (ص 138).
(2)
ينظر: مجلّة مجمع الفقه (بحث توظيف الزكاة في مشاريع ذات ريع فردي للشيخ آدم عبد الله): ع 3، ج 1 (ص 386).
(3)
ينظر: استثمار أموال الزكاة لشبير: 2/ 523.
(4)
ينظر: استثمار أموال الزكاة للفوزان (140).
(5)
ينظر: مجلة مجمع الفقه (تقي عثماني): ع 3 ج 1، واستثمار أموال الزكاة لشبير: 2/ 518.
(6)
ينظر: استثمار أموال الزكاة لشبير: 2/ 522.
ثانيًا: أنه على التسليم باشتراط التّمليك، فهو حاصل في استثمار أموال الزكاة من خلال صور، منها:
- التّمليك الجماعي، بأن يملك المستحقون المشروع الاستثماري، بحيث تُدار الأموال التي يملكونها في هذا المشروع.
- تمليك الإمام أو مَن يُنِيبه من المؤسسات أو الجمعيات، فالدولة أو المؤسسة شخص حكمي ينوب عن المستحقين، وله أن يتملَّك نيابةً عنهم إلى أن يصرف عليهم أموال الزكاة المستثمرة.
- توكيل المستحقين لجهة الزكاة التي تستثمر الأموال، فهذه الجهة وكيل في القبض والتصرُّف لصالح المستحقين، وتمليكها تمليك للمستحقين (1).
ثالثًا: لا يُسَلَّم بمنافاة استثمار أموال الزكاة من قِبَلِ الإمام أو نائبه لمبدأ التّمليك؛ لأن الأموال المستثمرة مع أرباحها ستئول إلى ملك المستحقين، غاية ما هنالك تأخير صرفها (2).
5 -
أن استثمار أموال الزكاة يؤدي إلى حرمان الفقراء من حاجاتهم الأصلية من غذاءٍ وكساءٍ ونحو ذلك، وسَدُّ حاجة المستحقين هو من المقاصد الأساسية لفريضة الزكاة، فلا يجوز إهماله من أجل استثمار الأموال، وهي إنما تعالج مشكلة الفقر المُتوقَّع، والأصل في الزكاة معالجة الفقر الواقع لا المتوقع (3).
(1) ينظر: استثمار أموال الزكاة للفوزان (142).
(2)
المرجع السابق.
(3)
ينظر: مجلة مجمع الفقه (الشيخ خليل الميس): ع 3 ج 1 ص 392، مصارف الزكاة وتمليكها (547).