الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإجماع، وجهالةٌ في الدين، بل كل ما هو في الشريعة يتبع العوائد يتغير الحكم فيه عند تغير العادة المتجددة" (1).
ويلتحق بهذا اختلاف أحوال الناس ووسائل الجياة ومستجدات العصر، مما يترتب عليه تغير الاجتهاد في مثل تلك الأحكام المبنيَّة على ذلك، بسبب النازلة المتمثلة بتغير العرف وأحوال الناس ووسائل حياتهم، مما يبين أثر النوازل في تغيير الاجتهاد (2).
3 - تغير المصلحة التي بني عليها الحكم مع مراعاة مقاصد الشريعة بتحقيق المصالح ودرء المفاسد
، قال ابن القيم: "الأحكام نوعان: نوع لا يتغيَّر عن حالة واحدة هو عليها لا بحسب الأزمنة ولا الأمكنة ولا اجتهاد الأئمة، كوجوب الواجبات وتحريم المحرمات والحدود المقدرة بالشرع على الجرائم ونحو ذلك، فهذا لا يتطرق إليه تغيير ولا اجتهاد يخالف ما وضع عليه.
والنوع الثاني: ما يتغير بحسب اقتضاء المصلحة له زمانًا ومكانًا وحالًا، كمقادير التعزيرات وأجناسها وصفاتها، فإنّ الشارع ينوع فيها بحسب المصلحة" (3).
فمتى تبدلت المصلحة الشرعية من إثبات حكم اجتهادي، استدعى ذلك تغيير الاجتهاد؛ لتقرير حكم يتوافق ومقاصدَ الشريعة ويلاقي تلك الحال الحادثة التي تحتاج إلى حكم شرعي جديد، مما يؤكد أثر النوازل في تغير الاجتهاد (4).
(1) الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام (ص 231).
(2)
ينظر: رسائل ابن عابدين: (نشر العرف في بناء بعض الأحكام على العرف 2/ 114)، والمدخل الفقهي العام 2/ 953.
(3)
إغاثة اللهفان 1/ 331.
(4)
ينظر: ضوابط المصلحة في الشريعة الإسلامية للبوطي (ص 289)، والثبات والشمول لعابد سفياني (ص 448)، والمدخل للفقه الإسلامي لمحمد سلام مذكور (264).
ومما تقدم يتبين أن الحوادث المستجدة المحتاجة لحكم شرعي تُسَدُّ حاجتها ويبين حكمها بالاجتهاد الشرعي من أهله، سواء كانت المسألة نازلة في حقيقتها وصورتها، فيستأنف لها اجتهاد خاص بها، أو كانت المسألة نازلة في صورتها أو في بعض الأحوال الطارئة عليها، فيستدعي ذلك تغيير الاجتهاد الأول في أصل المسألة ليوافق حالها الحادثة.
ولذا فإن للنّوازل أثرًا جَليًّا في تغيير الاجتهاد وتجديده، وذلك بإيجاب بذل الاجتهاد من المجتهدين لملاقاة تلك النوازل بالأحكام الشرعية؛ لئلا يترك الناس بلا بيان فيقعوا في المحظور، كما قال الشّاطبي (1):"إن الوقائع في الوجود لا تنحصر، فلا يصح دخولها تحت الأدلة المنحصرة؛ لذلك احتيج إلى فتح باب الاجتهاد في القياس وغيره، فلا بد من حدوث وقائع لا تكون منصوصًا على حكمها، ولا يوجد للأولين فيها اجتهاد، وعند ذلك فإما أن يُترك الناس فيها مع أهوائهم أو ينظر فيها بغير اجتهاد شرعي، وهو اتباع للهوى، وذلك كله فساد"(2).
فهذا كله من الأسباب التي تؤدي إلى تغيير الاجتهاد في الأحكام الشرعية، وكذلك قد يتغير الاجتهاد بتغير موجب الحكم.
(1) الشاطبي: هو أَبو إسحاق إبراهيم بن موسى الغرناطي الشهير بالشاطبي، من كبار فقهاء المالكية المحققين، وهو فقيه أصولي متبحر وكتبه تشهد له، ومن أشهرها: الموافقات، والاعتصام وغيرها، توفي في سنة 790 هـ[ينظر: الفتح المبين في طبقات الأصوليين للمراغي الجزء الثاني (ص 204)، نيل الابتهاج بتطريز الديباج (ص 48 - 52)].
(2)
الموافقات 4/ 104.