الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مما يدل على فورية إخراج الزكاة. قال ابن حجر (1): "قال ابن بَطَّال (2): فيه أن الخير ينبغي أن يُبَادر به، فإن الآفاتِ تَعْرِض، والموانعَ تمنع، والموت لا يُؤْمن، والتسويف غير محمود.
زاد غيره: وهو أخلص للذمة، وأنفى للحاجة، وأبعدُ عن المَطْل المذموم، وأرضى للرب، وأَمْحى للذنب" (3).
3 -
أن الزكاة وجبت لحاجة الفقراء، وهي حاجة ناجزة، فيجب أن يكون الوجوب ناجزًا (4).
4 -
أن الزكاة عبادة تتكرَّر، فلم يَجُزْ تأخيرها إلى وقت وجوب مثلها، كالصلاة والصوم (5).
أدلة القول الثاني:
1 -
أن مُطْلق الأمر لا يقتضي الفور؛ ولذا يجوز للمكلَّف تأخير إخراج الزكاة، فالمطلوب الأداء، ولم يتعرّض الأمر المطلق للوقت (6).
ونوقش:
أولًا: بأننا لا نُسَلّم بكون الأمر عند الإطلاق يقتضي التراخي؛ بل هو على
(1) ابن حجر: هو الحافظ أحمد بن علي بن محمد العسقلاني المصري، أبو الفضل شهاب الدين بن حجر، من أئمة العلم، أصله من عسقلان بفلسطين، من أشهر مؤلفاته: فتح الباري، وتهذيب التهذيب، وتقريب التهذيب، توفي سنة 852 هـ[ينظر: طبقات الحفاظ (1/ 552)، الأعلام للزركلي (1/ 178)].
(2)
ابن بطال: هو أبو الحسن علي بن خلف بن بطال البكري القرطبي، ويعرف بابن اللجّام، شارح البخاري، توفي في صفر سنة 449 هـ. ينظر: سير أعلام النبلاء (18/ 47).
(3)
فتح الباري، عند شرحه للحديث السابق (3/ 229).
(4)
ينظر: المغني 4/ 146.
(5)
المرجع السابق.
(6)
ينظر: فتح القدير لابن الهمام 2/ 156.
الفور على الراجح أصوليا لما يلي:
1 -
أن الله أمر بالمسارعة والمسابقة في الخيرات، كما في قوله:{وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} [آل عمران: 133](1).
وقوله: {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} [البقرة: 148](2). فهو أَمْر بالمسارعة، وأمره يقتضي الوجوب.
ب - أن مقتضاه عند أهل اللسان الفور؛ فإن السيد لو قال لعبده: اسقني.
فأَخّر، حسن لومه، وتوبيخه وذمه، ولو اعتذر عن تأديبه على ذلك، بأنه خالف أمري وعصاني، لكان عذره مقبولًا.
ج - أنه لا بد من زمان، وأَوْلى الأزمنة عقيب الأمر، ولأنه يكون ممتثلًا يقينًا، وسالمًا من الخطر قطعًا، ولأن الأمر سببٌ للزوم الفعل، فيجب أن يتعقبه حكمه كالبيع والطلاق وسائر الإيقاعات؛ ولذلك يعقبه العزم على الفعل والوجوب (3).
ثانيًا: لو سلمنا بأن الأمر المطلق لا يقتضي الفور، فإنه يقتضيه هنا لوجود قرينة تدل عليه، وهي دفع حاجة الفقير المعجلة، فلو لم يكن الأمر على الفور لم يحصل المقصود على التمام (4).
2 -
أنّ مَن عليه الزكاة إذا هلك نصابه بعد تمام الحول والتمكن من الأداء لا يضمن، ولو كانت واجبة على الفور لَضَمِن، كمن أخَّر صوم شهر رمضان عن وقته، فإنه يجب عليه القضاء (5).
(1) سورة آل عمران (133).
(2)
سورة البقرة (148).
(3)
ينظر: روضة الناظر 2/ 625.
(4)
ينظر: فتح القدير لابن الهمام 2/ 155.
(5)
ينظر: بدائع الصنائع 2/ 3.