الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 -
أن المصرف يلتزم برد مثل المبلغ المودع عند الطلب، ويكون ضامنًا للمال إذا تلف، سواء فرط أو لم يفرط، وهذا مقتضى عقد القرض، بخلاف الوديعة، فيجب ردها بعينها، ولا يجب ضمانها عند تلفها، إلا إذا كان ذلك بتعد منه، أو تفريط (1).
ونوقش: بأن لزوم رد الوديعة على المصرف ولو تلفت بغير تعد أو تفريط، إنما يجب بحسب مجرى العرف المصرفي، وهو مخالف لطبيعة الوديعة الشرعية باعتبارها أمانة لا تضمن في حال عدم التعدي والتفريط (2).
وأجيب: بأن الحقائق الشرعية لا تخالف بالأعراف المصرفية ولا تتغير بها، وإنما وقع هذا بسبب التكييف بأن تلك المبالغ النقدية هي وديعة (3).
أدلة القول الثاني:
1 -
أن الحساب الجاري تحت طلب العميل، فهو يملك سحب كامل رصيده متى شاء، دون أن يتوقف ذلك على شيء من الشروط، وهذا هو معنى الوديعة (4).
ونوقش: بأن الوديعة كما يقصد بها ردها عند الطلب، فإنه يقصد بها أيضًا عدم التصرف بها، والحسابات الجارية يتصرف بها المصرف، ويرد بدلها،
=الطرفين)؛ لأنها نوع من الوكالة (فإن أذن المالك) للمدفوع إليه المال (في التصرف) أي: استعماله (ففعل) أي: استعمله حسب الإذن (صارت عارية مضمونة) كالرهن إذا أذن ربه للمرتهن في استعماله، فإن لم يستعملها فهي أمانة؛ لأن الانتفاع غير مقصود ولم يوجد، فوجب تغليب ما هو القصود.
(1)
ينظر: الربا والمعاملات المصرفية (ص 347)، بحوث في قضايا فقهية معاصرة (ص 353).
(2)
ينظر: المصارف الإسلامية للهيتي (ص 264).
(3)
ينظر: الودائع المصرفية (ص 101).
(4)
ينظر: الودائع المصرفية للأمين (ص 233).
وهذا يعتبر قرضًا (1).
2 -
أن المودع لا يقصد أن يقرض ماله للمصرف، ولا أن يشاركه في الربح أو الفائدة، وإنما يريد إيداع ماله في المصرف لحفظه، وحيث لم يقصد المودع الإقراض فلا يسمى إقراضا (2).
ونوقش: بأن كون المودع لم يقصد القرض لا يؤثر في حقيقة العقد؛ لأن عامة المودعين لا يعرفون الفرق بين معنى القرض والوديعة، ولاتهمهم المصطلحات، وإنما تهمهم النتائج العملية، فهو لا يرضى بإيداعها إلا مع ضمانها، ويد الضمان إنما تثبت بالقرض لا بالوديعة، والمصرف لا يقبلها إلا لأجل التصرف فيها، وهذا هو القرض، فثبت أنهم يقصدون الإقراض لا الإيداع بمعناه الفقهي، والعبرة في العقود بالمعاني لا بالألفاظ والمباني (3).
3 -
أن المصرف لا يتسلم المال على أنه قرض، بل على أنه وديعة، ويدل على ذلك أنه يتقاضى أجرًا على حفظه لها، مع حذره الشديد في التصرف في المال، ومبادرته الفورية برد المال عند طلبه (4).
ونوقش: بعدم التسليم، وذلك أن المصرف إنما يتقاضى أجرًا؛ لأجل الخدمات التي يقدمها للمودع، كإصدار دفتر شيكات وبطاقات الصرف الآلي ونحوها، وليس من أجل حفظ الوديعة، وأما ادعاء الحذر الشديد من المصرف في استعمال المال، فإنه لا يسلم، لقيامه بخلطها بماله ومال العملاء الآخرين، ويتصرف فيها كما لو كانت ملكا له.
(1) ينظر: المنفعة في القرض (ص 304).
(2)
ينظر: الودائع المصرفية (ص 233).
(3)
ينظر: أحكام الودائع المصرفية، في بحوث قضايا فقهية معاصرة (ص 352).
(4)
ينظر: الودائع المصرفية للأمين (ص 233).