الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المال، وإنما هو وكيل بأجر عن المؤَمَّن لهم، وأما المؤمن لهم فإن المال قد خرج من ملكهم فليس لهم حق استعادته، ولا المطالبة به بناء على العقد المتفق عليه بين الطرفين، إلا في حالة انقضاء السنة المالية وزيادة مبالغ التّأمين التعاوني بعد تغطيتها للأخطار المؤمن ضدها، فإن لهم الحق في استعادة الفائض المالي بالنسبة بين جميع الشركاء، ما لم يتفق على خلاف ذلك، كأن يكون هذا الفائض من نصيب شركة التّأمين التعاوني لقاء إدارتها لأموال التّأمين، فإنه والحالة هذه يجب تزكية المال الفائض وما نشأ عنه من أرباح بعد حول من تحققه لشركة التّأمين؛ لكونها لم يستقر ملكها له قبل ذلك، كما تقدم بيانه في زكاة ربح المضاربة على المضارب (1).
المسألة الثالثة: زكاة مال التأمين الاجتماعي
تبين مما تقدم أن التّأمين الاجتماعي يقوم على أساس التكافل الاجتماعي، فلا تقصد به المعاوضة بين الدولة وموظفيها، فهو يتفق مع التّأمين التعاوني في مقصده؛ لذا ألحق به في الحكم لدى المجامع الفقهية وعامة الفقهاء المعاصرين، (2) وإن كان يختلف عنه في بعض السمات، إلا أنها لا تؤثر في اختلاف حكمه عن التّأمين التعاوني، كما أنه مباين للتأمين التجاري من أوجه كثيرة، منها قيام التّأمين التجاري على الربح، بخلاف الاجتماعي فإنه يقوم على تحقيق التكافل والضمان الاجتماعي، وليس لإرادة المؤمن فيه أثرٌ في تحديد المستفيد منه، ولا في مقدار ما يستحقه؛ لكونه عقدًا إجباريًّا تقوم به الدولة أو من ينوب عنها (3).
ومن أبرز صور التأمين الاجتماعي: نظام التقاعد: المتمثل في اقتطاع الدولة
(1) ينظر: (ص 226).
(2)
ينظر: قرارات المجمع الفقهي الإسلامي (ص 33)، قرار رقم:(5)، ومجلة مجمع الفقه الإسلامي 2/ 2 / 567 - 617 - 647 - 731، المعاملات المالية المعاصرة (ص 94).
(3)
التأمين الاجتماعي في ضوء الشريعة الإسلامية (ص 329).
من راتب الموظف أثناء خدمته مبلغا ماليا حتى انتهاء خدمته، باستكمال مدّتها، أو بلوغ الموظف سِنًّا معينة، أو وفاته، أو عجزه، فتصرف له الدولة أو لمن عينه النظام ممن يعولهم الموظف راتبًا تقاعديا شهريًّا، أو مكافأة دفعة واحدة إذا لم يستكمل شروط الراتب التقاعدي، ويتم تمويل هذا النظام باقتطاع الدولة لنسبة معينة من راتب الموظف أثناء خدمته، مع مساهمة الدولة بنسبة تزيد أو تنقص عن نسبة الموظف، واستثمار هذه الأموال، (1) وهو بهذا يعد أحد صور التّأمين من جهة استكماله لأركانه، فالمؤَمِّن: هو الدولة، والمؤمَّن عليه: هو الموظف ومَن يعول، والقسط التّأميني: هو ما يُستقطع من راتب الموظف، ومبلغ التّأمين: هو ما يُدْفع للموظف أو مَن يقوم مقامه من راتب تقاعدي أو مكافأة، والخطر هو انتهاء خدمة الموظف بموته أو عجزه أو غير ذلك.
وقد تقدم بيان حكمه والفرق بينه وبين التّأمين التجاري، وأما حكم زكاته فالذي يظهر فيه ما يلي:
تبين مما تقدم أن طبيعة الراتب التقاعدي والمكافأة التقاعدية واحدة، فهي مبالغ مستحقة من الدولة للموظف عند انتهاء خدمته بموجب التزام الدولة بذلك طبقا لنظام التّأمين الاجتماعي، وتبعًا لذلك فإن تحديد ملك الموظف للمكافأة أو الراتب التقاعدي إنما يتحدد بتحديد أنظمة التّأمين الاجتماعي التي قررت هذا الحق للموظف، وعند النظر في تلك الأنظمة نجدها تتفق أن الموظف لا يستحق المكافأة التقاعدية إلا بعد انتهاء خدمته، كما لا يستحق الراتب التقاعدي إلا بنهاية كل شهر بعد انتهاء خدمته، فإذا أردنا تطبيق حكم الزكاة عليها بالنسبة للموظف وجدناها تفتقد لشرط مهم من شروط وجوب الزكاة وهو تمام الملك؛ فالموظف لا يحق له المطالبة بهذه الحقوق قبل نهاية خدمته، وحلول الوقت المتفق عليه بين الطرفين لاستحقاقها،
(1) ينظر: نظام التقاعد المدني والمذكرة الإيضاحية (ص 8، 18).
مما يتبين به عدم وجوب زكاتها على الموظف، وأما الدولة فلا تجب زكاتها عليها كذلك؛ لأنها جهة عامة لا تملك، وقد تبين عدم وجوب زكاة المال العام (1).
* * *
(1) ينظر المبحث التاسع (زكاة المال العام)(ص 237).