الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفيه دليل على: استحباب الجلوس في مصلاه، بين التسليم والانصراف، بقدر قيام، أو ركوع، أو سجود.
وفيه دليل على: أن التابع يستحب له أن يرمق أفعال متبوعه في صلاته، وعبادته؛ ليعمل بها، وينقلها، ولا يسأله باللفظ عنها؛ بل يحمل عنه كلفة الجواب، والتعليم بالقول، خصوصًا إذا تعلقت بالمتبوع تكاليف كثيرة، والله أعلم.
وفيه دليل على: أن أفعاله صلى الله عليه وسلم حجة؛ كأقواله، والله أعلم.
* * *
الحديث الثامن
عَنْ ثابِتٍ البُنانِي، عَنْ أنسِ بْنِ مالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: إني لا آلُو أَنْ أصَلِّيَ بِكُمْ؛ كما رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي بِنا، قَالَ ثابِتٌ: فَكانَ أَنَسٌ يَصنعُ شَيْئًا لا أَراكُمْ تَصنَعُونَهُ؛ فَكانَ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكوعِ، انْتَصَبَ قائِمًا، حَتى يقُولَ القائلُ: قَدْ نَسِيَ، وَإذا رَفَعَ مِنَ السَّجْدَةِ، يَمْكُثُ، حَتَّى يقُولَ القائِلُ: قَدْ نَسِيَ (1).
أما أنس؛ فتقدم.
وأما ثابت:
فكنيته: أبو محمَّد بن أسلم، تابعي جليل، عابد ثقة، بصري.
سمع جماعة من الصحابة؛ كابن الزبير، وابن عمر، وابن مغفل، وغيرهم، وخلقًا من التابعين.
وروى عنه: جماعة من التابعين الصغار، وخلق سواهم.
اتفقوا على توثيقه؛ وهو أحد الثلاثة الذين هم أثبتُ الناس في أنس:
(1) رواه البخاري (787)، كتاب: صفة الصلاة، باب: المكث بين السجدتين، ومسلم (472)، كتاب: الصلاة، باب: اعتدال أركان الصلاة وتخفيفها في تمام.
الزهري، ثم قتادة، ثم ثابت، وكان من تابعي البصرة، وزهَّادهم، يتثبت في الحديث، من الثقات المأمونين المحدثين، صحيح الحديث، وأحاديثه مستقيمة، وما وقع من النكرة فيها؛ فهو من الراوي عنه.
قال أنس رضي الله عنه: إن للخير أهلًا، وإن ثابتًا من مفاتيح الخير (1).
وقال حماد بن سلمة: كان ثابت يقول: اللهم إن كنتَ أعطيتَ أحدًا الصلاةَ في قبره، فأعطني الصلاة في قبري (2).
وكان حماد أروى الناس عن ثابت؛ فيما ذكره الإمام أحمد بن حنبل، وروى أن ثابتًا رئي في قبره يصلي، مات سنة ثلاث، وقيل: سبع وعشرين ومئة.
روى له: البخاري، ومسلم، وأصحاب السنن والمساند.
قال علي -هو ابن المديني-: له نحو مئتين وخمسين حديثًا (3).
وأما البُناني: فهو -بضم الباء الموحدة، وفتح النون، ثم ألف، ثم نون، ثم ياء النسب- نسبة إلى بُنانة، قيل: هي أمُّ سعدِ بن لؤي، وقيل: بل أمه حضنت لسعد بنيه، وقيل: بل هي: بُنانة أم بني سعد بن ضبيعة بن نزار، وللبناني: مشابه سبعة في الأنساب؛ مذكورة في "المختلف والمؤتلف".
وقوله: "لا آلو"؛ أي: لا أقصِّر، والألُوُّ: بمعنى التقصير، وبمعنى الاستطاعة، والسياق يرشد إلى المراد، والألو على مثال: العتوّ، ويقال: الأَلِيّ على مثال: الغَنِي، والماضي: آلى، مخففًا، وقد يقال: بهذا المعنى، إلا مشددًا؛ وكلاهما صواب، يقال: آلى الرجل، وألي: إذا قصر، وترك الجهد (4).
(1) رواه البخاري في "التاريخ الكبير"(2/ 159)، وابن سعد في "الطبقات الكبرى"(7/ 232)، وابن أبي شيبة في "المصنف"(35679)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء"(2/ 318).
(2)
رواه ابن أبي شيبة في "المصنف"(35677)، وابن سعد في "الطبقات الكبرى"(7/ 232).
(3)
وانظر ترجمته في: "الطبقات الكبرى" لابن سعد (7/ 232)، و "التاريخ الكبير" للبخاري (2/ 159)، و "الثقات" لابن حبان (4/ 89)، و"حلية الأولياء" لأبي نعيم (2/ 318)، و"تهذيب الكمال" للمزي (4/ 342)، و"سير أعلام النبلاء" للذهبي (5/ 220)، و"تهذيب التهذيب" لابن حجر (2/ 3).
(4)
انظر: "غريب الحديث للخطابي"(1/ 517)، و"شرح مسلم" للنووي (4/ 176)، و"لسان =