المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌باب الأذان ‌ ‌الحديث الأول عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: - العدة في شرح العمدة في أحاديث الأحكام لابن العطار - جـ ١

[ابن العطار]

فهرس الكتاب

- ‌المقدّمَة

- ‌ مصادر الكتاب:

- ‌ النسخ الخطية للكتاب:

- ‌ منهج التحقيق:

- ‌تَرْجَمَةُ المؤَلِّف

- ‌ اسمه ونسبه:

- ‌ ولادته ونشأته:

- ‌ تدريسُهُ وإفادتُهُ:

- ‌ شيوخه:

- ‌ آثاره العلمية:

- ‌ ثناء العلماء عليه:

- ‌ مرضه ووفاته:

- ‌ مصادر ترجمته:

- ‌كتاب الطَّهارة

- ‌الحديث الأوَّل

- ‌ باب:

- ‌الحديث الثَّاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثَّامن

- ‌الحديثُ التَّاسعُ

- ‌الحديث العاشر

- ‌باب الاستطابة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثّاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرَّابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السَّادس

- ‌باب السِّواك

- ‌الحديث الأوَّل

- ‌الحديث الثَّاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌باب المسح على الخفين

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌باب في المَذْي وغيره

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثَّاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌باب الجنابة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني والثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌باب التيمم

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌باب الحَيْض

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌كتاب الصلاة

- ‌باب المواقيت

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌باب فضل الجماعة ووجوبها

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌باب الأذان

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌باب استقبال القبلة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌باب الصُّفوف

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌باب الإمامة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس، والسادس

- ‌باب صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌باب وجوب الطُّمَأْنينة في الركوع والسجود

- ‌باب القراءة في الصَّلاة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌باب ترك الجهر بـ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

- ‌باب سجود السَّهو

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثَّاني

- ‌باب المرور بين يدَي المصلِّي

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثَّاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌باب جامع

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

الفصل: ‌ ‌باب الأذان ‌ ‌الحديث الأول عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ:

‌باب الأذان

‌الحديث الأول

عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: "أُمِرَ بِلالٌ أَنْ يَشْفَعَ الأَذَانَ، وَيُوترَ الإقَامَةَ (1).

أما أنس، فتقدم في أول باب الاستطابة.

وأما بلال:

فهو مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم مؤذنون أربعة: مؤذنان بالمدينة؛ كما سيأتي: بلال، وابنُ أُمِّ مكتومٍ؛ وكانا في وقت واحد، وكان أبو مَحْذُورةَ مؤذنًا له صلى الله عليه وسلم بمكة، وسعد القرط؛ أذن لرسول الله صلى الله عليه وسلم بقباء مرات.

وبلال هو ابن رباح، قرشيٌّ تيميٌّ مولاهم، مولى أبي بكر الصديق رضي الله عنه؛ اشتراه بسبع أواقي، وقيل: بخمس، وأعتقه، وكان يرثه، ولأبي بكر ولاؤه، وكان يعذَّب في الله تعالى، وأمه: حمامة؛ وهو مشهور بالانتساب إليها، وكانت مولاة لبعض بني جمح.

وكان قديم الإسلام، صادقًا فيه، طاهر القلب، متقدم الهجرة، وقيل: إنه أول من أسلم مطلقًا؛ وهو من أول من أظهر الإسلام، وكان ممن هانت عليه

(1) رواه البخاري (580)، كتاب: الأذان، باب: الأذان مثنى مثنى، ومسلم (378)، كتاب: الصلاة، باب: الأمر بشفع الأذان وإيتار الإقامة.

ص: 370

نفسه في الله تعالى، وهان عليه قومه؛ فأعطوه الولدان، فجعلوا يطوفون به في شعاب مكة؛ وهو يقول: أَحَدٌ أَحَد.

وقال السمعاني، في "أنسابه" (1): الحبشيُّ: نسبة إلى الحبشة؛ بلاد معروفة، وقد ملكها النجاشي؛ الذي أسلم بالنبي صلى الله عليه وسلم، وهاجر إليه أصحابه، حتى هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة؛ فالتحقوهم من الحبشة إلى المدينة، وسميت الحبشة بحبشة؛ لأبيه ابن حام، وقيل: الزنج، والحبشة، والنوبة، وزعاوة، وقران؛ هم ولد رغبا بن كوش بن حام؛ ومنها: بلال الحبشي؛ مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ هذا كلام السمعاني.

واختلف في كنية بلال؛ فالمشهور: أبو عبد الله، ويقال: أبو عمرو، ويقال: أبو عبد الكريم، ويقال: أبو عبد الرحمن، شهد بدرًا وأحدًا، والمشاهد كلها؛ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وهو أول من أذن لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يؤذن لأحد بعده صلى الله عليه وسلم؛ فيما روي، إلا مرة واحدة، في قَدْمة قدمَها المدينة؛ لزيارة قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، طلب إليه الصحابة ذلك؛ فأذن، ولم يُتِمَّ الأذان، وقيل: إنه أذن لأبي بكر خلافته.

روي عن بلال رضي الله عنه: أنه قال لأبي بكر بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم: إن كنتَ أعتقَتني لله؛ فدعْني أذهب حيثُ شئتُ، وإن كنتَ أعتقتني لنفسكَ فاحبسني، قال أبو بكر: اذهبْ حيثُ شئتَ (2)؛ فذهب إلى الشام، فسكنها مُؤثِرًا للجهاد على الأذان إلى أن مات.

وكان خازنَ رسول الله صلى الله عليه وسلم على بيت ماله.

روي له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أربعة وأربعون حديثًا؛ اتفقا على: حديث واحد، وانفرد البخاري: بحديثين غير مسندين، ومسلم: بحديث مسند.

(1) انظر: "الأنساب" للسمعاني (2/ 167).

(2)

رواه عبد الرزاق في "المصنف"(20412)، وابن سعد في "الطبقات الكبرى"(3/ 236)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء"(1/ 150)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(1/ 419).

ص: 371

روى عنه: أبو بكر، وعمر، وابنه عبد الله، وأسامةُ بن زيد، وغيرهم من الصحابة، وكبار التابعين، وروى له: أصحابُ السنن والمساند.

مات بدمشق سنة عشرين، وقيل: إحدى وعشرين، وقيل: سنة ثماني عشرة؛ وهو ابن بضع وستين، وقيل: ابن ثلاث وستين، وقيل: ابن سبعين.

واختلف في موضع مدفنه؛ فالمشهور الذي عليه الأكثرون: أنه بباب الصغير، وقيل: بباب كيسان، وقيل: مات بداريا، وحُمل على رقاب الرجال، ودُفن بباب كيسان، وقيل: مات بحلب، ودُفن على باب الأربعين، وقال أبو حاتم بن حبان: وسمعت أهل فلسطين يقولون: قبره بِعَمْواس، وقيل: إن قبره بداريَّا.

وامرأة بلال: هند الخولانية، وقال أبو عمر بنُ عبد البر: وله أخ يسمى: خالدًا، وأخت تسمى: عفرة.

وكان شديد الأدمة، نحيفًا، طُوالًا، أجنى (1)، خفيفَ العارضين، والله أعلم (2).

وأما قوله: "أُمر" -بضم الهمزة- فهو راجع عند الأصوليين إلى أمر النبي صلى الله عليه وسلم؛ على المختار عندهم؛ وهو الراجح عند جمهور الفقهاء، والمحدثين، وحكمه: حكمُ المرفوع.

وشذَّ بعضهم فقال: هذا اللفظ، وشبهه موقوفٌ؛ لاحتمال أن يكون الآمر

(1) أجنى: أي: صار له جنى. انظر: "غريب الحديث" لأبي عبيد (3/ 86).

(2)

وانظر ترجمته في: "الطبقات الكبرى" لابن سعد (3/ 232)، و"التاريخ الكبير" للبخاري (2/ 106)، و"الثقات" لابن حبان (3/ 28)، و"المستدرك" للحاكم (3/ 318)، و"حلية الأولياء" لأبي نعيم (1/ 147)، و"الاستيعاب" لابن عبد البر (1/ 178)، و"تاريخ دمشق" لابن عساكر (10/ 429)، و "صفة الصفوة" لابن الجوزي (1/ 434)، و"أسد الغابة" لابن الأثير (1/ 415)، و"الكامل في التاريخ" له أيضًا (1/ 588)، و"تهذيب الأسماء واللغات" للنووي (1/ 144)، و "تهذيب الكمال" للمزي (4/ 288)، و"سير أعلام النبلاء" للذهبي (1/ 347)، و"البداية والنهاية" لابن كثير (5/ 333)، و "الإصابة في تمييز الصحابة" لابن حجر (1/ 326)، و "تهذيب التهذيب" له أيضًا (1/ 441).

ص: 372

غيرَ النبي صلى الله عليه وسلم، وهو خطأ؛ لأن إطلاق الأمر والنهي إنما ينصرف إلى صاحبه، وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وهكذا الحكم في قول الصحابي: أُمرنا بكذا، ونُهينا عن كذا؛ سواء أضافه إلى حياته صلى الله عليه وسلم، أم أضافه إلى بعد وفاته؛ كلُّه مرفوع، والخلاف جارٍ فيه.

وحكى الخطابي: أن بعضهم شذَّ، فقال: الآمرُ لبلال بذلك: أبو بكر، وعمر، قال: وهو فاسد؛ لأن بلالًا لحق بالشام بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم، واستخلف سعد القرظ على الأذان، في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم (1).

قلت: وهذا كله لم يثبت التصريح برفعه من جهة أخرى؛ فأما إذا ثبت رفعه، فلا وجه للاحتمال، ولا شك أن الآمر في هذا الحديث؛ هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد رواه النسائي، والدارقطني، والحاكم بأسانيد صحيحة.

وقال الحاكم: وهو صحيح على شرطهما، ولم يخرجاه، من رواية أبي قلابة، عن أنس:"أَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أَمر بلالًا أن يشفعَ الأذانَ، ويُوترَ الإقامة"(2).

فارتفعَ الخلاف فيه، والاحتمال.

ولا شك أن شفعَ الأذان، وإيتارَ الإقامة هو من باب العبادات، والتقديرات، وذلك لا يؤخذ إلا بتوقيف منه صلى الله عليه وسلم، والله أعلم.

وقوله: "يَشْفَعَ الأَذانَ"؛ هو -بفتح الياء، والفاء-، وأصله: الضم، ومنه: الشفعة بضم الحصص؛ إذا أبيعت إلى حصته بالشفعة؛ ومعناها هنا: الإتيانُ بكلماته مثنى؛ فكأنه ضم كل كلمة إلى مثلها؛ وهذا مجمَع عليه اليوم، وحُكي عن بعض السلف في إفراده خلاف (3).

وقوله: "ويُوترَ الإقامةَ"؛ أي: يأتي بكلماتها وترًا، ولا يُثنيها، بخلاف

(1) انظر: "معالم السنن" للخطابي (1/ 279).

(2)

رواه النسائي (627)، كتاب: الأذان، باب: تثنية الأذان، والدارقطني في "سننه"(1/ 240)، والحاكم في "المستدرك"(710)، وابن حبان في "صحيحه"(1676)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(1/ 413).

(3)

انظر: "مشارق الأنوار" للقاضي عياض (2/ 256)، و"شرح صحيح مسلم" للنووي (4/ 78).

ص: 373

الأذان، ويخرج عنه: التكبير الأول، والأخير؛ فإنه مثنى، وكذلك لفظ الإقامة؛ فإنه مثنى، وقد ثبت في "صحيح مسلم":"ويوتر الإقامة"(1).

وخالف أبو حنيفة، فقال: الإقامة مثنى؛ كالأذان.

وخالف مالك الشافعي في لفظ الإقامة، قال: إنه مفرد؛ عملًا بهذا الحديث.

وتمسك الشافعي بالاستثناء في الإقامة في "صحيح مسلم".

وأيد مالكٌ مذهبه في ذلك وغيره بعمل أهل المدينة، ونقلِهم، وجعله أقوى؛ لأن طريقه النقل، والعادة في مثله يقتضي شيوع العمل، وأنه لو كان تغير، لعمل به.

وقد اختلف أصحاب مالك في أن إجماع المدينة حجة مطلقًا؛ في مسائل الاجتهاد، أو يختص ذلك بما طريقه النقل والانتشار؛ كالأذان، والإقامة، والصاع، والمُدِّ، والأوقات، وعدم أخذ الزكاة من الخضراوات.

وقال بعض المتأخرين من المالكية: والصحيح عندنا جزمًا: أنه لا فرق في مسائل الاجتهاد بينهم وبين غيرهم من العلماء، ولم يقم دليل على عصمة بعض الأئمة.

نعم؛ ما طريقه النقل، إذا عدم اتصاله، وعدم تغييره، واقتضته العادة من صاحب الشرع، ولو بالتقرير عليه؛ فالاستدلال به قوي، يرجع إلى أمر عادي به؛ كحكمه في إفراده الإقامة، وتثنية الأذان: أن الأذان لإعلام العامة؛ فيثنى؛ ليكون أبلغ في إعلامهم، والإقامة للحاضرين؛ فلا حاجة إلى تكرارها.

ولهذا قال العلماء: يكون رفع الصوت في الإقامة دون الأذان، وإنما كرر لفظ الإقامة خاصة؛ لأنه مقصودها، فإن قيل: إن المختار: الإقامة إحدى عشرةَ كلمة، منها: الله أكبر، الله أكبر؛ أولًا، وآخرًا، وهذا تثنية؛ كما مر ذكره؟!

(1) رواه مسلم (378)، كتاب: الصلاة، باب: الأمر بشفع الأذان وإيتار الإقامة، والبخاري أيضًا (580)، كتاب: الأذان، باب: الأذان مثنى مثنى.

ص: 374

فالجواب: أنه وإن كان صورة تثنية؛ فهو بالنسبة إلى الأذان إفراد؛ ولهذا قال أصحاب الشافعي: يستحب للمؤذن أن يقول كل تكبيرتين بنفس واحد؛ فيقولهما في أوله، وفي آخره، كل منهما بنفس واحد، والله أعلم.

وفي حديث أنس هذا فوائد:

منها: قد يُستدل به على وجوب الأذان؛ من حيث إنه إذا أمر بالوصف، لزم أن يكون الأصل مأمورًا به؛ فظاهر الأمر للوجوب؛ وهذه مسألة اختلف فيها: والمشهور: أن الأذان والإقامة سنتان.

وقيل: فرضان على الكفاية؛ وهو قول الإِصطخري من أصحاب الشافعي، وقد يكون له متمسك بهذا الحديث.

وفيه: أن الأذان يُشفع؛ لكن اختلف العلماء، في كيفية كونه شفعًا:

فقال الشافعي، وأبو حنيفة، وأحمد، وجمهور العلماء: بالتربيع في التكبير فيه.

وقال مالك: بالتثنية.

ولا شك أن التربيع ثابت في "صحيح مسلم"؛ من حديث أبي محذورة (1)، مع اختلاف فيه بين التثنية والتربيع، وكذلك اختلف فيهما عن عبد الله بن زيد، لكن المشهور فيه التربيع عنه؛ وهي زيادة من الثقة، وهي مقبولة؛ وبها عمل أهل مكة في المواسم؛ وهو مجمع المسلمين، ولم ينكرها أحد من الصحابة، وغيرهم.

وقيل لأحمد بن حنبل -وكان يأخذ بأذان بلال-: أليس أذانُ أبي محذورة بعدَ أذان بلال؟ فقال: أليس لما عاد النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، أقر أذان بلال على حاله! والله أعلم (2).

وفيه: أن الإقامة وتر، واختلف العلماء في كيفيتها:

(1) رواه مسلم (379)، كتاب: الصلاة، باب: صفة الأذان.

(2)

انظر: "معالم السنن" للخطابي (1/ 276).

ص: 375