الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفيه: الحث البليغ على حضور الجماعة في المسجد؛ في العشاء، والفجر.
وفيه: تسمية صلاة الصبح بصلاة الفجر.
وفيه: أن الإمام إذا عرض له شغلٌ، يستخلفُ مَنْ يصلي بالناس؛ لقوله:"آمرَ بالصلاةِ، فَتُقام، ثم آمرَ رجلًا، فيصلِّيَ بالناسِ".
وفيه: جواز الانصراف بعد إقامة الصلاة؛ لعذر.
واستدل به بعضهم على جواز العقوبة بالمال؛ وهو مذهب مالك.
وفي قوله صلى الله عليه وسلم في بعض طرقه: "ثم يحرقَ بيوتٌ على مَنْ فيها" ما يدل على: أن تارك لصلاة متهاونًا يُقتل.
وفيه: جواز أخذِ أهل الجرائم على غِرَّة.
وفيه: أن الأفضلَ لأهل الأعذار تحمُّلُ المشقةِ في الإتيان إلى الجماعة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "لأتَوْهما، ولو حَبْوًا"، ومعلوم أن إتيان الصلاة حبوًا لا يكون إلا من عذر، والله أعلم.
* * *
الحديث الرابع
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ:"إذَا اسْتأذنَتْ أَحَدَكُم امْرَأتُهُ إلى المَسْجِدِ، فَلا يَمْنَعْهَا".
قالَ: فقالَ بلالُ بنُ عبدِ اللهِ: وَاللهِ لَنَمْنَعُهُنَّ، قَالَ: فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللهِ، فَسَبَّهُ سَبًّا سَيِّئًا ما سَمِعْتُهُ سَبَّهُ مِثْلَه قَطُّ، وقَالَ: أُخْبِرُكَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وتَقُولُ: واللهِ لَنَمْنَعُهُنَّ!! (1).
وفي لفظ: "لَا تَمْنَعُوا إمَاءَ اللهِ مَسَاجِدَ اللهِ"(2).
(1) رواه مسلم (442)، كتاب: الصلاة، باب: خروج النساء إلى المساجد إذا لم يترتب عليه فتنة، وأنها لا تخرج مطيبة.
(2)
رواه البخاري (858)، كتاب: الجمعة، باب: هل على من لم يشهد الجمعة غُسل من النساء =
أما عبد الله بن عمر؛ فتقدم ذكره.
وأما بِلالُ بنُ عبدِ الله:
فهو ابنُ عبد الله بن عمر، راوي الحديث؛ تابعيٌّ مدنيٌّ ثقةٌ، روى له مسلم (1).
وقولُه صلى الله عليه وسلم: "إذا استأذنتْ أحدَكم امرأتُه إلى المسجد، فلا يمنعْها":
مقتضى عدم المنع: الإباحةُ لهن في الخروج إلى المساجد للصلاة.
ويلزم من النهي عن المنع، إذا طلبت ذلك: أنها كانت ممنوعة من الخروج من بيت الزوج لغير ذلك؛ لأنه لو كان جائزًا لها الخروج، لم يكن للنهي عن المنع من الخروج فائدة؛ لأنه إذا كانت الطاعات المشروعة مقيدة بالاستئذان، والإذن، فما ظنك بغيرها من أنواع الخروج؟!
ثم الحديث عامٌّ في النساء، لكنه ذكرهن في اللفظ الثاني في الحديث بقوله صلى الله عليه وسلم:"لا تمنعوا إماءَ اللهِ مساجدَ الله"؛ لأنه أوقع في السمع من التعبير بالنساء؛ لمناسبة الإضافة بين الإماء والمساجد؛ لقصد تشريف الطائع، ومحل الطاعة.
ثم اعلم: أن الفقهاء خصصوا هذا الحديث بأحاديث أخر، وجعلوها شروطًا للعمل به؛ لمفاسد طرأت؛ كما قالت عائشة رضي الله عنها في "الصحيح": لو رأى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ما أحدثَ النساءُ لمنعهنَّ المساجدَ؛ كما مُنعت نساء بني إسرائيلَ (2).
= والصبيان وغيرهم، ومسلم (442)، كتاب: الصلاة، باب: خروج النساء إلى المساجد إذا لم يترتب عليه فتنة.
(1)
وانظر ترجمته في: "التاريخ الكبير" للبخاري (2/ 107)، و"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (2/ 396)، و "الثقات" لابن حبان (4/ 65)، و "تهذيب الكمال" للمزي (4/ 296)، و"تهذيب التهذيب" لابن حجر (1/ 442).
(2)
رواه البخاري (831)، كتاب: صفة الصلاة، باب: انتظار الناس قيام الإمام العالم، ومسلم (445)، كتاب: الصلاة، باب: خروج النساء إلى المساجد إذا لم يترتب عليه فتنة.
فمن الشروط: أن لا يَتَطَيَّبْنَ؛ وهذا مذكور في بعض روايات هذا الحديث: "ولْيَخْرُجْنَ تَفِلاتٍ"(1)، وفي بعض الأحاديث:"إذا شهدتْ إحداكُنَّ العشاءَ، فلا تَطَيَّبْ تلكَ الليلةَ"(2)، وفي بعضها:"إذا شهدتْ إحداكنَّ المسجدَ، فلا تَمَسَّنَّ طيبًا"(3).
ويلحق بالطيب: ما في معناه؛ من البخور، وحسن الملابس، والحلي الذي يظهر أثره في الزينة؛ فإن منعَ الطيبِ لهن في الخروج؛ إنما هو: لدفع داعية الرجال، وشهوتهم، وربما يكون سببًا لتحريك شهوة المرأة أيضًا؛ وكذلك حكم كل خروج يؤدي بهن إلى مفسدة نهى الشرع عنها.
وخص بعضُهم قولَ عائشة في المنع من الخروج؛ للمرأة الجميلة المشهورة، وربما خصَّه بعضهم بالخروج بالليل؛ لرواية في "صحيح مسلم": "لا تمنعوا النساءَ من الخروج إلى المساجد بالليلِ؛ (4)؛ فالتقييد بالليل مشعر بما قال. ومما قيل في تخصيص الحديث: بأن لا يزاحمْنَ الرجال.
وكل ذلك من المنع خارج عن الحديث، خلا الطيب، وما في معناه؛ من الخلاخل التي يسمع صوتها، والأزر المفعقعة، والأحذية المصرصرة؛ التي توجبُ رفعَ الأبصار إليها بسببها، والافتتان بها، وكذلك ما يعرض لهن في الطريق من أهل الفساد والأذى.
وهذا النهي للتنزيه: إذا كانت ذات زوج، أو سيد، ووجدت الشروط؛ فإن لم يكن لها زوج، ولا سيد، حرم المنع، إذا وجدت الشروط.
(1) رواه أبو داود (565)، كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في خروج النساء إلى المسجد، والإمام أحمد في "المسند"(6/ 69)، عن عائشة رضي الله عنها.
(2)
رواه مسلم (443)، كتاب: الصلاة، باب: خروج النساء إلى المساجد إذا لم يترتب عليه فتنة، من حديث زينب الثقفية رضي الله عنها.
(3)
رواه مسلم (443)(1/ 328)، كتاب: الصلاة، باب: خروج النساء إلى المساجد إذا لم يترتب عليه فتنة، من حديث زينب الثقفية رضي الله عنها.
(4)
رواه مسلم (442)، كتاب: الصلاة، باب: خروج النساء إلى المساجد إذا لم يترتب عليه فتنة، عن ابن عمر رضي الله عنهما.