الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب القراءة في الصَّلاة
الحديث الأول
عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه: أَن رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: "لَا صَلَاةَ لِمَن لَم يَقرَأ بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ"(1).
أما عبادة بن الصَّامت:
فكنيته: أبو الوليد بنُ الصَّامت بنِ قيسِ بنِ أصرمَ بنِ فهرِ بنِ غنمِ بنِ سالمِ بنِ عوفِ بنِ عمرِو بنِ عوفِ بنِ الخزرج، أنصاريٌّ خزرجيٌّ سالميٌّ، وسالم يقال له: الحبلى؛ لعظم بطنه، ومن نسب إليه، يقال لهم: بنو الحبلى.
وعبادة: أحد النقباء ليلة العقبة؛ شهد العقبة الأولى، والثانية، وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه، وبين مَرْثَدِ الغَنَويِّ، وشهد بدرًا، والمشاهدَ كلَّها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشهد بيعةَ الرضوان، ثم وجهه عمرُ إلى الشام قاضيًا، ومعلمًا، فأقام بحمص، ثم انتقل إلى فلسطين؛ وهو أول من ولي القضاء بها في بيت المقدس.
روي له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: مئة وأحد وثمانون حديثًا؛ اتفق البُخاريّ ومسلم: على ستة أحاديث، وانفرد البخاري: بحديثين، ومسلم: بآخرين.
(1) رواه البُخاريّ (723)، كتاب: صفة الصَّلاة، باب: وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات كلها، ومسلم (394)، كتاب: الصَّلاة، باب: وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة.
روى عنه: أنس بن مالك، وجابر بن عبد الله، وفضالة بن عبيد، وشُرَحبيل بن حَسَنَةَ، وأبو أُمامة الباهلي، ورِفاعةُ بنُ رافع، ومحمودُ بن الرَّبيع، وبنوه: الوليدُ، وعبيد الله، وداود وبنو عبادة، وجماعة من التابعين المخضرمين، وغيرهم، روي له: أصحاب السنن والمساند.
مات عبادة: سنة أربع وثلاثين، ابنَ اثنتين وسبعين سنة، وقال أبو حاتم ابن حبان: ابن ثمانين سنة، واختلف في موضع دفنه، وموته؛ فالأكثر المشهور: أنه دفن ببيت المقدس؛ وهو مشهور بها، قريب من باب الرحمة، وزرته بها.
وقال أبو حاتم بن حبان: سكن الشام، ومات بالرملة، ودفن ببيت المقدس (1).
وأما فاتحة الكتاب: فلها ثلاثة أسماء معروفة:
فاتحةُ الكتاب: لأنَّ بها افتتح القرآن.
وأُمُّ القرآن، وأُمُّ الكتاب: لأنَّ أصل القرآن منها بدئ، وأُمُّ الشيءِ: أصلُه؛ ومنه سميت مكّة: أُمِّ القرى؛ لأنها أصلُ البلاد، دُحيت الأرض من تحتِها.
وقيل: لأنها مقدمة، وإمامٌ لما يتلوها من السور، يبدأ بكتابتها في المصحف، ويُقرأ بها في الصَّلاة.
والسبع المثاني: لأنها سبع آيات؛ باتفاق العلماء، وسميت مثاني؛ لأنها تثنى بها في الصَّلاة، وتقرأ في كل ركعة، وقال مجاهد: سميت مثاني؛ لأنَّ الله تعالى استثناها لهذه الأمة، وذخرها لهم (2)، وقد امتن الله تعالى على رسوله صلى الله عليه وسلم بها،
(1) وانظر ترجمته في: "الطبقات الكبرى" لابن سعد (3/ 546)، و "التاريخ الكبير" للبخاري (6/ 92)، و"الآحاد والمثاني" لابن أبي عاصم (3/ 429)، و"الثقات" لابن حبان (1/ 95)، و "المستدرك" للحاكم (3/ 398)، و"الاستيعاب" لابن عبد البر (2/ 807)، و "تاريخ دمشق" لابن عساكر (26/ 180)، و "أسد الغابة" لابن الأثير (3/ 158)، و "تهذيب الكمال" للمزي (14/ 183)، و "سير أعلام النبلاء" للذهبي (2/ 5)، و "الإصابة في تمييز الصحابة" لابن حجر (3/ 624)، و "تهذيب التهذيب" له أيضًا (5/ 97).
(2)
انظر: "الدر المنثور" للسيوطي (5/ 94).
فقال تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي} [الحجر: 87] والمراد بها: فاتحة الكتاب.
وقوله: "لا صلاةَ لمن لم يقرأْ بفاتحة الكتاب"؛ دليل على: وجوب قراءتها في الصَّلاة.
ووجه الاستدلال ظاهر، واعتقد بعض علماء الأصول الإجمال في مثل هذا اللفظ؛ لدورانه بين نفي الحقيقة، أو الكمال:
أما الحقيقة: فلا سبيل إليه؛ للزومه؛ ففي كل إضمار مجمل، وهو منتف؛ لأنَّ الإضمار إنَّما احتيج للضرورة إليه، وهي تندفع بإضمار فرد؛ فلا يحتاج إلى أكثر منه، وإضمار الكل يتناقض؛ فإن إضمار الكمال يقتضي: إثباتَ أصل الصحة، ونفيه تعارض الأصل، وليس واحد منهما بأولى من الآخر؛ فيتعين الإجمال.
وهذا إنَّما يتم؛ إذا حمل لفظ الصَّلاة، والصيام، وغيرهما؛ على غير عرف الشرع؛ أما إذا حمل على عرف الشرع، فيكون منتفيًا حقيقة، ولا يحتاج إلى الإضمار، والمؤدي إلى الإجمال؛ فإن ألفاظ الشارع محمولة على عرفه، في الغالب؛ لأنَّه المحتاج إليه، فإنّه بعث لبيان الشرعيات، لا لبيان موضوعات الألفاظ في اللغة.
ثم إن الصَّلاة اسم لمجموع الصَّلاة؛ التي تحريمها التكبير، وتحليلها التسليم؛ حقيقة، لا لكل ركعة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:"خمسُ صلواتٍ، كتبهنَّ اللهُ على العباد في اليومِ والليلة"(1)، فلو كان كل ركعة تسمى صلاة؛ لقال: سبع عشرة صلاة.
وقد يستدل بالحديث من يرى: وجوب قراءة الفاتحة، في كل ركعة؛ بناء
(1) رواه أبو داود (1420)، كتاب: الصَّلاة، باب: فيمن لم يوتر، والنَّسائيُّ (461)، كتاب: الصَّلاة، باب: المحافظة على الصلوات الخمس، والإمام مالك في "الموطأ"(1/ 123)، والإمام أحمد في "المسند"(5/ 315)، عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه.