الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الحادي عشر
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مالِكٍ ابْنِ بُحَيْنةَ رضي الله عنهم: أَن النبي صلى الله عليه وسلم كانَ إذا صلى "فَرَّجَ بَيْنَ يَدَيْهِ حَتى يَبْدُوَ بَياضُ إبْطَيْهِ"(1).
أما عبدُ الله بنُ مالكٍ ابْنُ بُحينةَ.
فكنيته أبو محمد، أسلم، وصحب النبي صلى الله عليه وسلم قديمًا، وكان ناسكًا فاضلًا يصوم الدهر.
* وأما أبوه مالك، فله صحبة، وكان حالفَ المطلبَ بنَ عبدِ مناف، فتزوج بُحينة، وهي ابنةُ الحارث بن المطلب، فولدت له عبد الله.
قال ابن سعد: واسمُها عبدة بنتُ الحارث، وهو الأرت، وأسلمت بحينة، وبايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأبو مالك: هو ابن القِشْب -بكسر القاف، وسكون الشين المعجمة، وآخره باء بواحدة -وهو جندب بن نضلةَ بنِ عبد الله بن رافع، أزديٌّ من أزد شنوءة، توفي عبد الله في آخر خلافة معاوية.
بُحينة -بضم الباء الموحدة، وفتح الحاء المهملة وسكون الياء المثناة، وفتح النون، ثم هاء التأنيث -هي أم عبد الله، وهو أحد المنسوبين إلى أمهاتهم.
وغلط بعضُهم فجعلها أمَّ مالك، وهو وهم، إنما هي امرأته أم عبد الله، فعلى هذا يقال: عبدُ الله بنُ مالكٍ -بالجر منونًا-، ويكون ابنُ بحينةَ صفةً لعبد الله، لا لمالك، فيرفع إن كان عبد الله مرفوعًا، ويجر إن كان مجرورًا، وينصب إن كان منصوبًا، ويكتب (ابن) بالألف؛ لأنه ليس بين علمين؛ فإنه لا يحسن حذفها عندَ الكتاب إلا إذا كانت بين علمين [وليست] صفة للأول، فإذا كانت بين علمين صفة للأول منهما؛ فلا بد من كتابته بالألف؛ تنبيهًا على ذلك؛ كعبد الله بن أُبي
(1) رواه البخاري (383)، كتاب: الصلاة، باب: يبدي ضبعيه ويجافي في السجود، ومسلم (495)، كتاب: الصلاة، باب: ما يجمع صفة الصلاة.
ابن سلول، والله أعلم، وكذلك كل ما أشبه ذلك، والله أعلم.
وأمَّا إذا كان بين علمين ليس الثاني منهما أبا للأول، بل أمه، فإنه لا يكتب بالألف، ولا ينصرف الثاني، فلا يجر ولا ينون، بل يكون مفتوحًا، ويكون الفتح علامة للجر، إلا إذا أضيف، فإنه يجر، ولا ينون؛ كمحمد بن حبيبَ صاحبِ كتاب "المحبر في المختلف والمؤتلف في قبائل العرب"، فإن حبيبَ أمه، فلا ينصرفُ؛ للتأنيث، والعلمية، ومثله محمد بن شرفَ القيرواني الشاعر المجيد، فإن شرفَ أمُّه، ولذلك نظائر كثيرة، والله أعلم.
روى البخاري ومسلم لعبد الله بن مالك ابن بحينة أربعة أحاديث.
روى عنه الأعرجُ، وحفص بن عاصم بنِ عمرَ بن الخطاب، وابنُه عليُّ بن عبد الله ابنِ بُحينةَ، وروى [له] أصحاب السنن والمساند، والله أعلم (1).
قوله: "فرّج بينَ يديه" بتشديد الراء؛ يعني: رفعَهما عن جنبيه حال وضع كفيه على الأرض وبعدَه، حتى يرفع من السجود، ويسميه الفقهاء: مجافاة المرفقين عن الجنبين، ويسمى -أيضًا-: تحوية.
وقوله: "حتى يبدو بياض إبطيه"؛ يعني: يبالغ في رفع مرفقيه وساعديه عن الأرض مبالغة بحيث يَرى الأجنبي بياضَ إبطيه لشدة رفعهما، والمعنى فيه:
(1) وانظر ترجمته في: "التاريخ الكبير" للبخاري (5/ 10)، و"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (5/ 150)، و"الآحاد والمثاني" لابن أبي عاصم (2/ 156)، و"الثقات" لابن حبَّان (3/ 216)، و"المستدرك" للحاكم (3/ 486)، و"أسد الغابة" لابن الأثير (3/ 372)، و"تهذيب الكمال" للمزي (27/ 124)، و"الإصابة في تمييز الصحابة" لابن حجر (5/ 712)، و"تهذيب التهذيب" له أيضًا (5/ 333).
قلت: وما ذكره المؤلف رحمه الله من أعلام نسبت إلى أمهاتها، فلعله استفاده من شيخه النووي، في "تهذيب الأسماء واللغات"(1/ 104)، فقد ذكر فصلًا قال في أوله: يقال لمحمد هذا: ابن الحنفية، ويقال: محمد بن علي ويقال: محمَّد بن علي ابن الحنفية فينسب إلى أبيه وأمه جميعًا، فعلى هذا يشترط أن ينون علي، ويكتب ابن الحنفية بالألف، ويكون إعرابه إعراب محمد؛ لأنه وصف لمحمد، لا لعلي، ولهذا نظائر، وقد أفردتها في جزء منها: عبد الله بن مالك ابن بحينة، مالك أبوه، وبحينة أمه،. . . . إلى آخر كلامه رحمه الله.