الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ليس في قراءته صلى الله عليه وسلم السورةَ مع الفاتحة هنا، إلَّا مجردُ فعل؛ فافترقا.
ومنها: جواز إضافة تسمية الصَّلاة إلى وقتها.
ثم أعلم: أنه ليس في هذا الحديث تعرضٌ لتطويل الصَّلاة بالقراءة، ولا قصرها، وقد ثبت في الصحيح بيان ذلك، وسيأتي -إن شاء الله تعالى-، والله أعلم.
* * *
الحديث الثالث
عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ رضي الله عنه قَال: "سَمِعْتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأ فِي المَغْرِبِ بالطُّورِ"(1).
أما جبيرُ بن مطعم رضي الله عنه:
فكنيته: أبو محمد، ويقال: أبو عَدِي؛ وهو ابنُ مُطْعِمِ بنِ عَدِيّ بنِ نوفلِ بنِ عبدِ منافِ بنِ قُصيٍّ، القرشيُّ المدنيُّ.
قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة؛ وهو مشرك، في فداء أسارى بدر، ثم أسلم بعد ذلك، قبل عام خيبر، وقيل: أسلم يوم الفتح، وكان من حكماء قريش وساداتهم.
وهذا الحديث ممَّا سمعه جبير من النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم حال قدومه؛ وهو مشرك، في فداء الأسارى، لا بعد إسلامه؛ وذلك دليل على: صحة التحمل قبل الإسلام، والأداء بعده، ولا خلاف فيه.
روي لجبير عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ستون حديثًا، اتفقا على: ستة، وانفرد البُخاريّ: بحديث (2)، ومسلم: بآخر.
(1) رواه البُخاريّ (731)، كتاب: صفة الصَّلاة، باب: الجهر في المغرب، ومسلم (463)، كتاب: الصَّلاة، باب: القراءة في الصبح.
(2)
الذي في "تهذيب الأسماء واللغات" للنووي (1/ 153)، وعنه نقل المؤلف رحمه الله معظم =
روى عنه من الصحابة: سليمانُ بن صرد، وجماعةٌ من التابعين، وابناه: محمد، ونافع، ورى له: أصحاب السنن والمساند.
مات بالمدينة، سنة أربع، وقيل: سبع، وقيل: تسع وخمسين، وكان يؤخذ عنه النسب (1).
أما المغرب: فقد وصفها الشرع بوتر النهار؛ لكونها ثلاثية، لا لكونها تصلى في آخر وقت النهار؛ فإنها تصلى في أول الليل بعد غروب الشمس وطلوع الليل من المشرق، وبعد غروب الشمس؛ سميت مغربًا.
وأما قراءته صلى الله عليه وسلم فيها بالطُّور: فمعناه: في الركعتين الأوليين التي يجهر فيهما بالقراءة، لا في الثالثة منها، والذي استقر عليه العمل عند الفقهاء: تقصيرُ الصَّلاة فيها، وهذا الحديث يخالفه؛ فإن الطور من أوساط سور القراءة في الصَّلاة؛ ومثلُها مشروع في العصر، والعشاء، لا في المغرب؛ وكذلك ما ثبت في قراءته صلى الله عليه وسلم في المغرب بالأعراف.
فإما أن يحمل الحديثان على: رجحان قراءتهما في المغرب؛ فتقتضيان الاستحباب، أو على: بيان جوازهما، والأفضل: ما استقر عليه العمل من تقصير القراءة؛ لكونهما غير متكرر قراءتهما، فيدلان على الجواز، لا على رجحانهما، وفرق بين كون الشيء مستحبًا، وبين كونه مكروهًا.
كيف وقراءته صلى الله عليه وسلم في المغرب بالطُّور متقدمًا؟! فإنّه عقب غزوة بدر؛ وهي متقدمة، فإن ذلك في آخر السنة الثَّانية من الهجرة.
قال شيخنا أبو الفتح بن دقيق العيد رحمه الله: والصحيح عندنا: أن ما صح من ذلك، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم؛ ممَّا لم تكثر مواظبته عليه؛ فهو جائز من غير
= هذه الترجمة: "اتفق البُخاريّ ومسلم على ستة، وانفرد البُخاريّ بثلاثة، ومسلم بحديث".
(1)
وانظر ترجمته في: "التاريخ الكبير" للبخاري (2/ 223)، و"الثقات" لابن حبان (3/ 50)، و "تهذيب الأسماء واللغات" للنووي (1/ 153)، و"تهذيب الكمال" للمزي (4/ 506)، و "سير أعلام النبلاء" للذهبي (3/ 95)، و "الإصابة في تمييز الصحابة" لابن حجر (1/ 462)، و"تهذيب التهذيب" له أيضًا (2/ 56).