الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثاني: أن الولاية تنتقل إلى الأبعد وهو الصحيح من مذهب الحنابلة (1)؛ لأنه تعذر التزويج من جهة الأقرب فملكه الأبعد كما لو جن، ولأنه يفسق بالعضل فتنتقل الولاية عنه كما لو شرب الخمر.
وقالوا: إن عضل الأولياء كلهم زوج الحاكم وعليه حملوا حديث: "السلطان ولي من لا ولي له"؛ لأن المسألة فيمن لها أكثر من ولي غير العاضل، ولأن قوله:"فإن اشتجروا" ضمير جمع يتناول الكل.
التوكيل في النكاح:
التوكيل هو تفويض شخص ما له فعله مما يقبل النيابة إلى غيره ليفعله في حياته (2). ولا خلاف بين الفقهاء أن النكاح كما ينعقد بالأصالة ينعقد بالوكالة (3)؛ لأن تصرف الوكيل كتصرف الموكل. والأصل في جوازه ما روي عن أم حبيبة رضي الله عنها "أنها كانت تحت عبيد الله بن جحش فمات بأرض الحبشة فزوجها النجاشي النبي صلى الله عليه وسلم وأمهرها عنه أربعة آلاف وبعث بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مع شرحبيل بن حسنة" رواه أبو داود والنسائيُّ (4). قال الكاساني: فلا يخلو ذلك إما أن يكون فعله بأمر النبي صلى الله عليه وسلم أو لا، فإن فعله بأمره فهو وكيله في ذلك، وإن فعله بغير أمره فقد أجاز النبي صلى الله عليه وسلم عقده والإجازة اللاحقة كالوكالة السابقة (5).
(1) الإنصاف (8/ 75)، كشاف القناع (5/ 54).
(2)
مغني المحتاج (2/ 217).
(3)
بدائع الصنائع (2/ 231)، المغني (7/ 352).
(4)
أبو داود برقم (2107)، والنسائيُّ برقم (3350)، والدارقطنيُّ (3/ 246)، والحاكم [2/ 198 (2741)]، والبيهقيُّ (7/ 139). قال الحاكم عقبه:"صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه".
(5)
بدائع الصنائع (2/ 231).
وإذا ثبت ذلك فيشترط في الوكيل شروط الوكالة العامة، ويشترط جمهور الفقهاء من الشافعية والمالكية والحنابلة (1) أن لا يكون محُرِمًا هو وموكله لما تقدم من حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا ينكح المحرم ولا ينكح ولا يخطب" رواه مسلم. ولا يشترط ذلك عند الحنفية حملًا للنهي على الوطء دون العقد (2).
وقد أفتت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في السعودية بجواز التوكيل في الزواج في فتواها رقم (4883)، ورقم (1007) وغيرهما (3).
وهل يجوز أن يوكل الولي امرأة في عقد النكاح؟ اختلف الفقهاء في ذلك على قولين:
الأول: لا يجوز توكيلها وهو مذهب الشافعية والمذهب عند الحنابلة والمالكية (4)؛ لأنها لا تزوج نفسها فلا يجوز أن تكون وكيلًا عن غيرها ،ولحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تزوج المرأة المرأة ولا تزوج المرأة نفسها وكنا نقول إن التي تزوج نفسها هي الفاجرة"(5).
(1) الكافي لابن عبد البر (1/ 144)، والتمهيد للمؤلف نفسه (3/ 156)، قوانين الأحكام الشرعية (ص: 92)، المهذب (2/ 210)، مغني المحتاج (2/ 217)، المغني (7/ 578)، كشاف القناع (2/ 441).
(2)
المبسوط (4/ 191)، الهداية شرح بداية المبتدي (1/ 193)، البحر الرائق (3/ 111).
(3)
18/ 149 ، 156.
(4)
التمهيد لابن عبد البر (19/ 84)، مغني المحتاج (3/ 147)، المغني (7/ 337)، الإنصاف (8/ 66).
(5)
رواه ابن ماجه برقم (1882)، والدارقطنيُّ (2/ 277)، قال ابن الملقن في الخلاصة (2/ 187)"رواه ابن ماجه من رواية أبي هريرة كذلك بسند ضعيف والدارقطنيُّ بإسناد على شرط مسلم".