الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من غير واحد (1). وعن عطاء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يأخذ من المختلعة أكثر مما أعطاها"(2). قالوا: وإن كانت هذه الرواية مرسلة فهي حجة لا سيما وقد اعتضدت بطرق أخرى.
ويحرم الأخذ مطلقًا إن كان النشوز من قبل الزوج ودليل ذلك قوله تعالى: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا} (3). وقوله تعال: {وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} (4)، ولأن النشوز إذا كان من قبل الزوج كانت هي مجبرة في دفع المال؛ لأن الظاهر أنها مع رغبتها في الزوج لا تعطي إلا إذا كانت مضطرة من جهته بأسباب أو مغترة بأنواع التغرير والتزوير، ولأنه أوحشها بالفراق فلا يزيد إيحاشها بأخذ مالها.
هل الخلع يحتاج إلى حكم القاضي أم لا
؟
جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة على أن الخلع لا يحتاج إلى حكم القاضي أو السلطان (5)، بل نقل البعض الإجماع على ذلك وأنه لم يخالف فيه إلا الحسن وابن سيرين (6)؛ لقوله تعالى:{فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} (7)، وقوله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا
(1) رواه عبد الرزاق (6/ 502)، والدارقطنيُّ (3/ 255).
(2)
رواه سعيد بن منصور [1/ 378 (1428)]، وأبو داود في المراسيل (ص: 201) (238)، الدارقطني (3/ 255). قال أبو داود عقبه:"قال وكيع: سألت ابن جريج عنه فأنكره".
(3)
سورة النساء: 20.
(4)
سورة النساء: 19.
(5)
المبسوط (6/ 173)، بدائع الصنائع (3/ 145)، حاشية الدسوقي (2/ 347)، المهذب (2/ 92)، فتح الباري (9/ 396)، المغني لابن قدامة (8/ 174)، كشاف القناع (5/ 213).
(6)
الإجماع لابن المنذر (ص: 83)، مراتب الإجماع (ص: 75)، أحكام القرآن للجصاص (2/ 95).
(7)
سورة البقرة: 229.
حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا} (1)، حيث جعل الخوف لغير الزوجين ولم يقل إن خافا فاحتاج إلى حكم القاضي.
وحجة الجمهور أن ذلك مروي عن عمر وعثمان وغيرهما (2)، ولأنه عقد معاوضة فلم يفتقر إلى السلطان كالبيع والنكاح، ولأنه قطع عقد بالتراضي أشبه الإقالة.
وإذا ثبت هذا فقد تطلب الزوجة الخلع مع توافر دواعيه كبغضها الشديد للزوج وكراهة البقاء معه، وخوفها من الوقوع في المعصية بعدم الطاعة ونحو ذلك فيوافق الزوج ثم ينكر وحينئذ تكون مسألة نزاع بينهما ومرد ذلك إلى القاضي ليفصل فيه، ومثل ذلك ما لو طلبت منه فرفض، وهذا ما أفتت به اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في السعودية في فتواها رقم (8990)(3).
(1) سورة النساء: 35.
(2)
أما خبر عمر فقد ذكره البخاري تعليقا (5/ 2021)، ورواه عبد الرزاق [6/ 494 (11810)]، وسعيد بن منصور [1/ 377 (1423)، من طريق الثوري عن عبد الله بن شهاب الخولاني أن عمر ابن الخطاب رفعت إليه امرأة اختلعت من زوجها بألف درهم فأجاز ذلك وقال:"هذه امرأة ابتاعت نفسها من زوجها ابتياعا". ورواه ابن أبي شيبة [4/ 120 (18468)، من طريق وكيع عن شعبة عن الحكم عن خيثمة قال:"أتى بشير بن مروان في خلع كان بين رجل وامرأة فلم يجزه فقال له عبد الله بن شهاب الخولاني شهدت عمر بن الخطاب أتي في خلع كان بين رجل وامرأته فأجازه".
وأما خبر عثمان فرواه عبد الرزاق [6/ 495 (11812)]، وأبي شيبة [4/ 120 (18470)] عن نافع عن الربيع بنت معوذ بن عفراء "أن عمها خلعها من زوجها وكان يشرب الخمر دون عثمان فأجاز ذلك عثمان"، وفي رواية عند عبد الرزاق [6/ 495 (11811)] عن الربيع قالت:"اختلعت من زوجي ثم ندمت فرفع ذلك إلى عثمان فأجازه". وانظر: تغليق التعليق (4/ 459 - 460).
(3)
19/ 411.