الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ستة أشهر لم يلحق الزوج نسبه؛ لأنها أتت به بعد الحكم بانقضاء عدتها في وقت يمكن أن لا يكون منه فلم يلحقه كما لو انقضت عدتها بالحمل (1).
حكم لحوق النسب بالقيافة:
اختلف الفقهاء في لحوق النسب بالقيافة على قولين:
الأول: جواز لحوق النسب بالقيافة عند التنازع وعدم الدليل، أو عند تعارض الأدلة وعدم وجود ما هو أقوى منها وهو مذهب الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة (2)، على أنهم اختلفوا في تفاصيل ذلك.
واستدلوا بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتبرها في نسب زيد بن حارثة فعن عائشة رضي الله تعالى عنها: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم وهو مسرور فقال: "يا عائشة ألم تري أن مجززا المدلجي دخل فرأى أسامة وزيدا وعليهما قطيفة قد غطيا رؤوسهما وبدت أقدامهما فقال: إن هذه الأقدام بعضها من بعض"(3) متفق عليه.
وجه الاستدلال أن النبي صلى الله عليه وسلم سر بذلك ولا يسر صلى الله عليه وسلم بباطل.
وكذلك حديث عائشة رضي الله عنها: أن امرأة قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: هل تغتسل المرأة إذا احتلمت وأبصرت الماء؟ فقال: "نعم"، فقالت لها عائشة: تربت يداك وأُلَّتْ (4)، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "دعيها، وهل يكون الشبه إلا من قبل ذلك، إذا
(1) الإنصاف (9/ 258 - 259)، كشاف القناع (5/ 405 - 406).
(2)
الفروق للقرافي (3/ 125)، الأم (6/ 266، 265)، مغني المحتاج (4/ 489)، الطرق الحكمية (ص: 10).
(3)
صحيح البخاري برقم (3362، و 6388، و 6389) وصحيح مسلم برقم (1459).
(4)
قال النووي في شرح مسلم (3/ 225): "تربت يداك هو بضم الهمزة وألت هو بضم الهمزة وفتح اللام المشددة وإسكان التاء هكذا الرواية فيه ومعناه أصابتها الآلة بفتح الهمزة وتشديد اللام وهي الحربة".
على ماؤها ماء الرجل أشبه الولد أخواله وإذا على ماء الرجل ماءها أشبه أعمامه" (1) رواه مسلم.
وحديث أنس بن مالك أن أم سليم سألت نبي الله صلى الله عليه وسلم عن المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا رأت ذلك المرأة فلتغتسل"، فقالت أم سليم واستحييت من ذلك -قالت-: وهل يكون هذا؟ فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: "نعم، فمن أين يكون الشبه؟ إن ماء الرجل غليظ أبيض وماء المرأة رقيق أصفر فمن أيهما على أو سبق يكون منه الشبه"(2) رواه مسلم.
فقد دل الحديثان على أن مني المرأة ومني الرجل يحدث شبها في الولد بالأبوين فيأتي في الخلقة والأعضاء والمحاسن ما يدل على الأنساب.
ولأن الصحابة رضي الله عنهم عملوا بها في إثبات النسب عند التنازع فقد روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كان يلحق أولاد الجاهلية بمن ادعاهم في الإِسلام وكان يدعو القافة ويأخذ بقولهم واشتهر ذلك بين الصحابة من غير نكير. فعن سليمان بن يسار "أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يُلِيط (3) أولاد الجاهلية بمن ادعاهم في الإِسلام فأتى رجلان كلاهما يدعي ولد امرأة فدعا عمر بن الخطاب قائفًا فنظر إليهما فقال القائف: لقد اشتركا فيه، فضربه عمر بن الخطاب بالدرة ثم دعا المرأة فقال: أخبريني خبرك فقالت: كان هذا لأحد الرجلين يأتيني وهي في إبل لأهلها فلا يفارقها حتى يَظُنّ وتَظُنّ أنه قد استمر بها حبل، ثم انصرف عنها فأُهريقت عليه دماءٌ ثم خَلَفَ عليها هذا تعني الآخر فلا أدري من أيهما هو. قال:
(1) صحيح مسلم برقم (314).
(2)
صحيح مسلم برقم (311).
(3)
أي يلحقهم بهم من ألاطه بليطه إذا ألصقه به. النهاية في غريب الحديث (4/ 285).