الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مقدار العوض في الخلع:
اختلف الفقهاء في مقدار عوض الخلع هل يجوز أن يكون أكثر من صداق المرأة أم لا؟ على قولين:
القول الأول: أن الخلع يجوز بكل ما رضي به الطرفان من قليل أو كثير سواء كان مساويًا لصداق المرأة أو كان أقل منه أو أكثر، وإليه ذهب المالكية والشافعية (1).
واستدلوا بقوله تعالى: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} (2)، حيث رفع سبحانه الجناح عنهما في الأخذ والعطاء من الفداء من غير فصل بين ما إذا كان مهر المثل أو زيادة عليه فيجب العمل بإطلاق النص، ولأنها أعطت مال نفسها بطيبة من نفسها وقد قال الله تعالى:{فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} (3). ولما روي عن أبي سعيد الخدري قال: كانت أختي تحت رجل من الأنصار تزوجها على حديقة، فكان بينهما كلام فارتفعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال:"تردين عليه حديقته ويطلقك؟ " قالت: نعم وأزيده، قال:"ردي عليه حديقته وزيديه"(4). وما روي عن الربيع بنت معوذ قالت: "اختلعت فيما دون عقاص رأسي فأجاز ذلك عثمان"(5).
(1) المهذب (2/ 93)، روضة الطالبين (7/ 374)، فتح الباري (9/ 397)، بداية المجتهد (2/ 51)، تفسير القرطبي (3/ 140).
(2)
سورة البقرة: 229.
(3)
سورة النساء: 4.
(4)
رواه الدارقطني في سننه (3/ 254)، وقال ابن الجوزي في التحقيق (2/ 288):"هذا إسناد لا يصح".
(5)
أخرجه ابن الجعد (ص: 350)(2414)، والبيهقيُّ (7/ 315). قال الحافظ في تغليق التعليق (4/ 461):"إسناده حسن، وله شاهد في الموطأ".
وقد أفتت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في السعودية بجواز الزيادة في فتواها رقم (357)(1)، وكانت الزوجة هي الطالبة للخلع لعدم رضاها بالزوج.
القول الثاني: أن الخلع يكره بأكثر من صداق المرأة وهو مذهب الحنفية والحنابلة (2).
واستدلوا بحديث ابن عباس: أن جميلة بنت سلول أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: والله ما أعتب على ثابت في دين ولا خلق، ولكني أكره الكفر في الإسلام لا أطيقه بغضًا، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم:"أتردين عليه حديقته؟ " قالت: نعم، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأخذ منها حديقته ولا يزداد (3)، وما روي عن عطاء قال: جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تشكو زوجها فقال: "أتردين عليه حديقته التي أصدقك؟ " قالت: نعم وزيادة، قال:"أما الزيادة فلا"(4)، وعن أبي الزبير أن ثابت بن قيس بن شماس كانت عنده زينب بنت عبد الله بن أبي بن سلول وكان أصدقها حديقة فكرهته فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"أتردين عليه حديقته التي أعطاك؟ " قالت: نعم وزيادة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أما الزيادة فلا ولكن حديقته" قالت: نعم فأخذها له وخلا سبيلها فلما بلغ ذلك ثابت بن قيس قال: قد قبلت قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعه أبو الزبير
(1) 19/ 408.
(2)
مختصر اختلاف العلماء للرازي (2/ 464)، بدائع الصنائع (3/ 150)، الهداية شرح بداية المبتدي (1/ 79)، شرح فتح القدير (4/ 215)، البحر الرائق (4/ 82 - 83)، المغني (8/ 175)، الإنصاف (22/ 45)، كشاف القناع (5/ 213).
(3)
رواه ابن ماجه في سننه [1/ 663 (2056)]، وصححه ابن حجر في الدراية (2/ 75)، وأصله في البخاري بدون الزيادة.
(4)
أخرجه الدارقطني في سننه (3/ 321) عن غندر عن ابن جريج به وقال: "خالفه الوليد عن ابن جريج أسنده عن عطاء عن ابن عباس والمرسل أصح".