الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على أن من طلق بهذه الصورة مصيب للسنة ومطلق للعدة التي أمر الله بها (1). ودليله قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ} (2). فقد بين ذلك النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر أنه طلق امرأته وهي حائض فسأل عمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مره فليراجعها ثم ليتركها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم إن شاء أمسك بعد وإن شاء طلق قبل أن يمس فتلك العدة التي أمر الله أن يطلق لها النساء".
الطلاق البدعي:
وهو ما خالف شرع الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وهو نوعان:
أحدهما: ما خالف الشرع من حيث توقيته وذلك بأن يطلق الرجل المرأة وهي حائض أو نفساء أو في طهر أصابها فيه. ولا خلاف أن مثل هذا الطلاق مكروه وفاعله عاص لله عز وجل إن كان عالمًا بالنهي عنه (3). ووقوع الطلاق في هذه الحالة هو قول عامة أهل العلم (4). لحديث ابن عمر: "مره فليراجعها" إذ أن الرجعة لا تكون إلا بعد وقوع الطلاق، ولأنه طلاق من مكلف في محل الطلاق فوقع كطلاق الحامل، ولأنه ليس بقربة فيعتبر لوقوعه موافقة السنة بل هي إزالة عصمة وقطع ملك فإيقاعه في زمن البدعة أولى تغليظًا عليه وعقوبة له (5).
(1) الإجماع لابن المنذر (ص: 79)، مراتب الإجماع لابن حزم (ص: 71)، بداية المجتهد (2/ 74)، المغني مع الشرح الكبير (8/ 236).
(2)
سورة الطلاق: 1.
(3)
التمهيد لابن عبد البر (15/ 57).
(4)
التمهيد لابن عبد البر (15/ 58 - 59)، بداية المجتهد (2/ 74، 76)، الإفصاع (2/ 148)، المغني (8/ 237).
(5)
المغني (8/ 238).
وقد صدرت فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في السعودية بعدم وقوع الطلاق في الحيض أو النفاس أو الطهر الذي جامع فيه في فتواها رقم (6542)، وفتواها رقم (9541)(1).
واختلف الفقهاء في حكم مراجعة الزوجة في هذه الحالة على قولين:
الأول: ذهب الحنفية والشافعية والحنابلة إلى استحباب مراجعتها؛ لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بمراجعتها كما في حديث ابن عمر، إذ أقل أحوال الأمر كما قالوا: الاستحباب، ولأنه بالرجعة يزيل المعنى الذي حرم من أجله الطلاق.
الثاني: ذهب بعض الحنفيه، والمالكية والظاهرية، والحنابلة في رواية إلى وجوب مراجعتها عملا بظاهر الأمر، ولأن بالرجعة يحصل استبقاء النكاح وهو هنا واجب بدليل تحريم الطلاق (2).
النوع الثاني: ما خالف الشرع من حيث العدد وهو الطلاق ثلاثًا بلفظ واحد، وقد اختلف الفقهاء فيما يقع بذلك على قولين:
الأول: ذهب الجمهور من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة إلى أن الذي يقع به هو ثلاث طلقات.
الثاني: ذهب بعض الفقهاء إلى أن الذي يقع به طلقة واحدة وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم (3).
(1) 20/ 58.
(2)
شرح فتح القدير (3/ 481)، البحر الرائق (3/ 260)، بداية المجتهد (2/ 76)، المهذب (2/ 79)، مغني المحتاج (3/ 309)، المغني (8/ 238)، كشاف القناع (5/ 240).
(3)
بدائع الصنائع (3/ 109)، المنتقى للباجي (4/ 3)، روضة الطالبين (8/ 82)، الكافي لابن قدامة (3/ 179)، كشاف (5/ 261)، مجموع الفتاوى (33/ 67، 71)، إعلام الموقعين (3/ 31).